Al-Tiryaaq Fi Ahadith Qawaha Al-Albani Wada'afaha Al-Huwaini Abu Ishaq
الترياق بأحاديث قواها الألباني وضعفها الحويني أبو إسحاق
Maison d'édition
مكتبة دار الحجاز للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٦ هـ
Genres
الترياق بأحاديث قوَّاها الألبانيُّ، وضعَّفها الحُوَيْني أبو إسحاق
إعداد
عمرو عبد العظيم الحويني، أبو المنذر
تقديم
الشيخ / محمد عيد عباسي
الشيخ / محمد إبراهيم الشيباني
الشيخ / طارق عوض الله محمد
1 / 1
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى
١٤٣٦ هـ
مكتبة دار الحجاز للنشر والتوزيع
1 / 2
تقديم فضيلة الشيخ محمد عيد العباسي حفظه الله
الحمد لله حمدًا يليقُ بجلاله وكماله، ويُكافئُ نِعمَهُ ويُوافِي فضلَ مزِيده، والصلاةُ والسلامُ على محمدٍ عبده ورسوله، الدَّاعي إلى طاعته وتوحيده، وعلى مَن اتَّبَع هُداهُ ونصر دينه، ورجا وعدَه وخاف من وعيده، أما بعد:
فقد منَّ الله سبحانه على عباده بأنْ أرسل إليهم رسلًا يُبلِّغونهم رسالة ربهم إليهم، ويُنيرون لهم الطريق إلى معرفته ومعرفة دينه وشريعته التي إذا آمنوا وعملوا بها فازوا في الدارين، وكانوا فيهما من السعداء.
وكان خاتمة هؤلاء الرسل وخيرهم نبيُّنا وإمامنا محمد ﷺ، الذي بلَّغ الرسالة، وادَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى اختاره الله إلى جواره، فلَحِق بالرفيق الأعلى، وترك أمته على المحجَّة البيضاء، والشريعة الواضحة الغرَّاء، التي لا يَضلُّ عنها إلا هالك، والتي تتمثَّلُ في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ.
وقد قام سلفنا الصالح بخدمة هذين المصدرين العظيمين حق القيام، مما لم يحظ به نبيّ سابق، ولا تابع لاحق، ففسروا غريبهما، ووضَّحوا معانيهما، وكشفوا عن مقاصدهما، ووفَّقوا بين مشكلهما، وبذلوا الغالي والنفيس في تقريبهما للأمة ونشرهما، والدعوة إليهما.
ثم اصاب الوهن والضعف والتخلف والجهل أمة الإسلام، وجرت عليها سنة الله في خلقه، فالأيام دُوَل، وحكمة الله تعالى في تغيير الأحوال، وتبدُّل الشؤون، فكل يومٍ ربنا في شأن، والحياة والأحياء ينتقلون ويركبون طبقًا عن طبق، وها هو دولاب الزمن يدور، وتقتضي حكمة الله أن تستيقظ الأمة الإسلامية فيبعث الله تعالى فيها المصلحين والدعاة العلماء العاملين
1 / 3
فيُجدِّدون ما انقطع، ويُحيُون ما اندثر، وينشطون ويعملون ويجدون ويدعون بكل قوة وهمة، ويستجيب لهم الكثيرون، وتكون هذه الصحوة الإسلامية التي فاجأت الأعداء الذين ظنوا أنهم قد نالوا أربهم في القضاء على هذا الدين، وصرف أتباعه عن هُداه، بما نشروا فيه من الشبهات، وأثاروا بين أبنائه من الشهوات؛ ولكن الله لهم بالمرصاد، فأبطل سعيهم، وأفسد كيدهم، وهم يبذلون الآن كل ما يستطيعون لإطفاء هذا النور (ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون)
ولكنا مع فرحنا بهذه الصحوة، فإننا نعترف بأنها لابد لها من تسديد وترشيد حتى لا يستغلها أصحاب الاهواء، ولا يحرفها الشانئون والاعداء، ولا يكون ذلك إلا بوضعها على الطريق القويم، وضبطها بمنهج الكتاب والسنة وفهمها على ضوء فهم سلف الأمة، وعساه يكون قريبًا.
