القراءات وأثرها في علوم العربية
القراءات وأثرها في علوم العربية
Maison d'édition
مكتبة الكليات الأزهرية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠٤ هـ - ١٩٨٤ م
Lieu d'édition
القاهرة
Genres
[المجلد الأول]
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله خالق الانسان ومعلمه البيان، ورافع شأن العقل فيه فجعله مناط الاساءة والاحسان.
سبحانه كرم الانسان وفضله على كثير من خلقه تفضيلا، وسخر له ما في السموات وما في الأرض من عوالم ملكه وملكوته، ليتخذ من ظواهر الطبيعة وعواملها معارج لرقيه وتقدمه.
والصلاة والسلام على نبينا «محمد» الذي جدد الله به رسالة السماء، وجعله خاتم الأنبياء فلا نبى بعده، ولا كتاب ينزل من السماء بعد الكتاب المنزل عليه.
وبعد: فمنذ ان منّ الله تعالى عليّ بحفاظ كتابه، وتعلم رسمه، وضبطه، ولغته، وما صح من قراءاته، وأنا أبذل قصارى جهدى في الاقتباس من معين «القرآن» الذي لا ينضب عطاؤه، ولا تنتهي فنونه وعلومه.
ولقد كان من نعم الله عليّ التي لا تحصى ان وفقنى لتصنيف الكثير في الكتب المتصلة بعلوم القرآن، وأحكامه، ولغته.
وكنت كلما صنفت كتابا تاقت نفسي، وانشرح صدري الى التفكير في وضع مصنف جديد خدمة لعلوم القرآن الكريم.
ومع ان المكتبة الاسلامية، والعربية حافلة بالمصنفات: المطولة، وغير المطولة، فإنني لم أقف، ولم أسمع ان أحدا صنف كتابا في «اشباه ونظائر تخريج قراءات القرآن».
ونظرا لتعلقى الشديد، وحبي العظيم لكل دراسة متّصلة بالقرآن الكريم، فقد استخرت الله في وضع مصنف أضمنه «الأشباه والنظائر في القراءات» ولما تحقق حسن نيتي، وصدق عزيمتي شرح الله صدري ووفقني لوضع كتابي هذا: «القراءات وأثرها في علوم العربية».
1 / 3
والله وحده هو الذي يعلم مقدار الجهد الذي بذلته من أجل إخراج هذا البحث، الذي مكثت فيه عدة سنوات، لأن طبيعته اقتضت ان اقوم بعمل استقراء تام لجميع الكلمات القرآنية التي ورد فيها اكثر من قراءة، ثم تخريج جميع هذه القراءات تخريجا لغويا، ثم تصنيفها تصنيفا علميا وفقا لما هو موضح في منهج البحث.
والقراءات التي جعلتها مادة هذا البحث هي: «القراءات العشر» من طريق النشر، لحجة القراء: «محمد بن محمد بن محمد بن علي يوسف المعروف بابن الجزري ت ٨٣٣ هـ» لذلك لا اكون مبالغا اذا قلت: ان هذا البحث لم يسبقني أحد إليه، لا من القدماء، ولا من المحدثين، فهو تصنيف جديد في منهجه لانه جمع بين النظائر المتشابهة في تخريج القراءات العشر المتواترة، فضم النظير الى نظيره، والشبيه الى شبيهه.
وبعد ان تم جمع المادة العلمية للبحث عرضتها على استاذ هذا الجيل، وحجة عصره، العالم اللغوى الكبير فضيلة الدكتور «عبد العظيم علي الشناوي» رئيس قسم اللغويات بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة فتفضل مشكورا بقراءتها كلمة كلمة واجازة طبعها ونشرها.
وعرفانا مني له بالجميل لا يسعني الا ان اسجل له خالص شكري وتقديري، واسأل الله ان يمد من اجله، وان يجزيه عني وعن «القرآن» ولغة العرب افضل الجزاء.
وختاما اسأل الله تعالى ان يوفقني دائما إلى خدمة كتابه، وان يجعلني من العاملين بأحكامه، المتمسكين بآدابه، وان يغفر لي ولوالدي ولكل من اسهم في اخراج هذا البحث، وان يجعله في صحائف اعمالي يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا، وصل اللهم على نبينا «محمد» وعلى آله وصحبه اجمعين، والحمد لله رب العالمين.
المدينة المنورة المؤلف غرة شهر رجب سنة ١٤٠٤ هـ خادم العلم والقرآن الموافق ٢ آبريل سنة ١٩٨٤ م المؤلف خادم العلم والقرآن د/ محمد محمد محمد سالم محيسن
1 / 4
منهج البحث
لقد اقتضت طبيعة البحث ان يكون في أحد عشر بابا تقفوها خاتمة مع وضع فهرس تحليلي لموضوعات البحث: واليك ابواب البحث:
الباب الاول: «القراءات» وفيه اربعة فصول:
الفصل الاول: نشأة القراءات الفصل الثاني: صلة القراءات العشر بالاحرف السبعة الفصل الثالث: المصادر التي اعتمد عليها «ابن الجزري» في تدوين القراءات الفصل الرابع: تاريخ القراء العشرة الباب الثاني: «اثر القراءات في اللهجات العربية القديمة» وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الاول: اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى الجانب الصوتي.
