Les Couleurs et les Réactions Humaines
الألوان والاستجابات البشرية
Genres
وعلى الرغم من أن الحيوانات المحبوسة في أقفاص محمية من المفترسات وأعدائها الطبيعيين يمكن أن تعيش حياة مريحة آمنة، فإنها نادرا ما تجد السعادة. إن الحبس والرتابة قد يدفعان الحيوان إلى سلوكيات عديدة مثل: تجويع نفسه، والإفراط في الطعام، ورفض التناسل، وتدمير نوعه أو الأنواع الأخرى. وقد لوحظ أن القردة تصاب بالانطواء على النفس على غرار مرضى الفصام عند تركها بمفردها أو إحاطتها بحوائط صماء. وقد تصاب الحيوانات الأخرى بحالة سبات تودي بها. وتبني حدائق الحيوان على نحو سريع بيئات أفضل وأكثر اتساعا محققة نتائج رائعة. وحاليا تولد جراء لحيوانات رفضت في السابق التزاوج في أقفاص أكثر تقشفا، كما يتزايد معدل عمر هذه الحيوانات. ولا شك أننا نكتسب دروسا مهمة من أجل المستقبل عندما يصبح الإنسان أيضا مخلوقا محبوسا لا يحتاج فحسب إلى النوعية المناسبة من الطعام والضوء والتمارين، بل يحتاج أيضا إلى مناظر وألوان بصرية مبهجة لتساعده على الحفاظ على طبيعته العقلانية.
وعن أثر الضوء والإضاءة، يروي جون أوط تجربة حدثت في حديقة حيوان بيرنيت في سيراكيوز بولاية نيويورك. فمن أجل حماية الحديقة من التخريب قاموا بتركيب مصابيح الضوء الغامر. والنتيجة؟ جاء الربيع! «لقد تحولت حديقة الحيوان إلى مستشفى ولادة حقيقي. وقع زوج الأسود الأمريكية في الحب مجددا وأنجبا الشبل الرابع، وجمعنا خمس بيضات أوز، وولد ثمانية حملان على الأقل، وزاد عدد الأيائل بمعدل عشرين أيلا، وولدت الدبة بيج ليزي دبا صغيرا، وأنجبت أنثى كنغر الولب كنغرا صغيرا جديدا، وتنتظر أنثى الشمبانزي ولادة وليدها في أغسطس.»
كان لإضاءة الطيف الكامل المتوازن آثار مميزة. وقد تحدث جوزيف لاسلو؛ أحد العاملين في حدائق هيوستن للحيوان في تكساس، عن أثر ضوء الفلورسنت ذي الطيف الكامل على الزواحف والبرمائيات. وجد لاسلو أن بعض الثعابين والسحالي مدة حياتها قصيرة، فشك في أن قلة التعرض لضوء الشمس كانت مؤذية لهذه الحيوانات، فركب أنابيب فلورية تشع ضوءا جيدا يتضمن كل ألوان الطيف، وفيها قدر قليل من الأشعة فوق البنفسجية (كانت الأنابيب من نوعية فيتا لايت المصنوعة من قبل شركة دورو تيست كوربوريشن بولاية نيو جيرسي)، وسرعان ما لاحظ أن الحيوانات أصبحت أكثر نشاطا؛ فبعض الثعابين التي كانت لا تأكل منذ فترة طويلة تناولت الطعام، وأحد الحيوانات الذي كان قد رفض تناول الطعام استعاد شهيته بعد أقل من أسبوعين. ويعلق لاسلو قائلا: «نتيجة لهذه الاختبارات والتجارب، استنتجنا أن الإشعاع وشدة الإشعاع الصادرين عن مصباح طيف مرئي غير مشتت قد يكونان أكثر أهمية للحفاظ على هذه العينة من الحيوانات وغيرها، على نحو أكبر من أهمية مصباح الأشعة فوق البنفسجية ذات الموجات المتوسطة والطويلة فحسب، أو المصباح الذي يجمع ما بين الأشعة فوق البنفسجية والطيف المرئي المشتت.» (2) الحرمان الحسي في البشر
إن الحرمان الحسي موضوع مثير، ونظرا لتزايد وجود الإنسان داخل بيئات صناعية، يوجه علماء الفسيولوجيا والأطباء النفسيون وعلماء النفس انتباههم إلى دراسة تأثيرات العزلة، فكتبوا الكتب وعقدوا المؤتمرات حول هذا الأمر. لقد كانت العزلة معاناة عايشتها قديما الحيوانات المحبوسة في أقفاص، والمساجين في الحبس الانفرادي، وكذلك من تعرضوا «للتجنب» في بعض الطوائف الدينية، وأيضا من تعرضوا للطقوس المهينة التي يعاقب فيها الأفراد بتجاهلهم، وكذلك عايشها النساك والرهبان في عاداتهم. وفي المجتمع المعاصر، قد تكون العزلة سمة لدى الأشخاص المحددة إقامتهم في المستشفيات بسبب إصابتهم بكسور في العظام أو نوبات قلبية، وأيضا لدى المجانين، وكبار السن، ورواد الفضاء، والغواصين، والطيارين، والعاملين على ماكينات آلية. كتب آر إل جريجوري فقال: «يبدو أنه في غياب التحفيز الحسي، يمكن أن يطلق العقل لخياله العنان وينتج تخيلات قد تسيطر عليه.»
