A'lam al-Sirah al-Nabawiyyah fi al-Qarn al-Thani lil-Hijrah
أعلام السيرة النبوية في القرن الثاني للهجرة
Maison d'édition
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
Genres
يده إلى جراحة غائرة في عاتقه فيسأله عن هذه الجراحة، فتعود به الذكرى إلى أيام خلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلمفي نسق الزمن، ولكنها حاضرة في القلب والعقل والإحساس، فيحدث ابنه عنها، ويتحفظها عبد الله ويرويها لمن بعده بانتماء وافتخار.
وكذلك كانت الأحداث من مثل: عبد الله بن محمد بن عقيل وأقرانه يأتون جابر بن عبد الله الأنصاري - وكان له مع رسول الله صلى الله عليه وسلمأيام ومواقف إيمانية - فيسألونه عن سيرة رسول الله ﷺ، وأيامه فيكتبونها.
وكان علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يقول: كنا نعلَّم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلموسراياه كما نعلَّم السورة من القرآن.
وكان إسماعيل بن محمد بن سعد يقول: كان أبي يعلمنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلمويعدّها علينا، وسراياه، ويقول: يا بنيَّ هذه مآثر آبائكم فلا تضيعوا ذكرها (١) .
وهكذا كان الجيل الأول في حرصه على تبليغ مغازي رسول الله ﷺ، والجيل التابع من الحرص على تلقيها حتى أوشك القرن الأول على الانصرام، وأصبح عدد جيل الصحابة قليلًا جدًا بل هو معدود، لأنهم تفرقوا في الأمصار.. وقبل أن ينقرضوا قيض الله من أبنائهم، وأتباعهم جيلًا، كان منهم صفوة أولت هذه المفاخر عنايتها، وهذه السيرة أهميتها، وكان في طليعة هذا الجيل، ومن هذه الصفوة: أبان بن الخليفة الراشد عثمان بن عفان المتوفى في نهاية القرن الأول، وكان قد دون قسمًا من السيرة وصحَّحها (٢) .
_________
(١) انظر الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع للخطيب البغدادي ٢/١٩٥.
(٢) انظر مصادر السيرة النبوية وتقويمها ص: ٦٧.
1 / 2