الفصل الثاني: اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى اصل الاشتقاق.
الفصل الثالث: اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى الجانب الصرفي.
الباب الثالث: «الالفاظ المعربة في القرآن».
الباب الرابع: «الجامد والمشتق».
وفيه أحد عشر فصلا:
الفصل الاول: الاسماء الجامدة.
الفصل الثاني: بين الماضي والامر.
الفصل الثالث: بين الماضي المبني للفاعل والمبني للمفعول.
الفصل الرابع: بين المضارع المبني للفاعل والمبني للمفعول.
الفصل الخامس: الأفعال التي يرجع الاختلاف فيها الى اصل الاشتقاق.
1 / 5
الفصل السادس: الأفعال التي يرجع الاختلاف فيها الى نوع الاشتقاق.
الفصل السابع: بين اسم الفاعل وامثلة المبالغة.
الفصل الثامن: بين اسم الفاعل والصفة المشبهة.
الفصل التاسع: بين اسم الفاعل واسم المفعول.
الفصل العاشر: بين صيغ مختلفة.
الفصل الحادي عشر: الميزان الصرفي.
الباب الخامس: «الحذف والذكر».
وفيه فصلان الفصل الاول: الحذف والذكر موافقة للرسم العثماني.
الفصل الثاني: الحذف والذكر لسبب من الأسباب.
الباب السادس: كسر همزة «ان» المشددة وفتحها.
الباب السابع: تذكير الفعل وتأنيثه.
الباب الثامن: من بلاغة القرآن «الالتفات».
وفيه فصلان الفصل الاول: الالتفات من الغيبة الى الخطاب، الالتفات من الخطاب الى الغيبة.
الفصل الثاني: الالتفات من الغيبة الى التكلم،
الالتفات من التكلم الى الغيبة، الالتفات من التكلم الى الخطاب.
الباب التاسع: «اسلوب الحمل في اللغة العربية» وفيه اربعة فصول:
الفصل الاول: الحمل على الغيبة.
الفصل الثاني: الحمل على الخطاب.
الفصل الثالث: الحمل على نون العظمة.
الفصل الرابع: الحمل على تاء المتكلم.
الباب العاشر: «اثر العامل النحوي».
الباب الحادي عشر: «صنعة الاعراب».
الخاتمة
1 / 6
الباب الأول «القراءات»
وقد أدت طبيعة البحث ان يكون هذا الباب في اربعة فصول:
الفصل الأول: نشأة القراءات.
الفصل الثاني: صلة القراءات العشر بالأحرف السبعة الفصل الثالث: المصادر التي اعتمد عليها «ابن الجزري» في تدوين القراءات الفصل الرابع: تاريخ القراء العشرة
1 / 7
الفصل الأول من الباب الأول «نشأة القراءات»
سأتحدث باذن الله تعالى في هذا الفصل عن عدة قضايا مهمة لها اتصال وثيق «بنشأة القراءات» مثل:
أ- تعريف القراءات ب- هل هناك فرق بين القرآن والقراءات؟
ج- الدليل على نزول القراءات د- بيان المراد من الأحرف السبعة هـ- السبب في تعدد القراءات وفوائد تعدد القراءات ز- متى نشأت القراءات؟
وسأتحدث باذن الله تعالى عن هذه القضايا حسب ترتيبها فأقول وبالله التوفيق:
أولا: تعريف القراءات:
القراءات جمع قراءة، وهي في اللغة مصدر قرأ يقال: قرأ، يقرأ، قراءة، وقرآنا، بمعنى تلا، فهو قارئ.
وفي الاصطلاح: علم بكيفيات اداء كلمات «القرآن الكريم» من تخفيف، وتشديد، واختلاف الفاظ الوحي في الحروف» (١) وذلك ان «القرآن» نقل الينا لفظه، ونصه، كما انزله الله تعالى على نبينا «محمد» ﷺ، ونقلت الينا كيفية أدائه.
_________
(١) انظر: لمحات في علوم القرآن لمحمد الصباغ ص ١٠٧ ط بيروت ١٩٧٤ م.
1 / 9
كما نطق بها الرسول، وفقا لما علمه «جبريل» ﵇، وقد اختلف الرواة الناقلون، فكل منهم يعزو ما يرويه باسناد صحيح الى النبي ﵊ (١) ثانيا: فان قيل: هل هناك فرق بين القرآن والقراءات؟
أقول: لقد ورد عن «بدر الدين الزركشي» ت ٧٩٤ هـ (٢) ما يفيد أنهما حقيقتان متغايرتان، واليك ما ورد عنه في ذلك:
قال الزركشي: «القرآن، والقراءات» حقيقتان متغايرتان، فالقرآن هو الوحي المنزل على «محمد» ﷺ للبيان والاعجاز.
والقراءات: هي اختلاف الفاظ الوحي المذكور في الحروف وكيفيتها من تخفيف وتشديد وغيرهما.
