Absolute
معنى من المعاني يتعارض مع «الذاتية»؛ لأن الذاتية عندهم لا تكون بغير حدود.
أما كلمة «الذات» العربية فلا توحي إلى الذهن بتة معنى له حدود، بل يستوجب الكمال المطلق أن يكون مالكا لكل شيء، وأن يكون «ذاتا» في لفظه وفي معناه.
والكمال المطلق يحتوي كل موجود، و«الذات» الإلهية تعبر عن هذا المعنى أصح تعبير.
فالعقل يستلزم أن يكون الكمال المطلق «ذاتا» وتتطلب كائنا «كاملا» يوصف بالكمال، وينكر أن يجعله معنى خلوا من الوعي؛ لأن نقص الوعي نقص من الكمال ونقص من صفات الكامل الذي لا يعاب! وأعجب الصور العقلية حقا وجود يتصف بكل كمال ولا يعلم أنه كامل، والعلم بالذات فضلا عن العلم بالغير أول صفات الكمال!
أما الدين فلا يستقيم بغير إله تتصل به المخلوقات ويتقبل منها الحب والرجاء ويستمع لها استماع العالم المريد.
ولا نعتقد أن دينا من الأديان قط دان به الإنسان وهو في قرارة نفسه مجرد من فكرة «الذات الإلهية» كل التجريد.
فالبرهمية، وقد ذاع عنها أنها دين بغير إله، مملوءة بأسماء الأرباب والشياطين والملائكة والأرواح، وعقيدتها الكبرى قائمة على الثالوث المؤلف من برهما وفشنو وسيفا، وفيها للآلهة صفات الذكورة والأنوثة فضلا عن صفات الشخوص.
ولما انشقت البوذية عن البرهمية قالت إن القضاء على الآلام لا يكون إلا بالقضاء على الوعي والتجرد من لباس الجسد للدخول في «النرفانا»، وهي السعادة العليا التي تتاح للمخلوقات.
ولزم من أجل ذلك أن تنكر الواعية في الإنسان وفي الإله، فالنرفانا هي الإله الذي لا يعي نفسه ولا يعي غيره، والروح الإنسانية ليست «ذاتا» مستقلة منفصلة عن سائر الموجودات، ولكنها سلسلة من الأعراض والأحاسيس تتمثل في صورة «الذات» للعقل المخدوع بالمظاهر والأوهام.
Page inconnue