Les avertissements concernant la perpétration des grands péchés

Ibn Hajar Haytami d. 974 AH
6

Les avertissements concernant la perpétration des grands péchés

الزواجر عن اقتراف الكبائر

Maison d'édition

دار الفكر

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَدٌّ خَفَّ بُعْدُهُ وَانْدَفَعَ الْإِيرَادُ عَلَيْهِ بِأَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ تَسْمِيَةَ الْعُقُوقِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ كَبِيرَتَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِيهِمَا عَلَى أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا بَعْضُ مَا يَأْتِي مِمَّا عُلِمَ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ وَلَمْ يَرِدْ فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ، وَسَيَأْتِي عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ذِكْرُ أَنْوَاعٍ مِنْ الْكَبَائِرِ اتِّفَاقًا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهَا نَصٌّ بِذَلِكَ. ثَالِثُهَا: أَنَّهَا كُلُّ مَا نَصَّ الْكِتَابُ عَلَى تَحْرِيمِهِ، أَوْ وَجَبَ فِي جِنْسِهِ حَدٌّ؛ وَتَرْكُ فَرِيضَةٍ تَجِبُ فَوْرًا، وَالْكَذِبُ فِي الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ وَالْيَمِينِ، زَادَ الْهَرَوِيُّ فِي إشْرَافِهِ وَشُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ: وَكُلُّ قَوْلٍ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ الْعَامَّ. رَابِعُهَا: قَالَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ: كُلُّ جَرِيمَةٍ عَلَى مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ، وَعِبَارَةُ إرْشَادِهِ جَرِيرَةٍ وَهِيَ بِمَعْنَاهَا تُؤْذِنُ: أَيْ تُعْلِمُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثٍ: أَيْ اعْتِنَاءِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ، وَرِقَّةُ الدِّيَانَةِ مُبْطِلَةٌ لِلْعَدَالَةِ، وَكُلُّ جَرِيمَةٍ أَوْ جَرِيرَةٍ لَا تُؤْذِنُ بِذَلِكَ بَلْ يَبْقَى حُسْنُ الظَّنِّ ظَاهِرًا بِصَاحِبِهَا لَا تُحِيطُ الْعَدَالَةَ، قَالَ: وَهَذَا أَحْسَنُ مَا يُمَيَّزُ بِهِ أَحَدُ الضِّدَّيْنِ عَنْ الْآخَرِ انْتَهَى. وَلِهَذَا تَابَعَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ فِي الْمُرْشِدِ وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلُهُ فِي نِهَايَتِهِ: الصَّادِرُ مِنْ الشَّخْصِ إنْ دَلَّ عَلَى الِاسْتِهَانَةِ لَا بِالدِّينِ وَلَكِنْ بِغَلَبَةِ التَّقْوَى وَتَمْرِينِ غَلَبَةِ رَجَاءِ الْعَفْوِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ، وَإِنْ صَدَرَ عَنْ فَلْتَةِ خَاطِرٍ أَوْ لَفْتَةِ نَاظِرٍ فَصَغِيرَةٌ؛ وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَا بِالدِّينِ: أَيْ لَا بِأَصْلِهِ فَإِنَّ الِاسْتِهَانَةَ بِأَصْلِهِ كُفْرٌ، وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ فِي الْأُولَى بِقِلَّةِ الِاكْتِرَاثِ وَلَمْ يَقُلْ بِعَدَمِ الِاكْتِرَاثِ، وَالْكُفْرُ وَإِنْ كَانَ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ فَالْمُرَادُ تَفْسِيرُ غَيْرِهِ مِمَّا يَصْدُرُ مِنْ الْمُسْلِمِ. قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَرَجَّحَ الْمُتَأَخِّرُونَ مَقَالَةَ الْإِمَامِ الْحَسَنِ: الضَّبْطَ بِهَا وَلَعَلَّهَا وَافِيَةٌ بِمَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ مِنْ تَفْصِيلِ الْكَبَائِرِ الْآتِي بَيَانُهَا وَمَا أُلْحِقَ بِهَا قِيَاسًا انْتَهَى، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَ مُنَازَعَةَ الْأَذْرَعِيِّ فِيمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِذَا تَأَمَّلْت بَعْضَ مَا عُدَّ مِنْ الصَّغَائِرِ تَوَقَّفْت فِيمَا أَطْلَقَهُ انْتَهَى، وَكَأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ اعْتِرَاضِ ابْنِ أَبِي الدَّمِ ضَابِطَ النِّهَايَةِ بِأَنَّهُ مَدْخُولٌ، وَبَيَّنَهُ بِمَا بَسَطَهُ عَنْهُ فِي الْخَادِمِ. عَلَى أَنَّك إذَا تَأَمَّلْتَ كَلَامَ الْإِمَامِ الْأَوَّلَ ظَهَرَ لَك أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ حَدًّا لِلْكَبِيرَةِ خِلَافًا لِمَنْ فَهِمَ مِنْهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَشْمَلُ صَغَائِرَ الْخِسَّةِ وَلَيْسَتْ بِكَبَائِرَ، وَإِنَّمَا ضَبْطُهُ بِهِ مَا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ مِنْ الْمَعَاصِي الشَّامِلُ لِصَغَائِرِ الْخِسَّةِ، نَعَمْ هَذَا الْحَدُّ أَشْمَلُ مِنْ التَّعْرِيفَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لِصِدْقِهِ عَلَى سَائِرِ مُفْرَدَاتِ الْكَبَائِرِ الْآتِيَةِ، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ يَشْمَلُ صَغَائِرَ الْخِسَّةِ وَنَحْوَهَا كَالْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ، وَلِمَا نَقَلَ الْبِرْمَاوِيُّ عَنْ الرَّافِعِيِّ

1 / 9