ولا بد من التلقي والمشافهة، لأن القراءات اشياء لا تحكم الا بالسماع، والمشافهة أهـ (٣).
تعقيب:
ولكني أرى ان «الزركشي» مع جلالة قدره، قد جانبه الصواب في ذلك وأرى ان كلا من «القرآن، والقراءات» حقيقتان بمعنى واحد.
يتضح ذلك بجلاء من تعريف كل منهما، ومن الأحاديث الصحيحة الواردة في نزول القراءات.
فسبق ان قلنا: ان القرآن مصدر مرادف للقراءة الخ.
_________
(١) انظر: المقتبس من اللهجات العربية والقرآنية د/ محمد محيسن ص ٦٦ ط القاهرة ١٣٩٨ م.
(٢) هو: بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي، أحد جهابذة العلماء الأثبات، ومن أهل النظر، وأرباب الاجتهاد، وأحد الأعلام في الفقه، والحديث، والتفسير، وأصول الدين، وله عدة مصنفات، ولد بالقاهرة سنة ٧٤٥ هـ وتوفي بها سنة ٧٩٤ هـ.
انظر: مقدمة البرهان ص ٥ - ١٣.
(٣) انظر: لمحات في علوم القرآن ص ١٠٧ ط بيروت.
1 / 10
اذا فهما حقيقيان بمعنى واحد.
وقال ﷺ فيما يرويه «عبد الرحمن بن ابي ليلى» ت ٨٣ هـ عن «أبيّ بن كعب» ت ٢٠ هـ: ان النبي ﷺ كان عند «أضاة بنى غفار» (١) فأتاه «جبريل» ﵇ فقال: «ان الله يأمرك ان تقرئ امتك القرآن على حرفين، فقال: اسأل الله معافاته ومغفرته، وان أمتي لا تطيق ذلك، ثم أتاه الثانية فقال «ان الله يأمرك ان تقرئ امتك القرآن على حرفين، فقال: اسأل الله معافاته ومغفرته، وان أمتي لا تطيق ذلك.
ثم جاء الثالثة فقال: ان الله يأمرك ان تقرئ امتك القرآن على ثلاثة احرف، فقال: اسأل الله معافاته ومغفرته، وان أمتي لا تطيق ذلك.
ثم جاء الرابعة قال: ان الله يأمرك ان تقرئ امتك القرآن على سبعة
احرف، فأيما حرف قرءوا عليه فقد اصابوا» أهـ (٢)
الى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة التي سيأتي ذكرها، وكلها تدل دلالة واضحة على أنه لا فرق بين كل من «القرآن، والقراءات»، اذ كل منهما الوحي المنزل على نبينا «محمد» ﷺ.
ثالثا: الدليل على نزول القراءات:
لقد تواتر الخبر عن رسول الله ﷺ بأن «القرآن الكريم» انزل على سبعة احرف.
روى ذلك من الصحابة رضوان الله عليهم اثنان وعشرون صحابيا (٣)
_________
(١) قال ياقوت الحموي: الأضاة: الماء المستنقع من سيل أو غيره، وغفار: قبيلة من كنانة، وهو موضع قريب من مكة.
انظر: معجم البلدان ل ياقوت ج ١ ص ٢٨٠.
(٢) رواه مسلم ج ٢ ص ١٠٣.
(٣) وهم: عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، علي بن ابي طالب، عبد الله بن مسعود، أبي بن كعب، أبو هريرة، معاذ بن جبل، هشام بن حكيم، عمرو بن العاص، عبد الله بن عباس، حذيفة بن اليمان، عبادة بن الصامت، سليمان بن صرد، أبو بكرة الأنصاري، أبو طلحة الأنصاري، أنس بن مالك، سمرة بن جندب، أبو جهيم الأنصاري، عبد الرحمن ابن عبد القاري، المسور بن مخرمة، أم أيوب.
1 / 11
سواء أكان ذلك مباشرة عنه ﷺ، ام بواسطة.
واليك طرفا من هذه الاحاديث الصحيحة التي تعتبر من الادلة على ان القراءات القرآنية» كلها كلام الله تعالى، لا مدخل للبشر فيها، وكلها منزلة من عند الله تعالى على رسوله «محمد» ﷺ، ونقلت عنه حتى وصلت الينا دون تحريف او تغيير.
فالله تعالى خص هذه الامة دون سائر الامم السابقة بحفظ كتابها، وتكفل بذلك حيث قال:
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (١).
اما الامم المتقدمة فقد وكل الله تعالى اليها حفظ كتبها المنزلة على انبيائهم.
قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ (٢) فلما وكل حفظ «التوراة» الى بني اسرائيل دخلها التحريف والتبديل، قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٣).
اما «القرآن الكريم» فهو باق إلى ان يرث الله الأرض ومن عليها، لا يندثر، ولا يتبدل ولا يلتبس بالباطل، ولا يمسه اي تحريف، لما سبق في علمه تعالى ان هذا الكتاب هو الدستور الدائم الذي فيه صلاح البشرية كلها ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٤).
