Énigmes historiques complexes : une enquête captivante sur les événements les plus mystérieux à travers le temps
ألغاز تاريخية محيرة: بحث مثير في أكثر الأحداث غموضا على مر الزمن
Genres
كانت سمعة موريسون ومعرفته بمنزلة ضمان لعدم إسقاط كولومبوس من على عرشه. ولكن فيجنود وأتباعه نجحوا بالفعل في إثارة قدر كبير من الريبة والشك بشأن القصة التقليدية، لا سيما أنها كانت تتعلق برحلات كولومبوس اللاحقة.
كانت رحلة كولومبوس الاستكشافية هي الأولى فقط من بين أربع رحلات قام بها للعالم الجديد؛ فقد عاد في عام 1493، ثم عاد مجددا في عامي 1498 و1502. ويؤكد أتباع فيجنود أنه لا بد أن يكون قد لاحظ في مكان ما في الطريق أن الجزر التي عثر عليها لا تشترك في الكثير من العناصر مع أي شيء مما وصفه ماركو بولو وجون ماندفيل. أين كانت تقع إمبراطوريتا الصين واليابان العظيمتان؟ أين كانت الشوارع الرخامية والأسقف المبنية من الذهب؟ فلم يكن هناك سوى قرى بدائية.
لعل رحلته الثالثة هي التي شهدت اقترابه لأقصى حد من إدراك الحقيقة. ففي يوليو من عام 1498، وصل لما يعرف الآن بشبه جزيرة باريا بفنزويلا، وبدأ الشك يتسرب إليه في أن هذه الجزيرة أكثر من مجرد جزيرة على ساحل الصين. فتطلع إلى الدلتا العريضة لنهر أورينوكو واستنتج على نحو صائب أن مثل هذا القدر الهائل من الماء العذب يمكن أن يأتي فقط من بر رئيسي ذي حجم مهول. وكتب كولومبوس في يومياته، كما دونها لاس كاساس: «أعتقد أن هذه قارة ضخمة لم تعرف حتى اليوم.»
ولكن بعد هذه اللحظة القصيرة من الوضوح، قفز كولومبوس إلى استنتاج أكثر استحالة بكثير من «مغامرة جزر الهند» الأصلية. فقد قرر أن القارة الجديدة لا بد أنها «الفردوس الأرضي»؛ جنة عدن الأسطورية. وكان خطابه التالي إلى فرديناند وإيزابيلا مزيجا غريبا من اللاهوت والجغرافيا؛ إذ أوضح قائلا: «لدي قناعة تامة في ذهني بأن الفردوس الأرضي يقع في المكان الذي ذكرته»؛ لأنه «فوق خط الاستواء مباشرة، وهو المكان الذي طالما ذهبت أفضل المراجع إلى وجود الفردوس به.»
ثم ورد مفهوم أكثر غرابة؛ فقد أوضح كولومبوس أن الأرض ليست مستديرة، ولكنها «تتخذ شكل ثمرة الكمثرى، التي تتخذ شكلا مستديرا للغاية في مجملها عدا عند العنق؛ حيث تكون ناتئة ... ويعد هذا الجزء عند العنق هو الأعلى والأقرب للسماء.» وهذه النقطة الأقرب للسماء هي التي وجد عندها كولومبوس جنة عدن.
هل فقد كولومبوس صوابه؟ ربما؛ فقد كان يرزح تحت ضغط كبير، وكان مريضا في ذلك الوقت. ولكن الأرجح في رأي معظم المؤرخين أن «فردوسه الأرضي» قد انبثق من قناعة كان يحملها بداخله منذ زمن طويل بأن رحلاته كانت بوحي إلهي. علاوة على ذلك، كان اعتقاد كولومبوس بأنه قد وجد الفردوس لا يتعارض بأي حال مع ادعائه بأنه في طريقه إلى آسيا. فكما كتب للملكين الإسبانيين، كان الفردوس في المكان الذي قالت المراجع إنها يقع فيه بالضبط؛ والواقع أن العديد من كتاب العصور الوسطى المسيحيين الذين استشهد بهم في كتاب «صورة العالم» - أحد أكثر الكتب المطلع عليها في مكتبة كولومبوس - قد حددوا مكان جنة عدن عند أبعد نقطة من الشرق الأقصى.
وعلى أي حال، فقد تخلى كولومبوس عن فكرة الفردوس الأرضي فيما بعد. ففي عام 1502، في أثناء رحلته البحرية الرابعة والأخيرة للعالم الجديد، أعلن أنه كان بصدد البحث عن مضيق يستطيع من خلاله اجتياز هذه القارة الجديدة للوصول إلى آسيا.
وقد شدد معظم المؤرخين، الذين كانوا لا يزالون يحذون حذو لاس كاساس وفرديناند كولومبوس وموريسون، على أن كولومبوس لم يدرك قط مدى اتساع هذه القارة الجديدة، بل لم يعتبرها مطلقا قارة حقيقية؛ بل إنه قد استقر في ذهنه أنها امتداد لشبه جزيرة الملايو. لقد كانت بالتأكيد أكبر مما توقع، ولكن آسيا تقع وراءها مباشرة، فقط لو كان قد تمكن من إيجاد طريق للمرور عبرها أو من حولها.
وأغلب الظن أن كولومبوس توفي وهو على اعتقاد بأنه قد وصل إلى جزر الهند. وإذا كان الأمر كذلك، فهذا يعني أن كولومبوس كان على قدر غير عادي من العناد والعزم؛ وإلا فمن المستحيل أن يكون قد تجاهل الأدلة التي توصل إليها في رحلاته الأخيرة؛ أو حتى رحلته الأولى. إذن كان الأمر يتطلب رجلا على قدر غير عادي من العناد والعزيمة لإقناع فرديناند وإيزابيلا بتمويل رحلته البحرية، والإبحار عبر المجهول.
لمزيد من البحث
Page inconnue