والرابع: أن روايات هذه الآية المزعومة متعارضة ، ففي بعضها أن مدعي الآية هو عمر كما تقدم، وفي بعضها أنه ابن عباس كالذي رواه السيوطي في الدر المنثور:5/197 ، وذكر حوارا دار فيها بين عمر وبين ابن عباس ، وكأن عمر لايعرفها أو يشك فيها ويقرر ابن عباس بها :
قال السيوطي: (وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس أن عمرسأله ... فقال عمر: من أمرنا أن نجاهد؟ قال: بني مخزوم وعبد شمس ! ) . انتهى.
وهذا التعارض يوجب الشك في أصل وجود آية كانت ثم نسخت !
والخامس: أن الحكم بأنها من القسم الثاني ما نسخ رسمه وبقي حكمه ، وإن كان يناسبه تعبير أنها نسخت ، أو رفعت من القرآن كما في بعض رواياتها ، لكن رواية ابن الجوزي ورواية المسور بن مخرمة (في كنز العمال:2/567 وغيره) تعارض ذلك وتقول إنها أسقطت فيما أسقط من القرآن ! ومعناه أنها لم تنسخ بل أسقطت من المصحف الفعلي ، عمدا ، أو سهوا ، أو لضياعها ! وليس شئ من ذلك نسخا !
والسادس: أن آية عائشة المزعومة ليس لها معنى معقول مفهوم ، حتى نقبل أن تكون نزلت آية ثم رفعت ! فما معنى أن الله تعالى يقرن الصلاة على نبيه صلى الله عليه وآله بالصلاة على المصلين في الصف الأول؟!
وكيف يصح حينئذ أن يفرع عليه: (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)؟! فلو صحت إضافة عائشة للزم القول إن معنى الآية كان غلطا أو ضعيفا ، حتى رفع الله من الآية الجزء الذي زعمته عائشة !
والسابع: أن آية أنس عن قراء بئر معونة الذين قتلهم أهل نجد: (أن بلغوا قومنا إنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا) ، هي الوحيدة من هذه الآيات المزعومة التي نصت روايتها على أنها كانت مما يقرأ من القرآن ثم رفعت ، أو نسخت .
Page 359