وقد كان لأستاذنا الكبير العلامة محمد ناصر الدين الألباني فضل كبير في بيان هذه الدعوة، وخاصة في إحياء علم الحديث الذي كان هُجر وأُهمل من قرون، فأعاد إليه بفضل الله أهميته ونشاطه، بما صنَّف من الرسائل والكتب، وبما نشر من العلم، ودرَّس في الحلقات والمجالس ودور العلم، فنبغ ممن كان يحضر مجالسه ويقرأ كتبه طائفة، جدَّت واجتهدت ودرست وصبرت وآتاها الله الذكاء، ووهبها الإخلاص، ووفقها الله تعالى، فكانت لها جهود وتلاميذ وألَّفت كتبًا نافعة وبحوثا رائعة، وفي مقدمة هؤلاء الإخوة، الأخ الفاضل والشيخ العالم العامل - فيما أحسب ولا أزكي على الله أحدا -أبو إسحاق الحويني، من مصر العزيزة، حفظه الله وعافاه واثابه عما قدم كبير الأجر والثواب، فكان غزير الإنتاج، سيَّال القلم، قويَّ الحافظة، حسن المحاكمة، وقد كان يُسأَلُ عن بعض الأحاديث الشائقة والمتداولة، فيبحث عنها فيجد بعضها قد حكم عليها شيخه الألباني بالصحة، ويجد بحسب اجتهاده وعلمه أنها ضعيفة، فيستحضر ما استفاده من توجيه الله
1 / 4
تعالى أولًا، ومما تعلَّمه من أئمة الإسلام السابقين واللاحقين ومنهم استاذه الألباني ثانيًا، من أنَّ الحق أحق أن يُتَّبع، وأن كل إنسان يُؤخذ من قوله ويُترك إلا المعصوم صلوات الله وسلامه عليه، وأنه لا مُحاباة ولا مُجاملة في مسائل العلم، فيُصرِّح برأيه ويُبيِّن ما وصل أليه علمه، هذا مع إجلاله للعلامة الألباني وحُبِّه الشديد له، وهذا مما يرد على المتحاملين على الدعوة السلفية فيتهمون أصحابها بأنهم يصرفون الناس عن اتباع الأئمة لينقلوهم إلى اتباع شيخهم وإمامهم، وهذا اتهامٌ باطلٌ، فقد رأى الجميع أن الحق فيما يبدو لنا مُقدَّمٌ على كل شئ، ونحن إذا تبيَّن لنا خطأ شيخنا أو أصحابنا خالفناهم وتمسَّكنا بالحق، فالأمانة العلمية وكتاب الله وسنته وهدي أصحابه تؤكد على ذلك، ونحن على هذا المنهج سائرون، وبه
متمسكون إن شاء الله تعالى.
وقد قام الأخ الفاضل أبو المنذر عمرو عبد العظيم الحويني، بجمع ما تفرق من هذه المسائل التي خالف فيها الأخ الكبير أبو إسحاق، أستاذنا العلامة الألباني، وبيَّن مواضع هذه البحوث من كتب كل منهما، وحدد ذلك بالجزء والصفحة تسهيلًا على من يريد التحقُّق من ذلك، ودراسة الامر بتفصيل، فجزاه الله خيرًا.
