[الفية السيرة النبوية]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
بين يدي الكتاب
الحمد لله الّذي نضّر وجوه أهل الحديث، وجعل منهم حفّاظا للسّنّة بسعيهم الحثيث، فاضت السّنّة عذبة المورد، دانية الجنى، باهرة السّنا.
والصّلاة والسّلام على سيّد ولد عدنان، الّذي أمر بالبيان، فكانت سنّته مفصّلة لما أجمل في القرآن، وعلى آله الغرّ المطهّرين، وصحابته والتّابعين.
أمّا بعد:
فإنّ السّيرة النّبويّة مما تواردت الأقلام على تحريرها، والأفكار على الاستنباط منها، والموفّقون على اقتفاء توجيهاتها، والتّأسّي بأفضل الخلق على الإطلاق ﵌؛ لأنّه الإمام المتّبع، والمصطفى المشفّع، ولقد تفنّن أولو العلم في استجلاء تلك الطّلعة البهيّة، والاغتراف من الشّمائل المصطفويّة.
وأهل العلم ما بين ناظم وناثر، ومتوسّع ومختصر، وشارح ومحشّ، والهدف واحد، وإن تنوّعت الأساليب، ألا وهو عرض سيرة المصطفى ﵌، وتبيان ما كان عليه من الخلق العظيم، والرّحمة للعالمين.
رحمة كلّه وحزم وعزم ... ووقار وهيبة وحياء
ما سوى خلقه النّسيم ولا غي ... ر محيّاه الرّوضة الغنّاء
والإعلام بما كان عليه أصحابه من الجدّ والاجتهاد، في مرضاة ربّ العباد، حتّى قدّموا أرواحهم رخيصة في سبيل إعلاء كلمة الله، هذا وإنّ ممّن أدلى فيها بدلوه، وألّف فيها بنظمه: الحافظ زين الدّين عبد الرّحيم بن الحسين العراقيّ الّذي كان شيوخ عصره يشهدون له بالمعرفة؛ ويثنون عليه؛ كالسّبكيّ والعلائيّ
1 / 5
وابن كثير وغيرهم، حتّى إنّ الإسنويّ وصفه بقوله: (حافظ العصر)؛ إذ له مؤلفات بديعة في الحديث وعلومه، منها: «الألفية» الّتي اشتهرت في الآفاق، وشرحها جمع من أهل العلم، وتخريج أحاديث «الإحياء» الموسوم ب «المغني عن حمل الأسفار في الأسفار» وغيرهما.
ومن ذلك: «ألفيّة رجزيّة في السّيرة النّبويّة»، وهي من مهمّات المتون، وبدائع الفنون؛ لما تمّيزت به من ضبط محرر للأحداث، ودقّة في تواريخ الغزوات والسّرايا، لا سيّما والنّاظم قد أملاها في الرّوضة النّبويّة الشّريفة على فئة من محدثي عصره، وجماعة من المعنيّين بهذه الفنون، فهي بحقّ من الإتحافات السّنيّة، والمتون الرّجزيّة المفيدة، لذلك فهي قمنة بالاقتناء، جديرة بالاعتناء.
وفي أثناء كتابة هذه الأحرف وبينما الكتاب ماثل للطبع.. انتقل إلى جوار ربّه الإمام العلم الّذي تناقلت الأقطار مناقبه وآثاره، وأشارت أكفّ الفضل إليه؛ السّيّد محّمد بن علويّ بن عبّاس المالكيّ، فكان من ترتيب الأقدار لهذا الكتاب المبارك: أن يكون تحقيقه والتّعليق عليه آخر أعمال الإمام المالكيّ العلميّة، والّتي طرّزت بها أنامله هذا السّفر المبارك، فبارك الله تعالى في هذه «الألفيّة»، وعمّ بها النّفع، إنّه سميع مجيب.
وقد جرّدت دار المنهاج عزمها لإخراج «ألفيّة السّيرة» في أجمل إهاب، وأحسن جلباب، وتفنّنت في إخراجها بالشّكل المرضيّ، وذهبت في ذلك إلى الشّأو القصيّ، بحيث يسرّ العيون منظرها، ويبهج الأفكار مخبرها، لا سيّما وقد التقى على صفحات هذا السّفر علمان محدّثان، قديم ومعاصر، والله تعالى ينفع به.
