Albert Camus : Essai Sur Sa Pensée Philosophique

Abd Ghaffar Makkawi d. 1434 AH
94

Albert Camus : Essai Sur Sa Pensée Philosophique

ألبير كامي: محاولة لدراسة فكره الفلسفي

Genres

وأول ما نلاحظه في هذا الصدد هو أن المتمرد لا يكون شيئا حتى يكون ثائرا.

37

والعكس صحيح؛ فالثائر الذي لا يكون في الوقت نفسه متمردا، لا يتسنى له أن يكون ثائرا بحق. إنه حين يحيد عن منبع التمرد وقيمه لا يعدو أن يكون موظفا أو رجلا من رجال البوليس، تلغي أفعاله التمرد في حقيقته ومعناه، فإذا كان الثائر في الوقت نفسه متمردا - وهنا يكون التناقض الفريد بين التصورين - فهو إما أن ينتهي إلى الجنون وإما أن يصمم على الوقوف في وجه الثورة. نحن مضطرون إذن أن نقرر تزامن

38

هذين التصورين وتناقضهما في آن واحد، وذلك إلى أن نوضح الفروق بينهما على وجه التحديد.

ماذا عسى أن يحدث للمتمرد الذي يريد أن يجد مخرجا من هذه المعضلة؟ إنه بالضرورة إما أن يعصي مبادئ التمرد أو يضطهد غيره لتحقيق ما يعتقد أنه يوافق تلك المبادئ؛ أعني أنه سيضطر في لغة كامي أن يدخل التاريخ المحض. الموظف أو رجل البوليس، الجنون أو الاضطهاد، تلك هي المعضلة التي تواجه الإنسان المتمرد وتجعله على الحالين في تناقض مع نفسه.

على أن هذا التقابل بين المتمرد والثائر يقوم على تقابل أصلي آخر؛ ونعني به التقابل بين التمرد والثورة. ولن نستطيع أن ندرك ماهية التمرد وحقيقته حتى نحدد الفرق بينه وبين الثورة. ونود قبل أن نقوم بذلك أن نسجل الملاحظات التالية: (1)

كل تمرد، كما أشرنا إلى ذلك في الصفحات السابقة، فهو في حقيقته شوق إلى البراءة، وكل متمرد فهو من ناحية المبدأ إنسان بريء. غير أن الشوق يمد يديه ذات يوم فيقبض على السلاح ويحمل الذنب الشامل على كتفيه؛ أي القتل والعنف والظلم.

39

ولقد ظلت الثورات التاريخية والثورات الميتافيزيقية، من ثورة العبيد على يد اسبارتاكوس في نهاية العصور القديمة إلى الثورات التي قتلت الملك والإله على مدى القرنين الأخيرين، تتحمل عن عمد ذنبا ظل يتضخم شيئا فشيئا بمقدار ما كان هدفها في التحرر الشامل يزداد يوما بعد يوم. (2)

Page inconnue