لقد جاء على هذا القرآن زمان كثرت فيه الفرق، وعمت فيه الفتن، واضطربت فيه الأحداث.
_________
(١) سورة الحجر الآية ٩.
(٢) سورة المائدة الآية ٤٤.
(٣) سورة البقرة الآية ٧٩.
(٤) سورة البقرة الآية ٢.
1 / 12
ولقد أدخلت هذه الفرق على حديث رسول الله ﷺ الكثير من الأحاديث المكذوبة على النبي ﷺ، مما جعل المسلمين المخلصين، وبخاصة العلماء الأتقياء يعملون فكرهم، وأقلامهم لتنقية سنة رسول الله ﷺ من كل دخيل عليها.
اما «القرآن الكريم» - فنحمد الله تعالى- حيث لم يستطع أحد من اعداء هذا الدين ان يبدل اي نص من نصوصه، او يدخل عليه وسلم اي تحريف او تغيير، بالرغم من حرصهم على ذلك، ولكنهم ما استطاعوا لذلك سبيلا.
الحديث الأول:
عن ابن شهاب ت ١٢٤ هـ (١) ﵁ قال: «حدثني عبيد الله بن عبد الله» ت ٩٨ هـ (٢) ان «عبد الله بن عباس» ت ٦٨ هـ (٣) ﵄ حدثه ان رسول الله ﷺ قال: اقرأني «جبريل» عليه وسلم السّلام على حرف واحد فراجعته، فلم أزل أستزيده، ويزيدني، حتى انتهى الى سبعة أحرف» أهـ (٤)
_________
(١) ابن شهاب هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب، أبو بكر الزهري، أول من دون في الحديث، وأحد الفقهاء والأعلام بالمدينة المنورة ت ١٢٤ هـ انظر: وفيات الأعيان لابن خلكان ج ١ ص ٥٧١ ط القاهرة وتذكرة الحفاظ للذهبي ج ١ ص ١٠٢ وغاية النهاية لابن الجزري ج ٢ ص ٢٦٢ وتهذيب التهذيب لابن حجر ج ٩ ص ٤٤٥.
(٢) هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهلالي، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة المنورة، وأحد العلماء التابعين على خلاف ت ٩٨ هـ.
انظر: وفيات الأعيان ج ١ ص ٢٤١، وتذكرة الحفاظ ج ١ ص ٧٤.
(٣) هو: عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم رسول الله ﷺ الصحابي الجليل ت ٦٨ هـ.
انظر: الاصابة ج ٢ ص ٣٣٠.
(٤) رواه البخاري ج ٦ ص ١٠٠ ومسلم ج ٢ ص ٢٠٢.
انظر في هذا: المرشد الوجيز لأبي شامة ت ٦٦٥ هـ ص ٧٧ ط بيروت ١٣٩٥ هـ.
1 / 13
الحديث الثاني:
عن «ابن شهاب» ت ١٢٤ هـ (١).
قال: اخبرني «عروة بن الزبير» ت ٩٣ هـ (٢) ان «المسور بن مخرمة ت
٦٤ هـ (٣) وعبد الرحمن بن عبد القارئ ت ٨٠ هـ (٤) حدثاه انهما سمعا «عمر بن الخطاب» ت ٢٣ (٥) يقول: سمعت «هشام بن حكيم» (٦) يقرأ سورة «الفرقان» (٧) في حياة رسول الله ﷺ، فاستمعت لقراءته، فاذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله ﷺ، فكدت اساوره في الصلاة (٨) فتصبرت حتى سلم (٩) فلببته بردائه (١٠) فقلت: من اقرأك هذه السورة التي سمعت تقرأ؟
_________
(١) تقدمت ترجمته في الحديث الأول
(٢) هو: عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة المنورة، وأحد العلماء التابعين ت ٩٣ هـ على خلاف.
انظر الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٥ س ١٧٨، ووفيات الأعيان ج ١ ص ٣٩٨.
(٣) هو: المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب القرشى الزهري، صحابي جليل ت ٦٤ هـ.
انظر: الاصابة ج ٣ ص ٤١٩، وتهذيب ج ١٠ ص ١٥١.
(٤) هو: عبد الرحمن بن عبد القارئ، من خيرة علماء المدينة، ومن التابعين الأجلاء، ت ٨٠ هـ على خلاف.
انظر: الطبقات الكبرى ج ٥ ص ٥٧، وتهذيب التهذيب ج ٦ ص ٢٢٣.
(٥) هو: عمر بن الخطاب بن نفيل، أبو حفص، القرشي، ثاني الخلفاء الراشدين، قتل شهيدا عام ٢٣ هـ.
انظر: غاية النهاية ج ١ ص ٥٩١، والاصابة ج ٢ ص ٥١٨.
(٦) هو هشام بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد القرشي، أحد الصحابة الفضلاء.
انظر: الاصابة ج ٣ ص ٦٠.
(٧) سورة الفرقان من السور المكية وعدد آياتها ٧٧ نزلت بعد يس.