النّاشر
جدة في (٢١) رمضان (١٤٢٥ هـ)
(٤) تشرين ٢ (٢٠٠٤ م)
1 / 6
بسم الله الرّحمن الرّحيم
تقديم
بقلم السيد أحمد بن محمد بن علوي المالكي الحسني
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام الأكملان على سيد الأولين والآخرين، سيدنا وشفيعنا وقائدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن مما نحمد الله عليه، ونشكره ونثني عليه الخير كله، أن جعل ميراثنا خير ميراث ورّثه لنا آباؤنا وهو العلم، فنشأنا بحمد الله وعظيم فضله في أحضانه، وبين أربابه وطلابه، فنهلنا من معين صاف مورده، وربينا على حبّ وعشق لمصدره.
لقد ربّانا والدنا وقدوتنا سيدي الوالد العلامة المحدث السيد محمد بن علوي المالكي ﵀ رحمة واسعة، وأعلى مقامه في عليين، وجمعنا وإياه مع سيد المرسلين، سيدنا محمد وآله وصحبه، وجميع أنبيائه وأوليائه في الفردوس الأعلى، آمين يا رب العالمين، أقول: ربّانا رحمه الله تعالى على العيش على منهج وسيرة سيد المرسلين، وشغل أوقاتنا وأفكارنا مع أرواحنا في سيرة هذا النبي العظيم، الرؤوف الرحيم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، لتكون النبراس الذي لا يغيب عن أعيننا وأرواحنا، فتعيش سيرته العطرة في أحشائنا، وتسري محبته في عروقنا؛ لتغذي جميع جوارحنا، فتغدو موئل عزّنا، ومنار فخرنا.
1 / 7
لقد كان رحمه الله تعالى مشتغلا دوما بعرض سيرة المصطفى ﷺ في كل أوقاته، ومؤلفاته، ومحاضراته، ومحاوراته، ومناقشاته مع محبّيه ومخالفيه، ومما ختم الله له به آخر أعماله، اشتغاله بالتعليق على منظومة الإمام الزين العراقي المتوفّى سنة (٨٠٦ هـ) المسمّاة ب: «الدّرر السنية في نظم السير الزكية»، والتي اصطلح على تسميتها ب: «ألفية الإمام العراقي في السيرة»، تمييزا لها عن ألفيته في علوم الحديث.
لقد كانت آخر ما كتبه بخطه الشريف تعليقا على بعض مواضع في هذه المنظومة، قبل وفاته رحمه الله تعالى بيوم واحد فقط، فوجدنا أنه من البرّ به، وتحقيقا لأمنيته في إبراز هذه المنظومة لطلبة العلم، ومحبي سيرة المصطفى ص أن تخرج هذه الطبعة بما يليق بها، وتتحقق بذلك بغية والدنا السيد الإمام رحمه الله تعالى، وسعيت في المشاركة في ثواب نشر العلم، وبرّ الوالد السيد الإمام رحمه الله تعالى أن أكتب ما تعلق في خاطري من معين دروس وكلام السيد الوالد، مع التماس العذر في عدم الاستيفاء في ذلك؛ لتكدر الخاطر وانشغاله، والله المعين على ذلك.
فأقول: إنّ مما سمعته منه رحمه الله تعالى في أحد دروسه التي تكلم فيها على عظم تعلم سيرة المصطفى ﷺ، ومعايشة أحوال تلك السيرة، أنها تهذب النفوس، وتبين الطريق الواضح المبين للمعاملات بين الناس، سواء الدينية أو الدنيوية، فمنها نتعلم كيف نعامل من خالفنا، وكيف نحكم تصرفاتنا، وكيف يعلم بعضنا بعضا، وكيف يرشده وينصحه، وكيف نتعلم أمور ديننا، وكيف نقيم الحدود ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ونعرف حقوق بعضنا، والأمور التي تحكم سير المجتمع، وكيف نعالجه، إلى غير ذلك من مقومات المجتمع الإسلامي.
لقد صادف حديثه ذلك حدوث بعض ما يؤلم في بعض المجتمعات الإسلامية
1 / 8
من تعد وفتن؛ فكانت مناسبة لبيان مفرزات البعد عن معرفة وفهم سيرة المصطفى ﷺ.