وكنتُ أوَدُّ أن ينقل مع ذلك خلاصة دليل كل منهما؛ لكني أُقَدِّر أنَّ ذلك سيُكلِّفه جهدًا كبيرًا، ووقتًا زائدًا، ويُطيلُ الكتاب، وأنَّ ذلك متوفر في المراجع التي ذكرها، وبإمعان من يريد الرجوع إليها، كما أنني أُقَدِّر له وأتفهَّم موقفه من عدم الخوض في الترجيح بين حكم كل منهما على الاحاديث لأن هذا له اهله، وهو شاقٌّ وعسير، فتركه لمن لديه أهلية لذلك، وربما حتى لا يُتَّهم بالتحيُّز لأحدهما، وعلى كل حال فرحم الله امرءً عرف حدَّه فوقف عنده.
وفي هذا الأمر - أعني الترجيح بين حكم كل من الألباني والحويني - فالذي رأيته من امثلة سابقة في الانتقادات التي انتقدت بها احكام الشيخ
1 / 5
الألباني على الأحاديث التي حققها، رأيتُ انها أنواع:
فمنها: ما كان الصواب كان مع الشيخ الألباني، وكان الخطأ ممن انتقده، وقد يكون الشيخ نفسه قد تراجع عن رأيه السابق، وسجَّل ذلك في بعض مؤلفاته اللاحقة، ولم يطَّلع عليها الناقد.
ومنها: ما يكون الصواب مع المنتقد، ويكون شيخنا الألباني فيد قد حالفه الصواب، وطبعًا يكون معذورًا في ذلك لوهمٍ وقع فيه، أو مصدرٍ لم يطَّلع عليه، أو .....
ومنها: ما يكون الامر وسطًا بين الفريقين، ويكون لكلٍّ منهما اجتهاده، والامر محتملٌ للاجتهادية.
ومنها: ما يكون سببه الاختلاف في المهج العلمي الذي يأخذ به كل منهما، ومثاله: أن يكون المنتقد لا يرى تقوية الحديث بكثرة الطرق الضعيفة ضعفًا غير شديد، وبالشواهد.
ولا شك أنَّ الصواب مع جمهور المحدثين الذين قرروا تقوية الحديث بالمتابعات والشواهد.
وعلى كل حال فالذي قضت به شريعتنا السمحة أنَّ مَن بحث واجتهد وكان اهلًا لذلك بما مَلَك من الوسائل والعلوم فوصل إلى أحد الامرين الصواب أو الخطأ، فإنه معذور ماجور أجرًا واحدًا إن أخطأ، وأجرين إن اصاب، فالحمد لله تعالى.
ولعلَّ احد الأخوة الفضلاء من طُلَّاب العلم يتاح له القيام بهذه المهمة، فيدرس أدلَّة كل من الشيخ الألباني والشيخ الحويني، ويُرجِّح بينهما.
وللحقيقة والواقع، فإنني قد اُتيح لي من قبل دراسة بعض الأحاديث التي وردت في هذا الكتاب وحققتُها، فوافقتُ أخي الشيخ أبا إسحاق فيما وصل إليه، وبعضها رأيت الراجح كان حليف أستاذنا الألباني ﵀.
1 / 6
ولا مجال في هذه العُجالة لبيان ذلك، فلعلَّه يكون في مناسبةٍ أُخرى.
وفي الختام أشكر أخي أبا المنذر على اهتمامه بهذا الموضوع، وأحُثُّه على المُضِيِّ في الدراسة والبحث والتقدُّم بخُطًا ثابتةً في طريق العلم، وخاصةً علم الحديث الذي حاجة الناس إليه أشدُّ من غيره؛ لأنه بحق محور العلوم الإسلامية، وأرجو له التوفيق واستحضار النية الصالحة، والله يتولَّاه بتوفيقه وتسديده.
كما يطيب لي أن اشكر الأخ النشيط وطالب العلم النجيب أيمن المقداد بارك الله فيه وحفظه من كل سوء، أشكره على تجَشُّمِه مشقة السفر، وإحضاره هذا الكتاب لي، ونقل رغبة أخي أبي المنذر بالتقديم له.
وصلَّى الله وسلَّم وبارك على محمد وآله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.
