المدارس النحوية
المدارس النحوية
Maison d'édition
دار المعارف
Genres
لأنه لا يحسن ههنا إلا الإضمار، قال الخليل: وهذا يشبه قول من قال، وهو الفرزدق:
فلو كنت ضبيا عرفت قرابتي ... ولكني زنجي عظيم المشافر
وجوز الخليل في البيت أن يقال: ولكن زنجيا عظيم المشافر بالنصب، على أن يكون خبر لكن محذوفا وتقديره: لا يعرف قرابتي، وشبه ذلك بحذف الخبر في قوله ﷿: ﴿طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾ أي: طاعة وقول معروف أمثل ... وأما قول الأعشى:
في فتية كسيوف الهند قد علموا ... أنْ هالك كل من يحفى وينتعل
فإن هذا على إضمار الهاء"١. وكان يذهب إلى أن الحذف في بيت الأخطل:
ولقد أبيت من الفتاة بمنزل ... فأبيت لا حرج ولا محروم
ليس على إضمار أنا مع المرفوعين في الشطر الثاني، أي: أنا لا حرج ولا محروم، وإنما هو على سبيل الحكاية، أي: فأبيت بمنزلة الذي يقال له: لا حرج ولا محروم٢. ومما خرّجه على الحكاية أيضا قولهم: "اضرب أيهم أفضل" بضم أي، كأنهم قالوا: اضرب الذي يقال له: أيهم أفضل٣، وبذلك يكون المفعول به محذوفا. وكان يذهب إلى أن المضاف قد يحذف ويقوم المضاف إليه مقامه، وجعل من ذلك قولهم: "له صوت صوت الحمار"، فقد قال: إن كلمة صوت الحمار صفة لصوت بتقدير "مثل" أي: إنها حُذفت وأقيم المضاف إليه مقامها، وأصل التعبير: "له صوت مثل صوت الحمار"٤.
ومما يتصل بالعوامل والمعمولات كثرة تحليله للعبارات، وكثرة تخريجه لها إذا اصطدمت بالقواعد، وكثرة إدلائه بوجوه مختلفة من الإعراب في لفظة واحدة،
_________
١ الكتاب ١/ ٢٨١ وما بعدها.
٢ الكتاب ١/ ٢٥٩، وواضح أنه جعل الجار والمجرور محذوفين هما وما يتبعهما.
٣ الكتاب ١/ ٣٩٩.
٤ الكتاب ١/ ١٨١.
1 / 42