ومن ذلك أيضا: تكراره رحمة الله عليه على جميع محبّيه ومن يسمع حديثه، أو يتابع دروسه: أن يشتغل بتدبر ومعرفة دقائق ومواقف سيرة المصطفى ﷺ، لتربية النفس وردعها عن ما قد لا يرضاه الله ورسوله ﷺ، فقد كان عندما يقوم أحد بسؤاله عن فعل شيء أو تركه يربطه بقوله له: هل يرضى هذا حبيبك المصطفى ﷺ؟!
كان رحمه الله تعالى يحث على تنشئة الصغار على معرفة سيرة المصطفى ص ومحبته، وشغل الوقت بقراءة ما يتصل بذلك، وعمل في ذلك كتابه «تاريخ الحوادث والأحوال النبوية» ضمن سلسلة (العلم والمعرفة للشباب) فصاغه بأسلوبه الماتع الشيق في سيرة مختصرة رزقت القبول لدى الصغار والكبار، بجميع فئاتهم وتوجهاتهم.
إنّ تعلم السيرة النبوية وفهم مجريات أحداثها وأحوالها أعظم طريق لبناء مجتمع إسلامي يعرف هدفه ومسؤوليته، ويسلك المنهج الأسمى مستضيئا بها، لأنها معين لا ينضب، وشمس لا تغرب، ومعرفة تقصر الهمم عن إدراك منتهاها، سيرة تحمل جميع معطيات الأمن والأمان، والتهذيب والعرفان، وتغني عن جميع غيرها من السير القاصرة في معطياتها، القاحلة من مكارم الأخلاق.
فشكر الله سعي والدي الإمام السيد محمد بن علوي المالكي، وأثابه من فضله وسعة منّه جزاء ما عمل على غرسه والعمل على جني ثمره، حبّا وتعظيما لجناب الشفيع المشفّع ﷺ، وأنالنا من فضل جوده وكرمه ما يجعلنا قرّة عين لحبيبنا المصطفى ﷺ.
ختاما.. أسأل العلي القدير أن يبارك في بيت آل المالكي وعقبهم جميعا، ويجعل سره فينا إلى يوم نلقاه، آمين.
1 / 9
اعتناء العلماء ب «ألفية السيرة»
تظهر أهميّة هذا النظم الجليل بكثرة اعتناء أهل العلم به، فقد قام علماء أجلّة بالعناية به شرحا وتحشية؛ لإظهار فوائده، وإيضاح فرائده، وتزيين قلائده، وممّن قام بذلك:
١- الشّيخ محبّ الدّين محمّد بن أحمد بن محمّد بن الهائم (ت ٧٩٨ هـ)، «الغرر المضيّة في شرح نظم الدّرر السّنيّة»، مخطوط «١» .
٢- الإمام العلّامة شهاب الدين أحمد بن حسين بن حسن بن علي ابن أرسلان الرملي الشافعي (ت ٨٤٤ هـ)، «شرح ألفية العراقي في السيرة» «٢» .
٣- العلّامة المحدّث عبد الرؤوف بن تاج الدّين علي المناوي (ت ١٠٣١ هـ)، «الفتوحات السّبحانية في شرح نظم الدّرّة السّنيّة»، طبع بعنوان «العجالة السّنيّة على ألفيّة السّيرة النّبويّة»، وهو أشهر شروح «الدّرر السّنيّة» .
٤- شيخ المالكيّة الإمام نور الدّين علي بن محمّد بن عبد الرّحمن الأجهوري (ت ١٠٦٦ هـ)، «شرح الدّور السّنيّة في نظم السّيرة النّبويّة»، مطبوع في مصر «٣» .
٥- الفقيه الشّيخ ياسين بن محمّد الخليلي، المعروف بابن غرس (ت ١٠٨٦ هـ)، «الفوائد البهيّة على الدّرر السّنيّةُ في نظم السّيرة الزّكيّة»، مخطوط «٤» .
_________
(١) الأعلام (٥/ ٣٢٩) .
(٢) الضوء اللامع (١/ ٢٨٥) .
(٣) بعناية وإشراف الدكتور علي جمعة محمد مفتي الديار المصرية.
(٤) قائمة بالمخطوطات العربية في مكتبة جامعة برنستون (ص ٢١٣) .