وكتبه:
محمد عيد العباسي
خادم الدعوة السلفية في بلاد الشام
في: ٧/ ٢/ ١٤٣٦ هـ
٢٩/ ١١ /٢٠١٤ مـ
1 / 7
تقديم فضيلة الشيخ: محمد بن إبراهيم الشيباني
الحمد لله وكفى، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، وبعد:
" الترياق بأحاديث قوَّاها الألباني وضعَّفها الحُوَيني أبو إسحاق "
عنوان مُؤَلَّفٍ صنَّفهُ الشيخ عمرو بن عبد العظيم، تابَع فيه الأحاديث التي قوَّى سندها العلَّامة محمد ناصر الدين الألباني محدِّث الدِّيار الشَّاميَّة، وضعَّفَها تلميذُه الشيخ أبو إسحاق الحويني، العليم بعلم الحديث وإسناده، فتابعه فيها متابعةً علميَّةً دقيقةً حتى وصل علمُهُ إليها أنها لا ترتقى إلى الصحَّة والحُسن.
وهكذا علمُ حديثِ نبيِّنا ﷺ طيلة القرون التي تلت قرنه وقرن أصحابه ﵃، جيل تابع من قبله، يُصحِّح ويُضعِّف، وهكذا (وفوق كل ذي علمٍ عليم)، فكانت هذه المتابعة دِينًا وتجرُّدًا دقيقًا فلا يشتغل به إلا العالمون الأبرار من الذين وظَّفُوا أنفسهم لخدمته، لا لدُنيا؛ وإنما طلبًا لثواب الآخرة ورضا الديَّان الذي لن يترك في ذلك اليوم صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها على عباده (وإن كان مثقال حبةٍ من خردلٍ أتينا بها وكفى بنا حاسبين)
وهكذا سائر أعمال العباد بشكل عام، فكيف بأهل العلم والمشتغلين فيه، ولا سيَّما أهلُ صِناعة الحديث، ومصطلحه في تصحيحه وتضعيفه، حيث يعني ذلك: حلاله وحرامه، ويعني به: اعمل أولا تعمل.
نسأل الله الكريم أن يُوَفِّقَ المشتغلين في هذا العلم الكبير الدقيق الأجر والمثوبة كافة، وأن يُسدِّدَهم إلى الخير والفلاح والصواب، اللهم آمين.
1 / 8
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلَّى الله على نبيِّنا وآله وصحبه وسلم إلى يوم الدين.
كتبه
د. محمد بن إبراهيم الشيباني
رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق
1 / 9
تقديم فضيلة الشيخ طارق عوض الله محمد
إن الحمد لله. نحمدُهُ، ونستعينه، ونستغفره. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
مَن يهده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادِي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا.
يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما.
فإنَّ من مُهِمَّات العلوم معرِفةُ أقوالِ أهلِ العلم في المسائل الأصولية والفرعية، كما قال الإمام أحمد ﵀: أعلمُ الناسِ أعلمُهُم باختلاف الناس.
وليس مِن شكٍّ انَّ في ذلك ثمرةً عظيمةً، إذ إنَّ العالِمَ بأقوالِ أهلِ العلمِ السابقين عليه، العارِفَ بمواقعِ اتِّفاقِهِم واختِلافِهِم، يستطيع أنْ يُكْمِل ما ابتدأوه، وأنْ يُتِمَّ ما حقَّقُوه، فما أجمعوا عليه لا يَخرُجُ عن أقوالِهم، وما اختلفوا فيه نظر في حُجَّةِ كلِّ فريقٍ، ورجَّحَ ما يراهُ صوابًا، إنْ كان أهلًا للترجيح.
