ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (281) يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب
العظمى بطاعة الله والانزجار عن معاصيه ( ثم توفى كل نفس ما كسبت ) من خير وشر وتوفيته باعتبار توفية جزائه من ثواب او عقاب ( وهم ) اي الناس المدلول عليهم بكل نفس ( لا يظلمون ) بنقص الثواب عن قياس العمل او عدمه وزيادة العقاب عن قياس الجرم أو ابتدائه بلا جرم 281 ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين ) اي تعاملتم بمعاملة فيها دين ( إلى أجل مسمى ) وهذا بيان لأن الأجل لا بد من ان يكون معينا لا جهالة فيه ( فاكتبوه ) اي فاجعلوه مكتوبا أعم من مباشرة الكتابة او تسبيبها وهذا الدين غير القرض المحض فإنه لا اجل فيه ولا عبرة بتأجيله. ولعل السر في تخصيص ذي الأجل بالذكر هو كون المؤجل في الغالب معرضا للوهم والنزاع في الأجل والشروط. وان كانت حكمة عدم الارتياب جارية في القرض ايضا باعتبار نفس المال ومقداره كما يشير الى ذلك قوله تعالى ( إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها ) إلخ كما ان قوله تعالى ( ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا ) يشير إلى ان حكم الكتابة والاشهاد للإرشاد لا للوجوب مضافا إلى المعروف من عمل المتشرعة من عدم الكتابة في موارد الاطمئنان كما في قوله تعالى ( فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته ) وفي التبيان لإجماع عصرنا على ذلك اي على عدم الوجوب ( وليكتب بينكم كاتب بالعدل ) أي على حقيقة المعاملة والأجل والشروط. والأمر هنا للمتعاملين كقولك يا صاحب الضيعة ليبت في ضيعتك حارس أي أبت حارسا وقد ذكرنا انه للإرشاد. وهذا أعم من ان يكون الكاتب بينهما هو أحدهما لحصول الغرض به او هو ناظر إلى الحال في عصر النزول من كون الغالب من العرب لا يكتبون ( ولا يأب كاتب ) أي من يحسن الكتابة في مثل المقام ( أن يكتب ) والنهي هنا للكراهة إذ لا يجب تسبيب الكتابة على المتعاملين فكيف تجب على غيرهما. ولئن وجبت صنعة الكتابة كفائيا أداء للوجوب في نظام العالم لم يقتض ذلك ان يجب على كل كاتب ان يكتب في كل مورد ( كما علمه الله ) وأنعم عليه بالكتابة ( فليكتب ) للناس في محل حاجتهم شكرا لنعمة الله. وهذا هو المعنى التأسيسي والظاهر لهذه الجملة وأسلوبه
Page 247