1 / 10
٦- الشّيخ محمّد بن أحمد البرلّسي المالكي (ت ١٠٩٧ هـ)، «البدر المنير في شرح سيرة البشير النّذير»، مخطوط «١» .
٧- الشّيخ أبو إسحاق إبراهيم بن مرعي بن عطية الشّبرخيتي المالكي (ت ١١٠٦ هـ)، «شرح ألفيّة العراقي في السّيرة»، مخطوط «٢» .
٨- العلّامة أبو الصّفاء إبراهيم بن مصطفى الحلبي، عرف بالمداري (ت ١١٩٠ هـ)، «شرح نظم السّيرة النّبويّة»، مخطوط.
٩- الشّيخ أبو عبد الله محمّد الطّيّب بن عبد المجيد بن عبد السّلام بن كيران (ت ١٢٢٧ هـ)، «شرح ألفيّة العراقي في السّيرة»، مخطوط «٣» .
١٠- الشّيخ علي بن الحسين السعاوي، كان حيّا سنة (١٢٩٢ هـ)، «الغرر العليّة في شرح الدّرر السّنيّة في نظم السيرة النبوية»، مخطوط «٤» .
١١- العالم عبد الله بن إيبيه الديماني (ت ١٣٢٨ هـ)، «جامع السّيرة في شرح ألفيّة العراقي» .
١٢- الشّيخ أحمد بن محمّد بن أحمد الحسني الشّنقيطي (القرن الرابع عشر)، «شرح ألفيّة زين الدّين العراقي في السّيرة» .
_________
(١) فهرس الكتب الموجودة بالمكتبة الأزهرية (٨/ ٢٥٨) .
(٢) هدية العارفين (١/ ٣٦) .
(٣) فهرس الخزانة العلمية الصبيحية بسلا- المغرب (ص ٨٣) .
(٤) فهرس المخطوطات العربية في مكتبة الأوقاف العامة في بغداد (١/ ٣٥٤) .
1 / 11
ترجمة الحافظ العراقيّ رحمه الله تعالى
اسمه ونسبه
هو الإمام العلّامة الحافظ الكبير زين الدّين أبو الفضل عبد الرّحيم بن الحسين بن عبد الرّحمن، العراقيّ الأصل، المهرانيّ المولد، المصري، الشّافعيّ.
مولده ونشأته
ولد في الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وسبع مئة بمنشيّة المهراني على شاطىء النّيل، من أبوين صالحين عابدين، وتوفي والده وهو في الثّالثة من عمره.
حفظ القرآن الكريم وهو ابن ثمان، و«التّنبيه»، وأكثر «الحاوي»، و«الإلمام»، وكان أوّل اشتغاله في علم القراآت، ونظر في الفقه وأصوله، وتقدّم فيهما بحيث كان الإسنوي يثني على فهمه، ويستحسن كلامه ويصغي لمباحثه.
ثمّ أقبل على علم الحديث بإشارة من العزّ ابن جماعة، فأخذ عن علماء بلده، ثمّ سافر لطلب الحديث في بلاد الشّام وغيرها. وكان كثير الحجّ والمجاورة بمكّة المكرّمة، واجتهد ونسه وقرأ وسمع حتّى صار حافظ الوقت كما قال عنه أقرانه.
شيوخه
وهم خلق كثير، منهم:
- العلّامة المقرىء محمّد بن أبي الحسن بن عبد الملك بن سمعون.
1 / 12
- العلّامة الأصولي محمّد بن إسحاق بن محمّد البلبيسي.
- العلّامة الأصولي عبد الرّحيم بن الحسن بن علي الإسنوي.
- العلّامة الأصولي محمّد بن أحمد بن عبد المؤمن المصري، المعروف بابن اللّبّان.
- العلّامة المحدّث عبد الرّحيم بن عبد الله بن يوسف، المعروف بابن شاهد الجيش.
- العلّامة المحدّث محمّد بن محمّد بن إبراهيم الميدومي.
- العلّامة المحدّث محمّد بن محمّد بن محمّد ابن سيّد النّاس.
- العلّامة المحدّث محمّد بن إسماعيل بن عبد العزيز.
- الأمير سنجر بن عبد الله الجاولي.
- العلّامة الفقيه عليّ بن أحمد بن عبد المحسن ابن الرّفعة.
- العلّامة المحدّث عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الهادي المقدسي.