وإنَّ مِن أخطاء كثيرٍ من الباحثين أنهم يُنَصِّبُون أنفسهم للبحث العِلْمي دون معرفةٍ تامَّةٍ بأقوال أهل العلم السابقين عليهم حول تلك المسائل التي
1 / 10
يتناولُونها بالبحث، فلا عجبَ إذًا أنْ تجِد كثيرًا من الباحثين يَخْرُجون عن أقوال أهل العلم، تحت مَظَلَّة البحث العِلْمِي وسلوك القواعد العلميَّة، وكأنَّ السابقين لم يسلُكوا البحث العلمي كما ينبغي، أو لم يتَّبِعوا القواعدَ العلميَّة التي ما قرَّرها وحرَّرها إلا هم!!
ولهذا كان من المُهم لدَى الباحث قبل تصَدُّرِه للبحث أن يُفرِغ نفسه وقتًا من حياته العلميَّة لجمع أقوال أهل العلم، وذلك بمطالعة كتب العلم المُطوَّلة والمُختصَرَة، واستخراج الفوائد العلمية من بين السطور، لا سيَّما تلك التي قد أودعوها في غير مظِنَّتها، أو ذكروها بإشارةٍ مُفهِمةٍ دون عبارةٍ واضحةٍ، فإنَّ هذه المادةَ العلميَّةَ هي الأساس الذي ينبغي على الباحث أن يبني عليها بحوثه العلمية.
وقد تناولْتُ وتكلمتُ في هذه القضية في موضعٍ آخر في كتاباتي، وفصَّلتُ في ذلك.
ثم إنني ولله الحمد قد حقَّقتُ ذلك مع نفسي، وصنعتُ لنفسي قاعدة بيانات كبيرة لكل ما وقفتُ عليه من فوائدَ تتعلَّق بالقواعدِ الأصوليَّة، أو المسائل الفرعيَّة في علوم الحديث على اختلافها.
وها أنت ترى أخي القارئ بين يديك هذا الجُهد المشكور للأخ الفاضل عمرو عبد العظيم الحُوَيني، فقد عُنِى عنايةً فائقةً بتتبُّع كتب شيخين جليلين من علماء الحديث في هذا الزمان، واستخرجَ من كتبهما الأحاديث التي تعرَّضا للبحث فيها، فكان حُكمِ أحدهما التصحيح، وحكم الآخر التضعيف.
فأما التصحيح فهو للشيخ العلامة محدث الزمان محمد ناصر الدين الألباني ﵀.
وأما التضعيف فهو لشيخنا الجليل العلامة أبي إسحاق الحويني حفظه الله.
1 / 11
فتولَّى أخي الباحث عرض تلك الاحاديث وبيان مُجمَل قول كل شيخٍ منهما فيه ليكون الباحث في هذه الأحاديث على درايةٍ بقول الشيخين فيها، وهذا كما يستفاد منه ما قد سبق الإشارة إليه، فإنَّ فيه فائدة أخرى لا ينبغي الغفلة عنها، ألا وهي أنَّ شيخنا الشيخ الحويني رغم أنه تعلَّم على يد الشيخ العلامة الألباني واستفاد كثيرًا من مجالِسِه وكتبه، إلا أنه لم يكن متعصِّبًا لشيخه، بل كان يستفيد من علم شيخه ويُخالِفه في بعض المواضع التي يرى أنَّ الشيخ الألباني ﵀ جانبه فيها الصواب، وهذا حقُّ المُتقدِّم على المُتأخِّر، وحقٌّ الشيخ على التلميذ، وهو أن لا يُقلِّد الشيخ فيما تبيَّن فيه الخطأ، وإنما يُقوَّم ويُستَدرَك، لأن الباحث ينغي أن يكون قصدُهُ الوقوف على الحقِّ ليس غير.
وقد لاحظتُ أنَّ أخي الباحث اكتفى بنقل أقوال الشيخين على تلك الأحاديث ولم يتطرَّق من جهته إلى التوسُّع في البحث والنظر في الطُرُق والأسانيد ونقد الروايات التي يشملها البحث نقدًا خاصًا، لشيئٍ ترجَّح لديه، وهو أن يكتفي بتقديم علم الشيخين إلى القارئ والباحث لينظرَ كلٌّ فيما بين يديه من تلك المادة العلميَّة ويختار ما يراه راجحًا.