(٨) أي أواثبه، وأقاتله، يقال: ساور فلان فلانا اذا وثب اليه وأخذ برأسه.
(٩) أي تكلفت الصبر، وأمهلته حتى فرغ من صلاته.
(١٠) أي جمعت ثيابه عند صدره، ونحره، مأخوذ من اللبة بفتح اللام وهي المنحر.
1 / 14
قال: اقرأنيها رسول الله ﷺ، فقلت: كذبت، فان رسول الله ﷺ اقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده الى رسول الله ﷺ فقلت: اني سمعت هذا يقرأ سورة «الفرقان» على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله ﷺ «لعمر»: «أرسله» فأرسله «عمر فقال (١) لهشام: «تقرأ يا هشام» فقرأ عليه وسلم القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله ﷺ: «هكذا انزلت»، ثم قال: اقرأ
يا عمر. فقرأت القراءة التي أقراني فقال رسول الله ﷺ: «كذلك أنزلت. ان هذا القرآن انزل على سبعة احرف فاقرءوا ما تيسر منه» أهـ (٢)
. الحديث الثالث:
عن «ابي بن كعب» ت ٣٠ هـ (٣).
قال: كنت في المسجد (٤) فدخل رجل (٥) فصلى، فقرأ قراءة أنكرتها. ثم دخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله ﷺ فقلت: «ان هذا قرأ قراءة انكرتها عليه» ودخل آخر فقرأ.
وفي رواية: ثم قرأ هذا، سوى قراءة صاحبه، فأقرأهما رسول الله ﷺ فقرأ، فحسن النبي ﷺ شأنهما فسقط فى نفسى من التكذيب ولا اذ كنت فى الجاهلية (٦) فما رأى النبي صلّى
_________
(١) أي النبي عليه وسلم الصلاة والسلام.
(٢) رواه البخاري ج ٦ ص ١٠٠، ومسلم ج ٢ ص ٢٠٢، والترمذي ج ١١ ص ٦١ وأبو داود ج ٢ ص ١٠١، انظر: المرشد الوجيز ص ٧٧ - ٧٨
(٣) هو: أبي بن كعب بن قيس بن عبيد، أبو المنذر، صحابي جليل من الأنصار، وأحد كتاب الوحي للنبي ﷺ ت ٣٠ هـ.
انظر: صفوة الصفوة لابن الجوزي ج ١ ص ١٨٨، والاصابة ج ١ ص ١٩.
(٤) هو مسجد النبي ﷺ بالمدينة المنورة.
(٥) لم تذكر الرواية اسم ذلك الرجل.
(٦) أي فوقع في نفسي من التكذيب ما لم يحصل لي في وقت من الأوقات ولا وقت ان كنت في الجاهلية قبل الاسلام.
1 / 15
الله عليه وسلم ما قد غشيني، ضرب في صدري ففضت عرقا، وكأنما أنظر الى الله ﷿ فرقا (١) فقال (٢):
«يا أبيّ ان ربي ارسل إليّ ان اقرأ «القرآن» على حرف، فرددت اليه ان هون على امتي، فرد الى الثانية: أقرأه على سبعة أحرف، ولك بكل ردة
رددتكها مسألة تسألنيها، فقلت: اللهم أغفر لأمتي، اللهم أغفر لأمتي وأخرت الثالثة ليوم يرغب الى الخلق كلهم حتى «إبراهيم» ﷺ أهـ (٣).
وفي رواية:
عن «أبي بن كعب» ايضا قال: «فدخلت المسجد فصليت، فقرأت سورة «النحل» (٤) ثم جاء رجل آخر فقرأها على غير قراءتي، ثم دخل رجل آخر فقرأ خلاف قراءتنا، فدخل في نفسي من الشك والتكذيب اشد مما كان في الجاهلية، فأخذت بأيديهما فأتيت بهما النبي ﷺ فقلت: يا رسول الله استقرئ هذين، فقرأ احدهما فقال (٥): «أصبت» ثم استقرأ الآخر فقال:
«أحسنت» فدخل قلبي اشد مما كان في الجاهلية من الشك والتكذيب، فضرب رسول الله ﷺ صدري وقال: «اعاذك الله من الشك وخسأ عنك الشيطان» ففضت عرقا، فقال: أتاني «جبريل» فقال:
اقرأ «القرآن» على حرف واحد فقلت: «ان امتي لا تستطيع ذلك، حتى قال: سبع مرات، فقال لي: اقرأ على سبعة احرف» أهـ (٦).
_________
(١) فرقا: بفتح الراء، أي خوفا.
(٢) أي النبي ﷺ.
(٣) رواه أحمد في مسنده ج ٥ ص ١٢٧، ومسلم ج ٣ ص ٢٠٣.
(٤) وسورة النحل من السور المكية وعدد آياتها ١٢٨ نزلت بعد الكهف.
(٥) أي النبي ﵊.
(٦) رواه الطبري ت ٣١٠ هـ في تفسيره ج ١ ص ٣٧.