- العلّامة المحدّث عليّ بن عبد الكافي السّبكيّ.
- العلّامة المحدّث خليل بن كيكلدي العلائي.
- العلّامة المحدّث عبد الله بن أحمد بن محمّد الطّبريّ.
- العلّامة المحدّث يحيى بن عبد الله بن مروان الفارقي.
- العلّامة المحدّث أحمد بن عبد الرّحمن بن محمّد المرداوي.
وغيرهم كثير.
تلاميذه
وهم خلق كثير أيضا، منهم:
- ولده العلّامة أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم.
- الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني.
- الحافظ علي بن أبي بكر الهيثمي.
1 / 13
- العلّامة الفقيه محمّد بن موسى الدّميريّ.
- العلّامة المحدّث إبراهيم بن حجاج الأبناسي.
- العلّامة علي بن أحمد بن إسماعيل القلقشندي.
- العلّامة أبو بكر بن حسين بن عمر المراغي.
- العلّامة محمّد بن ظهيرة الشّافعي.
- العلّامة المحدّث إبراهيم بن محمد بن خليل المعروف بسبط ابن العجمي.
وغيرهم كثير.
صفته
كان معتدل القامة للطّول أقرب، مليح الوجه، منوّر الشّيبة، كثّ اللّحية، كثير السّكون، طارحا للتّكلّف، شديد الحياء، غزير العلم، سخي النّفس، خفيف الرّوح، لطيف الطّبع، كثير الحياء، ظاهر الوضاءة كأن وجهه مصباح.
ثناء العلماء عليه
قال الحافظ ابن حجر ﵀: صار المنظور إليه في هذا الفن من زمن الشّيخ جمال الدّين الإسنوي وهلمّ جرا، ولم نر في هذا الفن أتقن منه، وعليه تخرّج غالب أهل عصره.
وقال السّخاوي ﵀: وصار المشار إليه بالدّيار المصريّة وغيرها بالحفظ والإتقان والمعرفة مع الدّين والصّيانة والورع والعفاف والتّواضع والمروءة والعبادة.
وقال ابن تغري بردي: كان شديد الحياء، غزير العلم، مقداما كريما، وكان لا يهاب سلطانا في قول الحقّ.
وفاته
توفّي ﵀ في ثامن شعبان سنة ستّ وثمان مئة، وله إحدى وثمانون سنة، ورثاه تلميذه الحافظ ابن حجر بقصيدة مطلعها:
1 / 14
مصاب لم ينفّس للخناق ... أصار الدمع جارا للماقي
فروض العلم بعد الزهو ذاو ... وروح الفضل قد بلغ التراقي
مصنفاته
للحافظ العراقي ﵀ عشرات المصنفات، منها ما كمل، ومنها ما لم يكمل، وهذه بعضها:
- إخبار الأحياء بأخبار الإحياء، وهو تخريجه الكبير لكتاب «إحياء علوم الدين»، ولم يخرج عن المسودة.
- المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار.
- تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد.
- التّبصرة والتّذكرة، وهي ألفيّة الحديث.
- التّقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق في كتاب ابن الصّلاح.
- الدّرر السّنيّة في نظم السّير الزّكيّة، وهو كتابنا هذا.
- منظومة في غريب القرآن العزيز.
- النّجم الوهّاج في نظم المنهاج، يعني «المنهاج في الأصول» للبيضاوي.
- المستخرج على المستدرك.
- تكملة شرح جامع الترمذي لابن سيّد النّاس.
- تخريج أحاديث منهاج البيضاوي.
1 / 15
وصف النّسخ الخطّيّة
اعتمدنا في إخراج هذا الكتاب على أربع نسخ خطّيّة:
الأولى:
نسخة محفوظة في مكتبة جامعة برنستون في الولايات المتّحدة الأمريكية، وهي الأصل الذّي اعتمدناه، وهي بخطّ المصنّف، وعليها تعليقاته، وفي آخرها إجازاته لمن قرأها عليه.
تتألّف من أربعين ورقة، في كلّ ورقة ستّ وعشرون بيتا، كتبت بخطّ نسخي مقروء، ضبط المصنّف أكثر كلماتها بالشّكل.
ورمزنا لها ب (أ) .
