355

وفي رواية: فبينا أبو بكرة في غرفة له مع إخوته نافع، وزياد، ورجل آخر يقال له شبل بن معبد، وكانت غرفة جارته محاذية غرفة(1) أبي بكرة، فضربت الريح باب غرفة المرأة ففتحته، فنظر القوم فإذاهم بالمغيرة ينكحها، فقال: أبو بكرة: هذه بلية قد أبتليتم بها، قوموا فانظروا، فنظرو حتى أثبتوا، فنزل أبو بكرة فجلس حتى خرج عليه المغيرة من بيت المرأة، فقال أبو بكرة: إنه قد كان من أمرك ما كان فاعتزلنا، وساق الحديث على نحو ما تقدم إلى أن قال: فتقدم أبو بكرة فقال: أي عمر: أرأيته بين فخذيها.

قال: نعم والله لكأني أنظر إلى تشريم جدري بفخذيها.

قال المغيرة: لقد ألطفت النظر.

قال أبو بكرة: لم آل أن أثبت ما يخزيك الله به.

فقال عمر: لا والله حتى تشهد لقد رأيته يلج كما يلج المرود في المكحلة.

قال: نعم أشهد على ذلك حتى.

فقال أذهب عنك مغيرة، ذهب ربعك، ثم دعا نافعا، فشهد على مثل شهادة أبي بكرة [حتى بلغ قذره](2).

فقال عمر: أذهب عنك مغيرة ذهب نصفك، ثم دعى بشبل بن معبد، فشهد على شهادة صاحبيه، فقال: أذهب مغيرة ذهب ثلاثة أرباعك[قال](3)، فجعل المغيرة يبكي إلى المهاجرين فبكوا معه، ثم بكى إلى أمهات المؤمنين حتى بكين معه، قال: ولم يكن زياد حضر ذلك المجلس، فلما قدم زياد قال عمر: إني لأرى رجلا لن يخزي الله على لسانه رجلا من المهاجرين.

وفي رواية أنه لما شهد الشاهد الأول، تغير لذلك لون عمر، ولما شهد الثاني، أنكسر لون عمر انكسارا شديدا، فلما شهد الثالث، فكأن الرماد نثر على وجه عمر، فلما جاء زياد، جاء شاب يخطر بيديه فرفع عمر رأسه إليه فقال: ما عندك يا سلخ العقاب، فقال زياد: يا أمير المؤمنين، أما أن أحق ما أحق القوم فليس عندي ولكني رأيت مجلسا قبيحا، وسمعت نفسا خبيثا، وانتهارا، ورأيته متبطنها.

Page 363