يعتمد غسيل الدماغ إلى حد ما على العزلة الإجبارية التي تميل إلى كسر الروح المعنوية. ومن الغريب أن آثار العزلة قد تشبه في بعض الأحيان آثارا تعقب تعاطي عقاقير الهلوسة. قال ثلاثة علماء كنديين؛ هم: وودبيرن هيرون، وبي كيه دوان، وتي إتش سكوت: «من غير المحتمل أن تكون الآثار الملاحظة عقب العزلة يمكن عزوها فحسب إلى نسيان العادات الإدراكية خلال فترة العزلة؛ فهذه الآثار يبدو أنها تشبه إلى حد ما الآثار التي وصف حدوثها بعد تعاطي بعض العقاقير (مثل المسكالين وحمض الليسرجيك)، وبعد الإصابة بأنواع معينة من التلف الدماغي. وعندما نتأمل أيضا الاضطرابات التي تحدث أثناء العزلة (مثل نشاط الهلوسة الشديدة الوضوح)، يبدو أن تعريض الشخص لبيئة رتيبة حسيا يمكن أن يؤدي إلى اختلال وظيفة الدماغ على نحو يشبه ويعادل في القدر في بعض الأحيان ما تحدثه المخدرات أو أشكال تلف الدماغ.» ومن مظاهر اختلال وظائف الدماغ عدم القدرة على إدراك الألوان، والإصابة بهلوسة متعلقة بالألوان، وتشوه الصور الملونة. (2-1) اكتشافات كندية قديمة
أجريت دراسات مكثفة على الحرمان الحسي في كندا خلال خمسينيات القرن العشرين. وفي كتاب «سيكولوجية الإدراك»، وصف إم دي فيرنون عددا من الدراسات السريرية عن تأثيرات البيئة الرتيبة. وإليكم أحد هذه الأمثلة: «تحت إشراف هيب؛ عالم النفس بجامعة ماكجيل، أجريت تجارب لدراسة آثار ترك أشخاص لفترات تصل إلى خمسة أيام في بيئات متماثلة تماما وغير متغيرة. في غرفة صغيرة استلقوا على أحد الأسرة؛ لم يسمعوا شيئا سوى هدير الآلات الرتيب، وألبسوا نظارات شبه شفافة على أعينهم كي لا يستطيعوا رؤية شيء إلا ضوءا ضبابيا، وارتدوا أكماما طويلة تدلت مغطية أيديهم ومنعتهم من لمس أي شيء. بعض المراقبين كانوا قادرين على البقاء في مثل هذه البيئة على نحو مستمر لمدة خمسة أيام، والبعض الآخر لم يستطيعوا تحملها لأكثر من يومين.»