وهذا قصدٌ محمودٌ، لولا أنني كنتُ أتمنى لو أنَّ أخي الباحث أضاف إلى ذلك شيئًا آخر لا يتعارَضُ مع مقصوده، وفي الوقت نفسه يكون أكثر عَونًا للباحث على تحقيق الراجح في كل حديثٍ من تلك الأحاديث.
وهذا الشئ هو: أن يُضيفَ في كل حديثٍ أقوال العلماء الآخرين الذين تناولوا تلك الأحاديث من المتقدمين والمتأخرين، ويضعها مع كل حديثٍ من تلك الاحاديث، بحيث يمكن للباحث أن يَعرِفَ أقوال العلماء فيُعِينُه ذلك على الترجيح، ولعلَّ أخي الفاضل يصنع ذلك لاحِقًا إن شاء الله تعالى.
وليس من شكٍّ، ولا يخفى على باحثٍ مُتمرِّسٍ خبيرٍ بمسالك العلماء قديمًا وحديثًا، أنَّ الحُكمَ على الأحاديث تصحيحًا وتضعيفًا وعلى الرواة
1 / 12
تعديلًا وتجريحًا، هو من موارد الاجتهاد، والتي يسَعُ فيها الخلاف، كما يَسعُ الخلافَ في المسائل الفقهية ونحوها.
فلا ينبغي أن يُعابَ على أحدٍ لمُجرَّدِ الاختلاف معه في الحكم على حديث، وإنما يُبَيَّنُ وجهُ الصواب بالحُجَّةِ والبرهان، مع الاحتفاظ بالتقدير والاحترام التَّام للمُخَالَف.
وكم رأينا العلماء قديمًا وحديثًا يَستَدرِك بعضهم على بعضٍ، ويُخَطِّأُ بعضهم بعضًا، مع الاحترام والتقدير وعدم الطعن في الأشخاص.
ولا ادلَّ على ذلك من كتاب " التتبُّع " للإمام الدارقطني، وكتاب " مُوضِح أوهام الجمع والتفريق " للإمام الخطيب البغدادي، وغيرهما من كتب اهل العلم.
وكان شعارهم دائمًا وأبدًا، ما قاله الإمام الشافعي ﵀: قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب.
وقال يونس الصدفي: ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يومًا في مسألة ثم افترقنا، ولَقِيَنني فأخذ بيدي ثم قال: يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتَّفِق في مسألة.
ولله دَرُّ الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود ﵁ عندما خالَفَ عثمان بن عفانٍ في مسألة الإتمام في السفر، ومع ذلك كان يُصلِّي وراءه بإتمام، فلما سُئِل عن ذلك قال: الخلاف شر. يقصد: الخلافَ الذي يُؤَدِّي إلى الشقاق والتناحر والتدابر.
وانظر إلى سفيان بن عيينة ﵀ عندما ذَكَر مرَّة حديثًا فقيل له: إنَّ مالِكًا يُخالِفُك في هذا الحديث، فقال للقائل: أتقرِنُني بمالك!، ما أنا ومالك إلا كما قال جرير:
وابنُ اللَّبون إذا ما لُزَّ في قَرَنٍ ... لم يَستَطِع صَوْلَةَ البُزْلِ القَنَاعِيسِ
1 / 13
فهؤلاء هم أسلافُنا، وهؤلاء هم قدوتُنا، فنسألُ الله ﷿ أن يرزقنا الإنصاف في السِرِّ والعَلَن، وان يوفِّقَنا إلى سلوك طريقهم، واتِّباعِ منهجهم، إنه سبحانه ولِيُّ ذلك ومولاه. وصلَّى الله على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلِّم.
