Allah, l'Univers et l'Homme : Regards sur l'histoire des idées religieuses
الله والكون والإنسان: نظرات في تاريخ الافكار الدينية
Genres
أما عن عنصر شجرة اليقطين التي أنبتها الله فوق يونس، وهو العنصر الأكثر غموضا في الرواية القرآنية، فإن بقية القصة في الرواية التوراتية تزيل عنها الغموض؛ فبعد أن أنذر يونان أهل نينوى خرج وجلس ينظر من بعيد، وعندما عرف أن الرب عفا عن المدينة بعد توبة أهلها، غضب يونان غضبا شديدا، فقال له الرب: أبحق غضبك؟ وكانت حرارة الشمس تضرب رأس يونان بشدة، فأنبت الرب عليه يقطينة فارتفعت فوق يونان وظللته من الشمس ففرح فرحا شديدا، وقضى بقية يومه في فيئها، ولكن الله أعد دودة فضربت اليقطينة فجفت عند طلوع الشمس، ثم أعد ريحا حارة فضربت رأس يونان فتمنى الموت لنفسه، فقال الله ليونان: أبحق غضبك لأجل اليقطينة؟ فقال: نعم. فقال الرب: لقد أشفقت أنت على اليقطينة التي لم تتعب فيها ولم تربها، التي نشأت بنت ليلة وهلكت بنت ليلة، أفلا أشفق أنا على نينوى المدينة العظيمة التي فيها أكثر من 12 ربوة من أناس لا يعرفون يمينهم من شمالهم، عدا ما بها من بهائم؟ (س):
ولكن اليقطين ليس شجرا يستظل بفيئه؟ (ج):
الترجمة البروتستانتية للعهد القديم تقول يقطينة، وهي ليست شجرة ولا فيء لها، أما في الترجمة الكاثوليكية فتقول خروعة، والخروع نبات عشبي أوراقه عريضة يستخرج من بذوره زيت الخروع، أو الخروع باللفظ العامي السوري، وهو ليس شجرا أيضا. والتفسير الوحيد لذلك هو أن الله أرادها معجزة ليونان. (س):
في حديثك عن عيسى المسيح، قلت إنه ذكر في القرآن نحو 37 مرة، ولم يتفوق عليه في تكرار ورود الاسم سوى إبراهيم وموسى، وهذا يعني أن هاتين الشخصيتين هما أبرز الشخصيات التوراتية التي أتى القرآن على ذكرها، فهل سيكون التناص بين الكتابين هو الأوضح فيما يتعلق بأخبارهما؟ (ج):
لعل الأمر كذلك، وسأبدأ بإبراهيم وما حصل له في موطنه الأصلي قبل الهجرة إلى كنعان، ثم قصة زيارة الضيوف السماويين له. وبعدها قصة لوط وتدمير سدوم من قبل الضيوف السماويين.
اهتداء إبراهيم:
لا يوجد في الرواية التوراتية أخبار عن حياة إبراهيم في موطنه الأصلي الذي يدعوه النص أور الكلدان، ولكننا نجد مثل هذه الأخبار في الأسفار المنحولة خارج التوراة ومنها كتاب اليوبيليات الذي أقتبس منه هذه الملخصات:
كتاب اليوبيليات: ذات مساء جلس إبراهيم الشاب يراقب النجوم من المساء إلى الفجر ليستخيرها فيما ستأتي به السنة الجديدة من خير ومطر. ولكن قلبه نبض بكلمات، وحدث نفسه قائلا: إن كل شارات السماء وشارات النجوم والشمس والقمر هي في يد الرب، فما الذي أنا باحث عنه فيه؟ إن شاء الرب جعل السماء تمطر من الصباح إلى المساء، وإن شاء أغلقها؛ لأن كل شيء ملك يديه. ثم قام فصلى قائلا: أيها الإله العلي أنت وحدك إلهي، لقد خلقت كل شيء، وكل ما في الوجود صنعة يديك، لقد اخترتك واخترت ملكوتك، فأنقذني من الأرواح الشريرة، ولا تجعلهم يضلوني عنك.
سورة الأنعام:
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين * فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين * فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين * فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون * إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين (الأنعام: 74-79).
Page inconnue