اللقاء الشهري
اللقاء الشهري
Genres
تفسير قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا)
أظن أننا وقفنا على قول الله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾ [ق:٦-٨] .
ففي قوله: ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ﴾ [ق:٦] الضمير يعود إلى هؤلاء الذين كذبوا بالبعث وقالوا: ﴿أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ﴾ [ق:٣] فحثهم الله ﷿ حثًا بتوبيخ إلى أن ينظروا إلى السماء التي فوقهم: ﴿كَيْفَ بَنَيْنَاهَا﴾ [ق:٦] أي: بنيناها بقوة وجعلناها سقفًا محفوظًا، وجعلناها سقفًا مستويًا سليمًا: ﴿رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا﴾ [المرسلات:٢٨] وليس فيها من فروج ولا شقوق ولا عيب على طول الأزمنة التي لا يعلمها إلا الله ﷿.
وقوله تعالى: ﴿كَيْفَ بَنَيْنَاهَا﴾ [ق:٦] أضاف البناء إليه؛ لأنه ﷿ هو الذي خلقها، وبناؤه إياها ليس كبناء الناس للسقوف، يأتون بالعمال والزنابيل والمعاول واللبنات.
بناؤه إياها أنه: ﴿اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [فصلت:١١] كلمة واحدة تم بها كل شيء.
﴿وَزَيَّنَّاهَا﴾ [ق:٦] بماذا زينها؟ زينها الله ﷿ بالمصابيح، بالنجوم، فما أجمل السماء! لو كنت في بر وكنت بعيدًا عن الأضواء الكهربائية، ورأيت هذه النجوم اللماعة لعرفت مقدار هذه الزينة، فزينها الله بالنجوم، وخلق الله هذه النجوم لثلاث: الأول: زينة للسماء.
الثاني: ورجومًا للشياطين.
والثالث: علامات يهتدى بها، كما قال تعالى: ﴿وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ [النحل:١٦] .
قال تعالى: ﴿وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ﴾ [ق:٦] أي: ليس للسماء (من فروج) أي: من شقوق تعيبها وتئول بها إلى الدمار بل هي قوية محكمة، كما قال الله تعالى: (فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ﴾ [الملك:٣-٤] .
وهنا نسأل: كم عدد السماوات؟
الجواب
عددها سبع بنص القرآن: ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [المؤمنون:٨٦] بعضها فوق بعض والمسافات بينها بعيدة جدًا، وكل سماء لها سكان يسكنونها من الملائكة بأمر الله، وفي حديث المعراج أن النبي ﵌ رأى آدم ورأى الأنبياء في السماوات على درجات مختلفة، فالسماء كلها معمورة من الدنيا إلى السابعة، وليس فيها شيء من الخلل أو الفطور أو النقص، بل هي محكمة إلى أن يطويها الله ﷿ يوم القيامة: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء:١٠٤] .
6 / 3