Les avertissements concernant la perpétration des grands péchés
الزواجر عن اقتراف الكبائر
Maison d'édition
دار الفكر
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م
Genres
Fiqh chaféite
فَقَالَ: تَزْعُمُ يَا مُحَمَّدُ أَنَّ الْمَعَاصِيَ بِقَدَرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَالَ ﷺ: أَنْتُمْ خُصَمَاءُ اللَّهِ فَنَزَلَ: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ﴾ [القمر: ٤٧] إلَخْ» . وَصَحَّ: «كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ كُلِّهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ» الْحَدِيثَ، وَسَيَأْتِي.
وَقَالَ طَاوُسٌ: أَدْرَكْت مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَقُولُونَ: كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرِ اللَّهِ، وَسَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزِ وَالْكَيْسِ أَوْ الْكَيْسِ وَالْعَجْزِ» . وَعَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعٍ: يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، وَيُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَيُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ» . وَفِي رِوَايَةٍ: " خَيْرِهِ وَشَرِّهِ " وَحَدِيثُ: «كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزِ وَالْكَيْسِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَهُوَ صَرِيحٌ فِي مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ: أَنَّهُ ﷺ قَالَ: «سِتَّةٌ لَعَنَهُمْ اللَّهُ وَكُلُّ نَبِيٍّ مُجَابِ الدَّعْوَةِ: الْمُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللَّهِ، وَالزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَالْمُتَسَلِّطُ بِالْجَبَرُوتِ لِيُذِلَّ مَنْ أَعَزَّهُ اللَّهُ، وَالْمُسْتَحِلُّ حُرْمَةَ اللَّهِ، وَالْمُسْتَحِلُّ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللَّهُ، وَالتَّارِكُ لِسُنَّتِي» .
قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: اعْلَمْ أَنَّ الْجَبْرِيَّ يَقُولُ: الْقَدَرِيُّ مَنْ يَقُولُ: الطَّاعَةُ وَالْمَعْصِيَةُ بِفِعْلِي فَهُوَ يُنْكِرُ الْقَدَرَ، وَالْمُعْتَزِلِيُّ يَقُولُ الْجَبْرِيُّ قَدَرِيٌّ لِأَنَّهُ يَقُولُ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ فَهُوَ مُثْبِتٌ لِلْقَدَرِ، وَالْفَرِيقَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ السُّنِّيَّ الْقَائِلَ بِأَنَّ الْأَفْعَالَ بِخَلْقِ اللَّهِ وَكَسْبٍ مِنْ الْعَبْدِ لَيْسَ بِقَدَرِيٍّ انْتَهَى.
وَفِيهِ؛ إنْ صَحَّ رَدٌّ عَلَى الزَّمَخْشَرِيِّ الْحَامِلِ رَايَةَ الْمُعْتَزِلَةِ إلَى النَّارِ فِي زَعْمِهِ فِي مَوَاضِعَ أَنَّ الْقَدَرِيَّةَ هُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ وَكَذَبَ فِي ذَلِكَ وَافْتَرَى عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الصَّحَابَةِ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّمَا الْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ خُبْثُ عَقِيدَتِهِ وَفَسَادُ طَوِيَّتِهِ فَهُوَ أَحَقُّ أَنْ يُقْرَأَ عَلَيْهِ ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً﴾ [النساء: ٨٩] ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ - أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا - فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا﴾ [النساء: ١٠٩ - ٥٥] .
قَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْقَدَرِيَّ هُوَ الَّذِي يُنْكِرُ الْقَدَرَ وَيَنْسُبُ الْحَوَادِثَ
1 / 167