قصة الدرويش الثالث
الليلة الحادية والعشرون
في الليلة التالية، وبينما كانت شهرزاد في سريرها، قالت أختها دينارزاد: «رجاء يا أختاه، اروي لنا قصة أخرى من قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن قصة الدرويش الأخير.» فأجابت شهرزاد: «على الرحب والسعة!» •••
بلغني - أيها الملك السعيد - أن الدرويش الثالث قال للمرأة: إن قصتي أغرب وأكثر إدهاشا من قصص الدرويشين الآخرين، لكنني جلبت الشقاء لنفسي. كان والدي ملكا عظيما، وعندما توفي، ورثت مملكته. كنت ثريا للغاية وذا نفوذ كبير، لكنني قررت في أحد الأيام أن أسافر إلى بعض الجزر البعيدة. قام الملاحون بتحميل المراكب باحتياجات تكفي شهرا، وأبحرنا. وصلنا بعد فترة قصيرة إلى جزيرة رائعة الجمال. نزلنا على شاطئها، وأعددنا بعض الطعام. استرحنا بضعة أيام، ثم أبحرنا من جديد.
أبحرنا عشرات الأيام، لكن أثناء إبحارنا، ظل البحر يرتفع أمامنا والأرض تتضاءل من خلفنا. نزل المراقب لمقابلتي، وقال: «لقد نظرت يمينا، ولا يوجد شيء سوى السماء والماء، ونظرت يسارا فرأيت من بعيد شيئا ضخما أسود اللون.»
عندما سمع القبطان ذلك، ألقى بعمامته على ظهر المركب، وبدأ في البكاء، وشعر بالقلق الشديد. فسألته عما حدث.
فأجاب قائلا: «سنهلك جميعا، أيها الملك. إن العاصفة تقودنا إلى مصير محتوم. مع منتصف يوم غد، سنصل إلى جبل معدني أسود اللون له قدرة فائقة على جذب المعادن. وعندما تمر أي سفينة بجواره، تتطاير جميع مساميرها نحوه، وتتفكك جوانب السفينة. وعلى قمة الجبل - أيها الملك - يوجد حصان نحاسي يعلو ظهره فارس نحاسي. أثناء تدمير الجبل للسفينة، يقضي هذا الفارس على ركاب السفينة.»
وفي اليوم التالي، مررنا بجوار الجبل. وكما قال القبطان، سحب الجبل المسامير من السفينة منتزعا إياها، وتفككت السفينة. أنجاني الله، وتمكنت من التعلق بأحد ألواح السفينة. طفوت على الماء حتى وصلت إلى شاطئ هذه الجزيرة المخيفة، وهناك رأيت سلما محفورا في الصخر.
بدأت أتسلق السلم داعيا الله أن يحفظني. بلغت قمة الجبل، ووصلت إلى قبة نحاسية ضخمة لا تبعد عن المكان الذي يقف فيه الفارس. تلوت صلاتي وحمدت الله أن أنقذني، ثم غفوت في مكان يطل على البحر.
سمعت صوتا في الحلم يقول: «عندما تستيقظ، احفر تحت قدميك، وستجد قوسا نحاسيا وثلاثة أسهم. استخدمها للتصويب نحو الفارس مسقطا إياه عن حصانه ومخلصا الأرض من هذا الوحش. سيسقط في البحر، وترتفع المياه إلى مستوى القبة. وسيأتي قارب صغير عليك أن تجدف فيه مدة عشرة أيام حتى يصل بك إلى مكان آمن. لكن عليك ألا تعبر عن سعادتك بالكلمات، وإن فعلت، فلن تنجو.»
Page inconnue