1 / 16
الحديث الرابع:
عن «عبد الرحمن بن ابي ليلى» ت ٨٣ هـ (١) عن «ابي بن كعب» ان النبي ﷺ كان عند «أضاة بني غفار» (٢) فأتاه «جبريل» ﵇ فقال:
«ان الله يأمرك ان تقرئ امتك «القرآن» على حرف، فقال:
«اسأل الله معافاته ومغفرته، وان أمتي لا تطيق ذلك».
ثم أتاه الثانية فقال: ان الله تعالى يأمرك ان تقرئ امتك «القرآن» على حرفين، فقال: اسأل الله معافاته، ومغفرته، وان امتي لا تطيق ذلك».
ثم جاء الثالثة فقال: ان الله يأمرك ان تقرئ امتك «القرآن» على سبعة احرف فأيما حرف قرءوا عليه فقد اصابوا أهـ (٣)
وفي رواية الترمذي:
عن «ابي بن كعب» قال: لقى رسول الله ﷺ «جبريل» فقال: «يا جبريل اني بعثت الى أمة اميين، منهم العجوز، والشيخ الكبير، والغلام، والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط، قال: «يا محمد ان القرآن انزل على سبعة احرف» أهـ (٤)
رابعا: بيان المراد من الأحرف السبعة:
لقد اهتم العلماء قديما وحديثا ببيان المراد من الأحرف السبعة:
_________
(١) هو: عبد الرحمن بن أبي ليلى بن بلال الأنصاري، من ائمة التابعين.
انظر: وفيات الأعيان ج ١ ص ٣٤٥، وميزان الاعتدال ج ٢ ص ١١٥.
(٢) ياقوت: الأضاة: الماء المستنقع من سيل أو غيره، وغفار: قبيلة من كنانة، وهو موضع قريب من مكة.
انظر: معجم البلدان لياقوت ج ١ ص ٢٨٠.
(٣) رواه مسلم ج ٢ ص ١٠٣، وأبو داود ج ٢ ص ١٠٢، والنسائي ج ٢ ص ١٥٢.
(٤) رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح انظر في هذا: المرشد الوجيز ص ٨٢.
1 / 17
فمن هؤلاء العلماء:
١ - ابو عبيد القاسم بن سلام ت ٢٢٤ هـ في كتابه غريب الحديث.
٢ - ابو جعفر محمد بن جرير الطبري ت ٣١٠ هـ في تفسيره المشهور.
٣ - مكي بن ابي طالب ت ٤٣٧ هـ في كتابه الابانة عن معاني القراءات.
٤ - شهاب الدين عبد الرحمن بن اسماعيل المعروف بأبي شامة ت ٦٦٥ هـ في كتابه المرشد الوجيز.
٥ - بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي ت ٧٩٤ هـ في كتابه البرهان في علوم القرآن.
٦ - جلال الدين السيوطي ت ٩١١ هـ في كتابه الاتقان في علوم القرآن.
الى غير ذلك من المفسرين، والكتاب عن علوم القرآن الكريم.
ومن يطالع مصنفات هؤلاء العلماء يجد العجب العجاب، حيث ان الكثيرين من هؤلاء المصنفين يجعل كل همه نقل العديد من الآراء حتى ولو كانت غير معزوة الى أحد من العلماء والمفكرين (١).
وهذا ان جاز على السابقين فلا ينبغي ان يتأتى من علماء العصر الحديث، بعد ان اصبحت هناك مناهج علمية لأصول البحث والتصنيف، وهم يعلمون ان كل قول مجهول صاحبه لا يعتد به.
فان قيل: ما هو السبب في الاهتمام بهذه القضية؟
اقول: لعل ذلك يرجع الى اتصالها بالقرآن الكريم، والعلماء قديما وحديثا يهتمون بكل ما له اتصال بكتاب الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ومن يقف على الأحاديث الواردة في هذه القضية يجد هاتين الظاهرتين:
الظاهرة الأولى:
لم تتعرض تلك الأحاديث الى بيان ماهية الاختلاف في القراءات القرآنية التي كانت تجعل الصحابة يتخاصمون ويتحاكمون الى النبي ﷺ.
_________
(١) لقد بلغت الأقوال التي ذكرها السيوطي في كتابه الاتقان نحو أربعين قولا.
1 / 18
الظاهرة الثانية:
لم يثبت من قريب او بعيد ان «النبي» ﷺ بين المراد من الأحرف السبعة.
ولعل ذلك يرجع الى عدة عوامل اهمها:
ان ذلك كان معروفا لدى الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين، فلم يحتاجوا الى بيانه، لأنهم لو كانوا في حاجة الى معرفة ذلك لسألوا الرسول ﷺ، فعدم سؤالهم دليل على عدم خفائه عليهم.
ومنذ فترة طويلة وانا مهتم بهذه القضية كما اهتم بها غيري، فطوفت بين ثنايا الكتب والمصنفات ووقفت على العديد مما كتبه السابقون جزاهم الله خيرا، واقتبست من تلك الآراء ارجحها، وتركت ما تكرر منها، وما كان مجهول الأصل، ثم رتبتها ترتيبا زمنيا، وعلقت على ما يستوجب التعليق منها، وفي نهاية المطاف بينت رأيي في هذه القضية الهامة مع بيان سبب ذلك.
