Énigmes historiques complexes : une enquête captivante sur les événements les plus mystérieux à travers le temps
ألغاز تاريخية محيرة: بحث مثير في أكثر الأحداث غموضا على مر الزمن
Genres
ولكن كما يعلم الجميع، لم يكن كولومبوس ليعدل عن قناعته. فقد حسب أن 2760 ميلا فقط من المياه المفتوحة تفصل بين أوروبا وآسيا، وأقنع فرديناند وإيزابيلا - ملكي إسبانيا - بأن الأمر يستحق منهما تمويل رحلته البحرية. وعلى ذلك، أبحرت السفن نينا وبينتا وسانتا ماريا في سبتمبر عام 1492 من جزر الكناري. وبعد خمسة أسابيع فقط - في نفس البقعة التي تنبأ بأنه سيجد فيها أرضا - هبط كولومبوس على الشاطئ.
بالطبع كانت المفارقة التي شابت هبوط كولومبوس الناجح أنه لم يهبط بالقرب من آسيا بأي حال. وكان الرأي المتفق عليه بخصوص ذلك صائبا تماما: لقد كانت آسيا أبعد ب 6000 ميل غربا من جزر البهاما التي كان كولومبوس يقف على إحداها آنذاك. ولولا وجود قارتين وعدد هائل من الجزر الأخرى بين أوروبا وجزر الهند، لاختفى كولومبوس وطاقمه بشكل شبه مؤكد وسط البحار.
ولأكثر من أربعمائة عام، ظلت هذه القصة عن كولومبوس هي المتداولة على جانبي الأطلنطي، قصة مكتشف أمريكا البطل ذي العزيمة، وإن أخطأ خطأ جسيما. ولكن بدءا من مطلع القرن العشرين تقريبا، خضعت القصة لتدقيق واستقصاء شابه الشك بشكل متزايد.
راح كثير من المؤرخين يتساءلون: كيف يمكن أن يكون كولومبوس قد أخطأ إلى هذا الحد؟ وكيف تمكن من الاستمرار في الادعاء بأن الأراضي التي عثر عليها هي جزر الهند وأن شعبها هم «الهنود»، على الرغم من الأدلة الساحقة على أنها لم تكن الصين أو اليابان؟ خلص بعض المؤرخين إلى أن كولومبوس لم يكن يقصد مطلقا الذهاب إلى آسيا وأن «مغامرته في جزر الهند» كانت مجرد خدعة لتضليل المستكشفين الآخرين. كما يزعم المؤرخون أن هدف كولومبوس من البداية كان اكتشاف عالم جديد. •••
لا شك أن ما قاله كولومبوس للعالم هو أنه كان متجها صوب جزر الهند، وقد صدقه المؤرخون المعاصرون. وكان من أبرز هؤلاء بارتولومي دي لاس كاساس؛ فهو لم يكتب السجل التاريخي الأكثر شمولا لرحلات كولومبوس البحرية فحسب، بل أدرج فيه أيضا أجزاء من يوميات كولومبوس (علما بأن النسخ الأصلية قد فقدت). تبدو افتتاحية يوميات كولومبوس، كما سجلها لاس كاساس، وصفا مباشرا جدا لنوايا ومقاصد كولومبوس. فقد كتب المستكشف إلى فرديناند وإيزابيلا: «لقد قرر سموكما إرسالي، أنا كريستوفر كولومبوس، إلى أراضي الهند لمقابلة حكامها ومشاهدة البلدات والأراضي وتوزيعها، وغيرها من الأشياء الأخرى ... وأمرتماني بألا أتجه شرقا برا، كما هو معتاد، ولكن بأن أتخذ طريقي غربا؛ حيث لم يرتده إنسان قبل اليوم بحسب علمنا.»
كيف يمكن لأشهر بحار عبر العصور - والذي يقع بصره في هذه اللوحة لأول مرة على العالم الجديد - ألا يكون لديه فكرة عن ماهية ما ينظر إليه؟ (مكتبة الكونجرس.)
سجل كولومبوس في دفتر يومياته بتاريخ 21 أكتوبر، بعد أن هبط على ما وصفه بجزيرة نائية، أنه كان لا يزال مصمما على الوصول إلى البر الرئيسي الآسيوي كي يسلم ل «الخان الأعظم» - الإمبراطور الصيني - خطابات تعريف من فرديناند وإيزابيلا. وفي طريق عودته إلى إسبانيا، كتب كولومبوس إلى فرديناند وإيزابيلا أن الحصن الذي أنشأه سيكون ملائما «لكل أنواع التبادل التجاري مع أقرب بر رئيسي وكذلك مع ... الخان الأعظم.»
لم يكن يبدو أن أيا من ذلك سيترك مجالا للشك بشأن وجهة كولومبوس، أو الوجهة التي كان يعتقد أنه وصل إليها.
كان ثاني أهم مؤرخ معاصر هو فرديناند كولومبوس، نجل المستكشف، وكان على نفس القدر من التعنت بشأن الوجهة التي كان والده يقصدها. فلم يكتب فرديناند أول سيرة ذاتية لكولومبوس فحسب، بل أيضا احتفظ بكتب أبيه، التي كان من ضمنها ملاحظات هامشية لم تكن تقدر بثمن للمؤرخين في المستقبل. وتشير هذه الملاحظات إلى أن كولومبوس قد عرف بشأن آسيا عن طريق قراءة أعمال كتاب العصور الوسطى مثل ماركو بولو وجون ماندفيل. وفيما يبدو أيضا أنه قد استشار أرسطو وسينيكا، اللذين ناقش معهما إمكانية الإبحار غربا إلى جزر الهند. ويقدم كتابان من العصور الوسطى كانا في مكتبة كولومبوس - هما كتابا «صورة العالم» لبيير دايي، و«تاريخ العالم» للأب بيوس الثاني - تخمينات متعددة بشأن مدى ضيق المحيط، وكانت الفقرات المتعلقة بذلك موضوعا تحتها خطوط، ربما من قبل كولومبوس نفسه.
ضمت ترجمة فرديناند لسيرة أبيه الذاتية أيضا نسخا من المراسلات بين أبيه وبين توسكانيلي، الجغرافي الإيطالي الذي زودت تقديراته للمسافة بين أوروبا وآسيا كولومبوس بدعم إضافي لنظريته. وقد كتب فرديناند أن خطاب توسكانيلي «قد ملأ الأميرال بحماس أعظم تجاه الاكتشاف.» والأمر الأكثر إثارة، كما كتب لاس كاساس ، أنه قد «شحذ قريحة كولومبوس.»
Page inconnue