183

سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد (204) وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد (205) ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله

وتسلط ( سعى في الأرض ) السعي الاسراع في المشي قيل والعمل ومنه قوله تعالى في سورة النجم ( أن ليس للإنسان إلا ما سعى ). وفي سورة الدهر ( وكان سعيكم مشكورا ). وظني ان ذلك من المعنى الأول وكني به عن العمل ( ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل ) المراد بالحرث هنا الزرع لأنه تحرث له الأرض. والنسل ما يتولد بالتناسل. والناس نسل آدم وعن تفسير العياشي عن الحسين بن بشار عن الرضا (ع) قوله النسل هم الذرية والحرث الزرع وعن زرارة عن الصادق والباقر النسل الولد والحرث الأرض وهذا يرجع إلى تفسيره بالزرع وفي مجمع البيان وروي عن الصادق ان الحرث في هذا الموضع الدين والنسل الناس. وأظن انه اخذه من تفسير القمي ففيه قال الحرث في هذا الموضع الدين. وهذا الكلام لا دلالة فيه على انه رواية عن الصادق (ع) ( والله لا يحب الفساد ) ولا يعين عليه ولكن يمهل ذلك الساعي ويملي له 204 ( وإذا قيل له ) اي لذلك المفسد ( اتق الله ) ولا تفسد ( أخذته العزة ) التي يراها لنفسه ( بالإثم ) واجتماع اتباعه معه على الضلال اي استولى عليه اعتزازه بالإثم اي بالتعاضد الباطل على الباطل والآثام فيأنف من قول القائل له اتق الله وفي التبيان أخذته العزة من اجل الإثم الذي في قلبه من الكفر. وقيل أخذته العزة أي دعته العزة إلى الإثم كما تقول أخذت فلانا بأن يفعل أي دعوته إلى ان يفعل ونحوه قال في الكشاف ( فحسبه جهنم ) اي فليكن محسوبة في عاقبة جهنم ( ولبئس المهاد ) الذي مهده لنفسه بسوء اعماله هي 205 ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ) في التبيان شرى باع. وفي الكشاف يبيعها أي يبذلها في الجهاد أقول ويمكن ان يراد به معنى الاشتراء المتعارف على نحو ما ذكرناه في الآية الرابعة والثمانين أي يشتري نفسه بالأعمال الصالحة ابتغاء لمرضات الله عليها وهي سعادتها التي تشترى لها. وفي التبيان وروي عن أبي جعفر يعني الباقر (ع) انه قال نزلت في علي (ع) حين بات على فراش رسول الله (ص) لما أرادت قريش قتله (ص). ورواه في البرهان وغاية المرام عن تفسير العياشي باسناده عن ابن عباس وعن جابر عن الباقر (ع) ورواه الشيخ الطوسي

Page 184