161

Al-Wajiz fi Fiqh al-Imam al-Shafi'i

الوجيز في فقه الإمام الشافعي

Enquêteur

علي معوض وعادل عبد الموجود

Maison d'édition

شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم

Édition

الأولى

Année de publication

1418 AH

Lieu d'édition

بيروت

وَهَؤَّلاَءٍ قَدْ يُفْرِضُ تَراخِيهِمْ عَنْ أُخْرِيَاتِ المَسْجدِ، فتصحُ صَلاَتُهُمْ لِحُصُولِ أَسْمِ الاسْتقبالِ، وَالوَاقِفُ بمكّةَ خَارِجَ المَسْجِدِ ينُبَغِي أَنْ يُسَوِّيَ محرابهُ بناءً عَلَى عَيَانِ الكَعْبةِ، فإنْ لم يقْدِرٍ، أَسْتَدَلَّ عَلَيْها بِمَا يُدُلُّ عَلَيْها، والوَاقِفُ بالمدينَةِ ينَزَّلُ مخرابُ رسُولِ اللهِ صلَّى الله عليْهِ وسَلَّمَ في حقِّهِ مَنْزِلَةَ الكَعْبَةِ، فَلَيْسَ لَهُ الاجْتِهَادُ فِيهِ بِالتََّامُنِ والتَّيَاسُرِ، وهَلْ لَهُ ذَلِكَ في سائِرِ الْبِلاَدِ، فَعَلَىُ وجْهِينٌ.

(لؤُكْنُ الثَّالثُ: في المُسْتقبلِ) فالقَادِرُ عَلَى مَعْرِفَة الْقِبْلَةِ، لاَ يجُوزُ لَهُ الاجتهادُ، وَالقَادِرُ عَلَى الاجتهادِ لاَ يجُوزُ لَهُ التَّقْليدُ(١)، والَأَعْمى العَاجِزُ يُقَلِّدُ شخصاً مكلَّفاً مسْلِماً عارِفاً بأَدلَّةِ الْقِبْلَةِ، وَلَيْسَ للْمُجْتَهِدِ أَنْ يقَلِّدَ غَيْرَهُ(٢)، وإِنْ تحيَّرَ في الحَالِ في نظَرِهِ، صلَّى علَى حَسَبِ حَالِهِ، وقَضَى.

وَقِيلَ : يُقلِّدُ ويَقْضِي.

وقِيلَ : إِنَّهُ يقلِّدُ، ولا يقضى.

أَمَّا البَصيرُ الجَاهِلُ بالأَدَلَّةِ، إِنْ قَلَّدَ، يَلْزَمُهُ القَضَاءُ، إِلاَّ إِذا قُلْنا: لا يجبُ تغُلمِ أَدلَّةِ القُبَلةِ عَلَى كلِّ بصيرٍ، فعنْدَ ذَلِكَ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الأَعْمَىُ.

ثُمَّ مَهْمَا صلَّى بالاجتهادٍ، فتيقَّنَ الخَطَأَ، وَبَانَ جِهَّةُ الصَّواب، وَجَبَ (ح م) عَلَيْهِ القَضَاء عَلَى أَحَدِ القَوْلَيْنِ، فَإِنْ تيقَّنَ الخَطَأَ، وَلَمْ يَظْهَرِ الصَّوابُ إِلَّ بالاجْتهادِ، ففي القَضَاءِ قوْلاَنِ مُرَّثَّبِانِ، وأَوْلَى بِأَلَ يَجَبَ، وَمَنْ صَلَّىٍ أَرْبِعَ صَلَوَاتٍ إِلى أَرِبَعِ جِهَاتٍ بِأَزْبَعِ أَجْتهاداتٍ، ولَمْ يتعيَّنْ له الخطَأْ فَلاَ قضاءَ (و) عَلَيْهِ، وإِنْ تيقَّنَ أَنَّهُ أَستدْبرَ، وَهَو في أَثناءِ الصَلاةِ، تحَوَّلَ وَبَنى، إِلاَّ إذا قلنا يجب القضاء عند الخرطإِ أولى بالإبطال كيلا يُجْمَعَ في صلاةٍ واحدَةٍ بيْنَ جِهَتِيَنْ.

أَمَّا إِذا ظَهَرَ الخَطَأُ يقِيناً، أو ظنًّا، وَلَكِنْ لمْ يَظْهَرْ جِهَةُ الصَّوابِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الدَّرْكِ بالاجتهادِ، بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ عَلَى القُرْب، ففي البُطْلانِ قوْلاَنِ مُرَتَبَانِ عَلَى تَيَقُّنِ الصَّوابِ، وأَوْلى بالبطْلَانِ لأَجْلِ الثَّحيُّر في الحالِ، ولَوْ بانَ لهُ الخَطأُ في الثَّيَامُنِ والتَّياسُرِ، فهلْ هو كَالخطَا في الجهةِ، فَعَلى وجهينْ؛ يرجعِ حاصِلُهُمَا إِلى أَنَّ بَيَنْ المُشْتَدِّ في الاسْتِقِبَالَ وبَيَنْ الأَشدِّ تفاوتاً عنْدَ الحَاذِقِ، فَهَلْ يجبُ طَلَبُ الأشَدِّ، أَمْ يكفي حصُوْلُ أَصْلِ الاشْتدادِ، فعَلى وجْهين.

(فروع أربعة) إِذَا صَلَّى الظُهْرَ يَكْفي بِأَجتهادٍ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ الاسْتئنافُ للعْصَرِ، فَعَلَى وجهيْنَ، وَلَوْ أَذَّى اجتهادُ رجُلينِ إِلى جهتينٍ، فَلاَ يقْتدي أَحَدَهما بالآخرِ، وإذا تحرَّمَ المُقَلِّدَ في الصَّلاةِ، فَقَالَ لَهُ مَنْ هوَ دونَ مقلِّدِهُ أَوْ مِثْلُهُ: أَخْطأَ بِكَ فُلَانٌ. لمْ يَلْزَمْهُ قبوله، وإِنْ كَانَ أَعْلَمَ فَهُوَ كتغيرٍ

(١) قال أبو عبيد: السَّمْتُ يكون في معنيين، أحدهما: حُسْنُ الهيئة والمنظر في الدِّين، وليس من الجمال، ولكن هيئة أهل الخير ومنظرهم، والوجه الآخر: السَّمْتُ: الطَّريقُ، يُقَالُ: الزم هذا السَّمْتَ. وفلان حَسَنُ السَّمْتِ. ينظر: النظم المستعذب ١٥/١

(٢) قال الرافعي: ((والقادر على الاجتهاد لا يجوز له التقليد))

مغنى عنه، وكأنه أعاد لترتيب مسألة التخيير عليه، لكن لو قدَّمَها، وأخر مسألة الأعمى لم يحتج إلى هذا التمهيد. [ت).

161