وقبل الدخول في بيان تلك الآراء اقول:
لقد اتفق العلماء قديما وحديثا على انه لا يجوز ان يكون المراد بالأحرف السبعة قراءة هؤلاء القراء المشهورين (١) كما يظنه الكثيرون من الذين لا صلة لهم بعلوم «القرآن» لأن هؤلاء القراء السبعة لم يكونوا قد وجدوا اثناء نزول القرآن الكريم.
قال «مكي بن ابي طالب» ت ٤٣٧ هـ (٢):
_________
(١) وهم:
١ - نافع بن عبد الرحمن أبي نعيم ت ١٦٩ هـ.
٢ - عبد الله بن كثير بن عمر بن عبد الله ت ١٢٠ هـ.
٣ - أبو عمرو بن العلاء البصري ت ١٥٤ هـ.
٤ - عبد الله بن عامر الشامي ت ١١٨ هـ.
٥ - عاصم بن بهدلة أبي النجود ت ١٢٧ هـ.
٦ - حمزة بن حبيب الزيات ت ١٥٦ هـ.
٧ - علي بن حمزة الكسائي ت ١٨٩ هـ.
(٢) هو: مكى بن أبي طالب حموش القيسي الأندلسي، كان اماما في القراءات متبحرا في القراءات متبحرا في علوم القرآن، والعربية، والنحو، له عدة مؤلفات، توفي سنة ٤٣٧ هـ.
انظر: معجم الأدباء ج ٧ ص ١٧٣، وبغية الوعاة ص ٣٩٦.
1 / 19
«فأما من ظن ان قراءة كل واحد من هؤلاء القراء مثل:
«نافع، عاصم، وأبي عمرو بن العلاء» أحد الاحرف السبعة التي نص عليها النبي ﷺ فذلك منه غلط عظيم اذ يجب ان يكون ما لم يقرأ به هؤلاء السبعة متروكا» أهـ (١).
والآن اليك ايها القارئ الكريم أقوال العلماء في بيان المراد من الأحرف السبعة حسب ترتيبهم الزمني:
القول الأول:
ورد عن كل من:
١ - الامام «علي بن ابي طالب» ﵁ ت ٤٠ هـ (٢).
٢ - «عبد الله بن عباس» ﵄ ت ٦٨ هـ (٣).
فقد قالا: «نزل القرآن بلغة كل حي من احياء العرب» أهـ ثم قال «ابن عباس»: «ان النبي ﷺ كان يقرئ الناس بلغة واحدة، فاشتد ذلك عليهم، فنزل «جبريل» فقال: يا «محمد» اقرئ كل قوم بلغتهم» أهـ (٤).
تعليق على هذا القول:
قال «ابو شامة» ت ٦٦٥ هـ (٥):
_________
(١) انظر: المرشد الوجيز ص ١٥١.
(٢) هو: علي بن أبي طالب بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، ابن عم النبي ﷺ وصهره، وأول الصبيان دخولا في الاسلام، ورابع الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومناقبه لا تحصى، قتل شهيدا على يد عبد الرحمن بن ملجم عام ٤٠ هـ.
انظر: الطبقات الكبرى ج ٣ ص ١٩، وتاريخ الخلفاء ص ٦٤، وتذكرة الحفاظ ج ١ ص ١٠.
(٣) تقدمت ترجمة عبد الله بن عياش.
(٤) انظر: المرشد الوجيز ص ٩٦
(٥) هو: شهاب الدين عبد الرحمن بن اسماعيل المعروف بأبي شامة المقدسي، كان استاذا وحجة في القراءات وعلوم القرآن، له عدة مصنفات توفي عام ٦٦٥ هـ.
1 / 20
«هذا هو الحق، لانه انما ابيح ان يقرأ بغير لسان قريش توسعة على العرب، فلا ينبغي ان يوسع على قوم دون قوم، فلا يكلف أحد الا قدر استطاعته، فمن كانت لغته الامالة، او تخفيف الهمز، او الادغام، او ضم ميم الجمع، او صلة هاء الكناية، او نحو ذلك فكيف يكلف غيره؟ أهـ (١).
القول الثاني: رواه كل من:
١ - محمد بن السائب الكلبي ت ١٣٦ هـ (٢).
٢ - الأعمش ت ١٤٧ هـ (٣).
عن «عبد الله بن عباس» ﵄ ت ٦٨ هـ.
فقد قالا نقلا عن «ابي صالح» مولى «ام هاني بنت ابي طالب» عن «ابن عباس»:
«انزل القرآن على سبعة احرف، منها خمسة بلغة العجز من «هوازن» أهـ (٤).
فان قيل: من هم عجز هوازن؟
أقول: قال عالم اللغة والتفسير، والقراءات، والحديث، «ابو عبيد القاسم ابن سلام» ت ٢٢٤ هـ (٥):
العجز من هوازن هم:
_________
(١) انظر: المرشد الوجيز ص ٩٧.