وكتبه / أبو معاذ طارق بن عوض الله محمد
الثلاثاء ٢٥ محرم ١٤٣٦ هـ
١٨/ ١١ / ٢٠١٤ مـ
1 / 14
مقدمة المؤلف
إن الحمد لله، نحمدُهُ، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
مَن يهده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادِي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا.
يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما.
أما بعد،،،
فإن العلم رتب ودرجات، وإن شرف العلوم بشرف ما توصل إليه، فلا جرم أن كان علم الحديث من أشرف العلوم، إذ به يتوصل إلى معرفة الصحيح من غيره من قول خير الأنام وسيد البرية صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وقد ذكر الإمام ابنُ حِبَّان في مقدمة المجروحين (١/ ٨٤ ط الصميعي)، أنَّ أحمد بن حنبل مرَّ على نفرٍ من أصحاب الحديث وهم يعرِضون كتاباتهم، فقال: ما أحسب هؤلاء إلا ممن قال رسول الله ﷺ: "لا تزال طائفةٌ من أمتي على الحق حتى تقوم الساعة".
1 / 15
فعَلَّق أبو حاتم ابن حِبَّان قائلًا: (ومَن أحقُّ بهذا التأويل من قومٍ فارَقُوا الأهلَ والأوطانَ، وقنعوا بالكِسَر والأَطْمَار، في كتب السنن والآثار، وطلب الحديث والأخبار، يجولون في البراري والقفار، ولا يُبَالون بالبؤس والإقتار، مُتَّبِعون لآثار السلف من الماضين، والسالكون ثَبَج محجَّة الصالحين، ورَدِّ الكذب عن رسول ربِّ العالمين، وذبِّ الزور عنه حتى وضح للمسلمين المنار، وتبيَّن لهم الصحيح من بين الموضوع والزور من الآثار، وأرجو أن لا يكون من هذه الأمة في الجنة إلى النبي ﷺ أقربَ من هذه الطائفة؛ لأن النبي ﷺ قال: أَوْلَى الناسِ بي يوم القيامة أكثرُهُم عليَّ صلاةً.
وليس في هذه الأمة طائفةٌ أكثرَ صلاةً على رسول الله ﷺ من هذه الطائفة، فهم على وجوههم في الدنيا يهيمون، وبتَعَلُّم السنن فيها ينعمون، وعلى حُسنِ الاستقامة يدورون، وأهلَ الزيغ والأهواء يقمعون، وعلى السداد في السنة يموتون، وعلى الخيرات في العُقبَى يقدمون، أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - طيَّب الله ثراه - في كتابه الماتع " الانتصار لأهل الأثر" (صـ ١٣ - ١٤ ط عالم الفوائد):
(من المعلوم أنَّ أهلَ الحديث يُشارِكون كلَّ طائفةٍ فيما يَتحَلَّوْن به من صفات الكمال، ويَمْتَازون عنهم بما ليس عندهم، فإن المُنازِع لهم لابُدَّ أن يذكُرَ فيما يُخالفُهم فيه طريقًا أخرى، مثل المعقول والقياس والرأي والكلام والنظر والاستدلال والمُحَاجَّة والمجادلة والمكاشفة والمخاطبة والوَجْد والذَّوْق ونحو ذلك.
وكُلُّ هذه الطُرُق لأهل الحديث صفوَتُها وخلاصتُها، فهم أكمل الناس عقلًا، وأعدلُهم قياسًا، وأصوبُهم رأيًا، وأسدُّهم كلامًا، وأصحُّهم نظرًا، وأهداهم استدلالًا، وأقومُهم جدلًا، وأتمُّهم فراسة، وأصدقُهم إلهامًا، وأحدُّهم بصرًا ومكاشفةً، وأصوبُهم سمعًا ومخاطبةً، وأعظمهم وأحسنهم وَجْدًا وذوقًا،
1 / 16
وهذا هو للمسلمين بالنسبة إلى سائر الأمم، ولأهل السنة والحديث بالنسبة إلى سائر المِلَل." أهـ
فعلمُ الحديث من أشرف العلوم نظرًا لانتسابه، والمشتغلون به هم أقرب الخلق اتباعًا لما جاء به النبي ﷺ.
