Les avertissements concernant la perpétration des grands péchés
الزواجر عن اقتراف الكبائر
Maison d'édition
دار الفكر
Édition
الأولى
Année de publication
١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م
Genres
Fiqh chaféite
الْقِيَامَةِ أَمَرَ مُنَادِيًا يُنَادِي نِدَاءً يَسْمَعُهُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ: أَيْنَ خُصَمَاءُ اللَّهِ فَتُقَدَّمُ الْقَدَرِيَّةُ فَيُؤْمَرُ بِهِمْ إلَى النَّارِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾ [القمر: ٤٨] ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: ٤٩]» . رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِلَفْظِ: «إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ أَلَا لِيَقُمْ خُصَمَاءُ اللَّهِ وَهُمْ الْقَدَرِيَّةُ»، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْحَسَنُ: وَاَللَّهِ لَوْ أَنَّ قَدَرِيًّا صَامَ حَتَّى صَارَ كَالْحَبْلِ ثُمَّ صَلَّى حَتَّى صَارَ كَالْوَتَدِ لَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي سَقَرَ ثُمَّ قِيلَ لَهُ: ذُقْ مَسَّ سَقَرَ إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات: ٩٦] أَيْ خَلَقَكُمْ وَخَلَقَ عَمَلَكُمْ، أَوْ وَخَلَقَ الَّذِي تَعْمَلُونَهُ بِأَيْدِيكُمْ، فَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ كُلَّهَا مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ ﵎، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ [الشمس: ٨] وَالْإِلْهَامُ: إيقَاعُ الشَّيْءِ فِي النَّفْسِ فَهُوَ - تَعَالَى - الْمُوقِعُ لِإِلْهَامِ الْفُجُورِ وَالتَّقْوَى فَهُوَ الْخَالِقُ لَهُمَا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَلْزَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ جَعَلَ ذَلِكَ بِتَوْفِيقِهِ إيَّاهَا لِلتَّقْوَى وَخِذْلَانِهِ إيَّاهَا لِلْفُجُورِ.
وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ مَنَّ عَلَى قَوْمٍ فَأَلْهَمَهُمْ الْخَيْرَ وَأَدْخَلَهُمْ فِي رَحْمَتِهِ، وَابْتَلَى قَوْمًا فَخَذَلَهُمْ وَذَمَّهُمْ عَلَى أَفْعَالِهِمْ وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا غَيْرَ مَا ابْتَلَاهُمْ فَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ عَادِلٌ ﴿لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٣]» وَسَتَأْتِي أَحَادِيثُ بِمَعْنَاهُ وَأَكْثَرِ لَفْظِهِ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا﴾ [الأنعام: ١٢٥] وَهَذِهِ الْآيَةُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ أَقْوَى الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى ضَلَالَةِ الْقَدَرِيَّةِ وَانْحِرَافِهِمْ عَنْ سَبِيلِ الِاسْتِقَامَةِ.
وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا قَطُّ إلَّا وَفِي أُمَّتِهِ قَدَرِيَّةٌ وَمُرْجِئَةٌ، إنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْقَدَرِيَّةَ وَالْمُرْجِئَةَ عَلَى لِسَانِ سَبْعِينَ نَبِيًّا» .
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسٌ، وَمَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ» . قَالَ: فَإِذَا لَقِيتَهُمْ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي مِنْهُمْ بَرِيءٌ وَأَنَّهُمْ مِنِّي بُرَآءُ، وَاَلَّذِي نَفْسُ عَبْدِ اللَّهِ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ جِبْرِيلَ الَّذِي فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ: «إنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: مَا
1 / 170