(٢) هو: محمد بن السائب بن بشر بن عمرو الكلبي، الكوفي، كان عالما بالتفسير وأنساب العرب، وأحاديثهم، ولم يعتبره العلماء ثقة في الحديث ت ١٣٦ هـ.
انظر: وفيات الأعيان ج ١ ص ٦٢٤، وتهذيب التهذيب ج ٩ ص ١٧٨.
(٣) هو: سليمان بن مهران الأسدي بالولاء، كان من علماء القراءات والحديث ت ١٤٧ هـ.
انظر: تاريخ بغداد ج ٣ ص ٩، وتهذيب التهذيب ج ٤ ص ٢٢٢.
(٤) انظر: المرشد الوجيز ص ٩٢.
(٥) هو: القاسم بن سلام أبو عبيد الهروي البغدادي، من كبار العلماء بالعربية، والقراءات، والحديث، والفقه، له عدة مصنفات توفي سنة ٢٢٤ هـ.
انظر: مراتب النحويين ص ٩٣، وتذكرة الحفاظ ج ص ٥.
1 / 21
١ - سعد بن بكر.
٢ - جشم بن بكر.
٣ - نصر بن معاوية.
٤ - ثقيف.
وهؤلاء هم الذين قال فيهم «ابو عمرو بن العلاء البصري» ت ١٥٤ هـ:
«افصح العرب عليا هوازن، وسفلى تميم» (١) القول الثالث:
قال «ابو عبيد القاسم بن سلام» ت ٢٢٤ هـ:
المراد سبع لغات من لغات العرب، وليس معناه ان يكون في الحرف الواحد سبعة اوجه، هذا لم نسمع به قط، ولكن نقول: هذه اللغات السبع تفرقة في القرآن، فبعضه نزل بلغة قريش، وبعضه نزل بلغة هوازن.
وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة اهل اليمن، وكذلك سائر اللغات.
ومعانيها في هذا كله واحدة.
ثم قال: ومما يبين ذلك قول «ابن مسعود» ﵁:
«اني سمعت «القراء» فوجدتهم متقاربين، فاقرءوا كما علمتم» أهـ (٢) وقد وافق «أبا عبيد» في هذا القول كل من:
١ - احمد بن يحيى ثعلب ت ٢٩١ هـ ٢ - عبد الحق بن غالب المشهور بابن عطية ت ٥٤٦.
وتعقب بعض العلماء هذا الرأي بأن لغات العرب اكثر من سبع لغات، واجيب على ذلك بان المراد افصحها (٣).
ومع هذا فاني اقول:
مع اعتزازي بأبي عبيد، وثقتي فيه، حيث عشت معه زمنا طويلا اثناء
_________
(١) انظر: المرشد الوجيز، ص ٩٣.
(٢) انظر: المرشد الوجيز ص ٩١، الاتقان ج ١ ص ١٣٥، البرهان للزركشي ج ١ ص ٢١٧.
(٣) انظر: الاتقان ج ١ ص ١٣٥.
1 / 22
تحضيري للماجستير، ابحث عن تاريخه، وأنقب عن مصنفاته، وأحلل أقواله الخ.
فاني ارى ان رأي «ابي عبيد» هذا مع وجاهته يرد عليه انه هناك العديد من لغات القبائل العربية ورد بها القرآن الكريم.
القول الرابع:
قال «أبو العباس احمد بن واصل» المتوفى أوائل المائة الثالثة هـ (١) معنى ذلك سبعة معان في القراءة:
أحدها: أن يكون الحرف له معنى واحد تختلف فيه قراءتان تخالفان بين نقطة ونقطة مثل «تعلمون» و«يعلمون» (٢).
الثاني: أن يكون المعنى واحدا وهو بلفظين مختلفين، مثل قوله تعالى:
«فاسعوا» و«فامضوا» (٣).
الثالث: أن تكون القراءتان مختلفتين في اللفظ الا أن المعنيين مفترقان في الموصوف، مثل قوله تعالى: ملك ومالِكِ (٤).
الرابع: أن يكون في الحرف لغتان والمعنى واحد، وهجاؤهما واحد، مثل قوله تعالى: الرُّشْدِ والرُّشْدِ (٥).
الخامس: أن يكون الحرف مهموزا، وغير مهموز، مثل: «النبيء» و«النبي» (٦).
السادس: التثقيل والتخفيف مثل: «الأكل»، «الأكل» (٧).
_________
(١) انظر: غابة النهاية في طبقات القراء ج ١ ص ١٣٣.
(٢) نحو: «وما الله بغافل عما تعملون» البقرة/ ٧٤
(٣) سورة الجمعة الآية ٩.
(٤) سورة الفاتحة الآية ٥.
(٥) سورة الأعراف، والأولى بسكون الشين، والثانية بفتحها.
(٦) الهمز قراءة نافع، وعدم الهمز قراءة باقي القراء.
(٧) سورة الرعد الآية ٤ التثقيل ضم الكاف، والتخفيف اسكانها.
1 / 23