الثّانية:
نسخة مكتبة شهيد علي في تركية، ناسخها العلّامة الإمام إبراهيم بن محمّد بن خليل المعروف بسبط ابن العجمي الحلبي الشّافعي سنة (٨١١ هـ)، وعليها تعليقات مفيدة بخطّ العلّامة الإمام محمّد بن أبي الوليد بن الشّحنة الحنفي، علّقها سنة (٨٢٦ هـ) عند قراءته لها على سبط ابن العجمي.
وهي نسخة نفيسة مقابلة على نسخة المؤلّف رحمه الله تعالى، مكتوبة بخطّ نسخي مقروء، ومضبوطة بالشّكل، تتألّف من ثلاثين ورقة، كلّ ورقة أربعون بيتا.
ورمزنا لها ب (ب) .
الثّالثة:
نسخة مكتبة الحرم المكّيّ، غير معروفة النّاسخ، عليها تعليقات، كتب في الصّحيفة الأولى أنّها من «شرح الأجهوري» على المنظومة، نسخت في سنة (١٣٣٥ هـ)، مكتوبة بخطّ نسخي جيّد، ضبط فيها بعض الكلمات بالشّكل، تتألّف من عشرين ورقة، في كلّ ورقة أربعة وخمسون بيتا.
ورمزنا لها ب (ج) .
1 / 16
الرّابعة:
نسخة ثانية في مكتبة الحرم المكّيّ، ناسخها محمّد المنوي الفراتي، وفي آخرها أنّه فرغ منها سنة (١٣٢٦ هـ)، كتبت بخط مغربي مقروء، ضبط فيها بعض الكلمات بالشّكل، تتألّف من عشرين ورقة، في كلّ ورقة ثلاثون بيتا.
ورمزنا لها ب (د) . «١»
_________
(١) كتب على ظهر هذا المخطوط ما نصه: (أروي هذه الألفية عن شيخنا العلامة السيد أحمد البرزنجي، عن والده السيد إسماعيل البرزنجي، عن الشيخ صالح الفلاني العمري، عن محمد بن سنّة عن مولاي الشريف محمد بن عبد الله الولاتي، عن الشيخ محمد بن أركماش الحنفي، عن الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، عن مؤلفها الحافظ الإمام جمال الحفاظ الفخام زين الدين عبد الرحيم بن الشيخ الإمام الزاهد القدوة المسلّك حسين بدر الدين بن أبي بكر بن إبراهيم الكردي الرازناني الأصل ثم المصري الشافعي، المعروف بالزين العراقي، نسبة إلى عراق العرب قال: ...) ثم سرد «الألفية» .
1 / 17
منهج العمل في الكتاب
- قابلنا المخطوطة الأصل والّتي بخطّ المصنّف على النّسخ الآخرى، وأثبتنا الفروقات المهمّة.
- ضبطنا النّصّ بالشّكل الكامل ضبطا دقيقا، معتمدين في ذلك على نسخة الأصل؛ لأنّ العراقيّ رحمه الله تعالى شكل معظمها، وكذلك على المصادر والمراجع لتوثيق ضبط الأعلام والأماكن.
وما كان له أكثر من ضبط ضبطناه بالاثنين معا قدر الاستطاعة.
- وضعنا علامات التّرقيم بشكل دقيق يساعد على فهم النّصّ.
- شرحنا بعض المفردات الغريبة.
- علّقنا على بعض المواضع التي رأينا أنّها بحاجة لذلك، وقد قصدنا الاختصار في التّعليقات؛ لأنّ مرادنا إخراج النّصّ بأفضل شكل ممكن، وليس إخراج شرح له.
- رقمنا الأبيات ليسهل على الطلبة حفظها.
1 / 18
صور المخطوطات المستعان بها
1 / 19
راموز ورقة العنوان للنسخة (أ)
راموز الورقة الأولى للنسخة (أ)
1 / 21
راموز الورقة قبل الأخيرة للنسخة (أ)
راموز الورقة الأخيرة للنسخة (أ)
1 / 22
راموز ورقة العنوان للنسخة (ب)
راموز الورقة الأولى للنسخة (ب)
1 / 23
راموز الورقة الأخيرة للنسخة (ب)
راموز ورقة العنوان للنسخة (ج)
1 / 24
راموز الورقة الأولى للنسخة (ج)
راموز الورقة الأخيرة للنسخة (ج)
1 / 25