يعلق البروفيسور فيرنون قائلا إن الأشخاص الخاضعين للتجربة ناموا في البداية لفترات كثيرة وطويلة، لكنهم بعد اليوم الأول لم يستطيعوا إلا أن يناموا لفترات قصيرة. أصبحوا يشعرون بالملل والاضطراب وغير قادرين على التركيز. ويقول: «في حقيقة الأمر، عند اختبار ذكائهم، وجدنا أنه تدهور. عانوا في أغلب الأوقات من هلوسات بصرية وسمعية. وعندما خرجوا من محبسهم، كان إدراكهم للبيئة المحيطة مختلا. كانت الأشياء تبدو لهم ضبابية وغير ثابتة؛ فالحواف المستقيمة، مثل حواف الجدران والأرضيات بدت منحنية، ولم تكن المسافات واضحة، وفي بعض الأحيان، كانت البيئة تتحرك وتلف حولهم؛ مما يسبب لهم الدوار.» هذا يشير بالتأكيد إلى الحاجة إلى تعرض معقول للألوان ولغيره من الأحاسيس في البيئة، كما يشير أيضا إلى الحاجة إلى التنوع؛ فالأسطح الخالية من الألوان قد تبدو باهتة عند النظر إليها باستمرار، وحتى الألوان قد يبهت لونها ويتحول إلى الرمادي المحايد . ويبدو أن الرؤية تتدهور إن لم تستثر، وأن العقل نفسه يصاب بالبلادة. (2-2) حديثو الولادة ومرضى المستشفيات
يصف البروفيسور فيرنون دراسة أجراها إتش آر شيفر على أطفال حديثي الولادة تحت عمر سبعة الأشهر مكثوا في المستشفيات لفترات تتراوح ما بين أسبوع وأسبوعين. يقول شيفر إن بيئة المستشفى كانت رتيبة وتفتقر إلى التنوع. وعندما عاد هؤلاء الأطفال إلى منازلهم، استمروا في التحديق في الفراغ دون أن تظهر أي تعبيرات على وجوههم. واستمر هذا السلوك لعدة ساعات أو لعدة أيام.
وكتب هيربرت ليدرمان وزملاؤه من الباحثين عن مخاطر أخرى للعزلة متمحورة حول الرعاية الطبية. إن المستشفيات، بصفة خاصة، تحتاج إلى الألوان، بالإضافة إلى المبهجات الحسية الأخرى مثل الموسيقى والتليفزيون والزوار. وقد أجرى ليدرمان ومجموعته دراسة على متطوعين قيدوا حركتهم لمدة 36 ساعة بارتداء قناع التنفس الذي لم يستطيعوا رؤية شيء من خلاله سوى جزء صغير من السقف. تمكن خمسة أشخاص فقط من سبعة عشر شخصا من تحمل تقييد الحركة لمدة 36 ساعة كاملة؛ «قال الجميع إنهم وجدوا صعوبة في التركيز، وشعروا بالتوتر على نحو دوري، وفقدوا القدرة على تقدير الوقت، وقال ثمانية إنهم شهدوا تشوشا في الواقع يتراوح ما بين أوهام جسدية زائفة إلى هلوسات بصرية صريحة. أنهى أربعة أشخاص التجربة بسبب التوتر، واثنان من هؤلاء حاولوا تحرير أنفسهم عنوة من قناع التنفس.»
أما الأمر الوثيق الصلة في هذا الصدد فهو أن الأشخاص المضطربين عقليا أو المرضى، ناهيك عن العقلاء والأشخاص الحبيسي السكن في الشقق الضيقة، من المفترض في أغلب الأحيان أن يقضوا ساعات وأياما طويلة في أماكن ضيقة وباهتة. وإذا افترضنا أن إجراء عملية جراحية قد يشفي المرض الذي يعاني منه أحد الأشخاص، فماذا لو أدت حبسته إلى أمراض أخرى غير متوقعة؟ وكتب ليدرمان ومجموعته فقالوا: «إذا كان الأشخاص الطبيعيون من الممكن أن يصابوا بحالات تشبه أمراض الذهان ... فمن المحتمل بشدة إصابة المرضى، الذين ربما كانوا بالفعل على وشك الانهيار العقلي، بحالات اضطرابات نفسية تحت ضغط الحرمان الحسي. قد يكون الهذيان محدقا بالأشخاص الذين أنهكتهم الحمى، أو السمية، أو اضطرابات التمثيل الغذائي، أو أحد الأمراض الدماغية العضوية، أو أثر العقاقير، أو الإجهاد العاطفي الحاد؛ فيرجح الحرمان العاطفي كفته فيصابون بذلك الهذيان. وقد جمعنا أدلة سريرية على أن الحرمان الحسي قد يكون أحد العناصر المهمة المسببة للاضطرابات العقلية؛ بصفته أحد المضاعفات المصاحبة للعديد من الحالات الطبية والجراحية.» (2-3) السفر في الفضاء
Page inconnue