Allah, l'Univers et l'Homme : Regards sur l'histoire des idées religieuses
الله والكون والإنسان: نظرات في تاريخ الافكار الدينية
Genres
نعم؛ فلقد مررت بفترة قلق ديني في فترة المراهقة ناجم عن إحساسي بوجود بعد ماورائي كامن خلف كل ما يتبدى لنا من مظاهر الوجود، لا يمكن اختصاره إلى مجموعة من الشخصيات الإلهية، ولا حتى إلى إله واحد يتحكم بالعالم من موقع مفارق، وهذا البعد الماورائي لا يمكن وصفه باللغة المعتادة بقدر ما يمكننا الإحساس به في أعماق النفس. وعلى حد قول الحكيم الصيني لاو-تسو:
في قلة الكلام تناغم مع الطبيعة.
الطبيعة لا تعبر عن نفسها بالكلمات. (س):
إذن فالله لا يعبر عن نفسه بالكلمات؟ هل هذا ما تقصد أن تقوله؟ (ج):
نعم. (س):
وماذا تقول عن الوحي الذي تلقاه الأنبياء من عند الله؟ (ج):
بوابات الاتصال بين المقدس والدنيوي أو بين الإلهي والإنساني ليست موصدة، وأقصى حالة لهذا التواصل هي حالة النبي الذي يكون في أشد حالات إحساسه بحضور الإلهي في قلبه، راغبا في تلمس ومعرفة المشيئة الإلهية، فتنبثق في أعماق نفسه معان يعبر عنها هو بكلمات، فالوحي والحالة هذه استنارة تحصل في جنبات النبي وهو في أقصى حالات البحث عن الحقيقة. (س):
ولكن الوحي في أديان التوحيد هو كلام يسمعه النبي على لسان ملاك! (ج):
لا شك في أن مفهوم الوحي متلازم مع مفهوم التوحيد؛ فلقد تلقى زرادشت وحيا من السماء عن طريق ملاك، وكذلك ماني، وكذلك محمد نبي الإسلام، ولكن ملاك الوحي ليس في واقع الأمر إلا رمزا لحالة التواصل بين الإلهي والإنساني، يمكن للجميع فهمه. وما أقوله هنا ليس جديدا على الفكر الإسلامي؛ فلقد ناقش علماء الكلام المسلمون مسألة ما إذا كان النبي قد تلقى الوحي بكلمات أو بمعان؛ فلقد قال بعضهم بأنه تلقاه بمعان لا بكلمات، وعلى رأس هؤلاء أبو المعالي الجويني الملقب بإمام الحرمين، وهو واحد من أبرز علماء الدين السنة في القرن الخامس الهجري. (س):
إذن كان لديك من الأسباب الشخصية ما يكفي لدفعك إلى دراسة الدين، وهذه الأسباب كما شرحتها تجعلك متعاطفا مع الظاهرة الدينية. ألا ترى أن من الممكن لهذا التعاطف مع موضوع البحث أن يفقد الباحث شيئا من موضوعيته؟ (ج):
Page inconnue