416

كل هذا الذي أورده ابن عبد البر ، وأمثاله مما رواه غيره ، كإحراق أبي بكر لما كتبه ، وعدم وصول شئ من صحف الصحابة الى التابعين ، وكون التابعين لم يدونوا الحديث لنشره إلا بأمر الأمراء ، يؤيد ما ورد من أنهم كانوا يكتبون الشئ لأجل حفظه ، ثم يمحونه... وإذا أضفت الى هذا ماورد في عدم رغبة كبار الصحابة في التحديث بل في رغبتهم عنه ، بل في نهيهم عنه ، قوي عندك ترجيح كونهم لم يريدوا أن يجعلوا الأحاديث(كلها)دينا عاما دائما كالقرآن !

ولو كانوا فهموا من النبي أنه يريد ذلك لكتبوا ولأمروا بالكتابة ، ولجمع الراشدون ما كتب ، وضبطوا ما وثقوا به وأرسلوه الى عمالهم ليبلغوه ويعملوا به ، ولم يكتفوا بالقرآن ). انتهى.

فتأمل جيدا قوله: (قوي عندك ترجيح كونهم لم يريدوا أن يجعلوا الأحاديث (كلها)دينا عاما دائما كالقرآن) ! فالسركله في رفض بعض السنة وقبول بعضها!!

الأسئلة

1 نلاحظ أن هذا المفسر المثقف الناصبي ، وغيره من الذين احتجوا بأحاديث نهي النبي(ص) عن كتابة حديثه ، لم يسألوا أنفسهم أنه لو صح أنه كانت توجد أثارة من علم عن النبي(ص) تنهى عن رواية حديثه أو كتابته ، لتمسك بها أبو بكر وعمر مع شدة حاجتهم اليها !

مع أنا لانجد شيئا من ذلك رغم تتبع علمائهم لأعذارهم وحرصهم على تبرير فعلتهم ! فقد طلب أبو بكر من الناس أن يأتوه بما دونوه من سنة النبي(ص) وجاؤوه به صادقين وهم لايتصورون أنه سيحرقه ! وتأرق ليله كما تقول عائشة ، ثم قرر إحراقه بحجة وجوب التحقق من رواة الحديث النبوي!

فلو كان هناك أثارة من علم ، أو شبهة تنهى عن التدوين ، لاستند إليها وأراح نفسه ! ولو قلنا إنه لم يطلع عليها لأطلعه عليها الصحابة !

ولو وجد شئ من ذلك لقاله الصحابة لعمر عندما أشاروا عليه بتدوين السنة ، ولم يذكر أحد منهم ولا نصف رواية ، تزعم أن النبي(ص) نهى عنه !

ألا يكفي ذلك للحكم بأن أحاديث النهي عن الكتابة قد وضعت بعد قرار تغييب السنة ومنع كتابتها ، من أجل تبرير عمل أبي بكر وعمر؟!

Page 418