ولما سكن الثور المسكين، صاح الحاج في وقاحة: ابحث لي عن سكين صغيرة لأسلخ بها.
فلم أتحرك ولم يتحرك أبو النور. وصاح الرجل مرة أخرى: هات السكين قبل أن يبرد الثور ويفسد الجلد.
فسمعت القول وخفت أن يبرد الثور، وأسرعت إلى البيت فأتيت له بسكين فألقيتها إليه من وراء الباب، ووقفت مع صاحبي مطرقا حزينا.
واقترب أبو النور مني فوضع يده على كتفي وقال مواسيا: لا فائدة من هذا الوجوم. سأذهب إلى المدينة لأعلم الناس بلحم ثورك ليشتروا.
وبعد ساعة كان الحاج قد انتهى من سلخه وتقطيعه، وجاء أبو النور مع جماعة من أهل ماهوش، وسمعته يحدثهم ويراجعونه، وفهمت من حديثهم أنهم يخشون أن يكون الثور قد نحر لأنه كان مطعونا أو مسلولا.
وحلف لهم أبو النور أنه كان سليما، وأنه قد ذبح ليقترض الحاج جمال الدين من ثمن لحمه. ولكن الناس لم يصدقوه، وقال أحدهم: ومن يدرينا أن ذلك الحاج قد قرأ اسم الله عليه؟
وأضاف آخر: وكيف نعرف إذا كانت السكين حادة كما ينبغي؟
وقال ثالث: إنها جرة ونصف جرة. هكذا ينبغي أن يكون الذبح الشرعي. أيعرف هذا الرجل كيف يذبح؟
وقال صوت من أقصى الجمع: ما علم ذلك الحاج بالذبح؟ ألا يكون قد خنقه؟
فسمع الحاج ذلك القول وصاح غاضبا: ما أطول ألسنتكم أيها القوم! أجئتم لشراء لحم أم جئتم لإقامة الحساب؟ انظروا إلى اللحم إن كانت لكم عيون.
Page inconnue