97

Les avertissements concernant la perpétration des grands péchés

الزواجر عن اقتراف الكبائر

Maison d'édition

دار الفكر

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا﴾ [آل عمران: ١٢٠] ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ [البقرة: ١٠٩] ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً﴾ [النساء: ٨٩] ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: ٥٤] . وَالثَّانِي: أَعْنِي الْغِبْطَةَ وَالْمُنَافَسَةَ، فَلَيْسَ بِحَرَامٍ، بَلْ هُوَ إمَّا وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ أَوْ مُبَاحٌ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ [المطففين: ٢٦]- ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الحديد: ٢١] وَالْمُسَابَقَةُ تَقْتَضِي خَوْفَ الْفَوْتِ كَعَبْدَيْنِ يَتَسَابَقَانِ لِخِدْمَةِ مَوْلَاهُمَا حَتَّى يَحْظَى السَّابِقُ عِنْدَهُ، فَالْوَاجِبُ يَكُونُ فِي النِّعَمِ الدِّينِيَّةِ الْوَاجِبَةِ كَنِعْمَةِ الْإِيمَانِ وَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَالزَّكَاةِ، فَيَجِبُ أَنْ يُحِبَّ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْقَائِمِ بِذَلِكَ، وَإِلَّا كُنْتَ رَاضِيًا بِالْمَعْصِيَةِ، وَالرِّضَا بِهَا حَرَامٌ، وَالْمَنْدُوبُ يَكُونُ فِي الْفَضَائِلِ: كَالْعُلُومِ، وَإِنْفَاقِ الْأَمْوَالِ فِي الْمَبَرَّاتِ، وَالْمُبَاحُ يَكُونُ فِي النِّعَمِ الْمُبَاحَةِ كَالنِّكَاحِ، نَعَمْ الْمُنَافَسَةُ فِي الْمُبَاحَاتِ تُنْقِصُ مِنْ الْفَضَائِلِ وَتُنَاقِضُ الزُّهْدَ وَالرِّضَا وَالتَّوَكُّلَ، وَتَحْجُبُ عَنْ الْمَقَامَاتِ الرَّفِيعَةِ مِنْ غَيْرِ إثْمٍ، نَعَمْ هُنَا دَقِيقَةٌ يَنْبَغِي التَّنَبُّهُ لَهَا، وَإِلَّا وَقَعَ الْإِنْسَانُ فِي الْحَسَدِ الْحَرَامِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْعُرَ وَهِيَ أَنَّ مَنْ أَيِسَ مِنْ أَنْ يَنَالَ مِثْلَ نِعْمَةِ الْغَيْرِ فَبِالضَّرُورَةِ أَنَّ نَفْسَهُ تَعْتَقِدُ أَنَّهُ نَاقِصٌ عَنْ صَاحِبِ تِلْكَ النِّعْمَةِ وَأَنَّهَا تُحِبُّ زَوَالَ نَقْصِهَا، وَزَوَالُهُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمُسَاوَاةِ ذِي النِّعْمَةِ، أَوْ بِزَوَالِهَا عَنْهُ قَدْ فَرَضَ يَأْسَهُ عَنْ مُسَاوَاتِهِ فِيهَا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَحَبَّتُهُ لِزَوَالِهَا عَنْ الْغَيْرِ الْمُتَمَيِّزِ بِهَا عَنْهُ إذْ بِزَوَالِهَا يَزُولُ تَخَلُّفُهُ وَتَقَدُّمُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ بِهَا، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ قَدَرَ عَلَى إزَالَتِهَا عَنْ الْغَيْرِ أَزَالَهَا فَهُوَ حَسُودٌ حَسَدًا مَذْمُومًا، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ التَّقْوَى مَا يَمْنَعُهُ عَنْ إزَالَتِهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا وَعَنْ مَحَبَّةِ زَوَالِهَا عَنْ الْغَيْرِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ جِبِلِّيٌّ لَا تَنْفَكُّ النَّفْسُ عَنْهُ وَلَعَلَّهُ الْمَعْنِيُّ بِالْخَبَرِ السَّابِقِ: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ حَسُودٌ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْفَكُّ الْمُسْلِمُ عَنْهُنَّ: الْحَسَدُ، وَالظَّنُّ، وَالطِّيَرَةُ؛ وَلَهُ مِنْهُنَّ مَخْرَجٌ إذَا حَسَدْتَ فَلَا تَبْغِ»: أَيْ إنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِك شَيْئًا فَلَا تَعْمَلْ بِهِ، وَيَبْعُدُ مِمَّنْ يُرِيدُ مُسَاوَاةَ غَيْرِهِ فِي النِّعْمَةِ فَيَعْجِزُ عَنْهَا سِيَّمَا إنْ كَانَ مِنْ أَقْرَانِهِ أَنْ يَنْفَكَّ عَنْ الْمَيْلِ إلَى زَوَالِهَا، فَهَذَا الْحَدُّ مِنْ الْمُنَافَسَةِ يُشْبِهُ الْحَسَدَ الْحَرَامَ فَيَنْبَغِي الِاحْتِيَاطُ التَّامُّ، فَإِنَّهُ مَتَى صَغِيَ إلَى مَحَبَّةِ نَفْسِهِ وَمَالَ بِاخْتِيَارِهِ إلَى مُسَاوَاتِهِ لِذِي النِّعْمَةِ بِمَحَبَّةِ زَوَالِهَا عَنْهُ فَهُوَ مُرْتَبِكٌ فِي الْحَسَدِ الْحَرَامِ وَلَا يَتَخَلَّصُ مِنْهُ إلَّا إنْ قَوِيَ إيمَانُهُ وَرَسَخَ قَدَمُهُ فِي التَّقْوَى، وَمَهْمَا حَرَّكَهُ خَوْفُ نَقْصِهِ عَنْ

1 / 101