وقد قل الاشتغال بهذا العلم الجليل في الأزمان المتأخرة، فتجد: في القرن السابع الهجري أمثال الحافظ المزي، والحافظ الدمياطي، والحافظ ابن دقيق العيد، وشيخ الإسلام ابن تيمية.
ثم يتلوهم الإمام الذهبي، فابن القيم، وابن رجب، وابن عبد الهادي، وابن كثير.
ثم يتلوهم ابن المُلَقِّن، فالحافظ زين الدين العِرَاقِي.
فيتلوهم الحافظ ابن حجر العسقلاني، والهيثمي، وبدر الدين العيني.
فيتلوهم شمس الدين السخاوي، وجلال الدين السيوطي، في القرن التاسع والعاشر الهجريين.
ثم إذا قفزنا قفزةً سريعةً للقرن الماضي فلا نجد من أبرز المشتغلين بهذا العلم الشريف إلا الشيخ أبا الأشبال أحمد محمد شاكر، والشيخ العلامة عبد الرحمن بن يحيى المُعَلِّمي اليماني، فالشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحم الله الجميع -.
ثم حدثت طفرةٌ في الاشتغال بهذا العلم بعدهم، سواء على الصعيد النظري، أو الصعيد العملي التطبيقي.
لكن الأمر الذي لا يُنْكِرُه مُنصِف، أنَّ للشيخ المُحدِّث محمد ناصر الدين الألباني ﵀ جميل على أبناء هذا الجيل بإحياء روح التجديد في هذا الفن الذي كان غريبًا في حينه.
لقد ترك الشيخ تراثًا يدُلُّ على جهد يُذكِّرُنا بعلماء الحديث المُتقدِّمين
1 / 17
الذين أفنوا أعمارَهم في حفظ حديث رسول الله ﷺ لاعتقادهم أن في ذلك سعادة الدنيا والآخرة، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الانتصار لأهل الأثر " (صـ ٣٩ - ٤٠): (وإذا كانت سعادةُ الدنيا والآخرة هي باتباع المرسلين، فمن المعلوم أنَّ أحقَّ الناس بذلك أعلمُهم بآثار المرسلين وأتبعُهم لذلك، فالعالِمُون بأقوالهم وأفعالهم، المُتَّبِعون لها هم أهلُ السعادة في كل زمانٍ ومكانٍ، وهم الطائفة الناجية من أهل كل مِلَّة، وهم أهل السنة والحديث من هذه الأمة، فإنهم يشارِكون سائر الأمة فيما عندهم من أمور الرسالة، ويَمتَازون عنهم بما اختصُّوا به من العلم الموروث عن الرسول فيما يجهله غيرهم أو يُكَذِّب به).
وكما ترك الشيخ تراثًا يشهد له المخالِف قبل الموافِق، فقد ترك تلاميذ انتفعوا بعلمه واقتفوا أثره.
ومنهم شيخنا المُحدِّث الجليل أبو إسحاق الحويني - حفظه الله وشفاه -،فقد تخرَّج على كتب الشيخ، وانتفع بها أكثر من غيرها.
وقد زكَّاه الشيخ الألباني في أكثر من موضع سواء كتابةً، أو مشافهةً لأحد أقربائه أو جُلَّاسه ﵀، فمن ذلك:
ما ذكره الشيخ الألباني ﵀ في " الصحيحة " (٥/ ٥٨٦) قال: (واعلم أنه من الدواعي على إخراج هذا الحديث هنا أمور وقفت عليها، فما أحببت أن أدع التنبيه عليها:
الأول: أنني رأيت المعلق على "المنتقى " لابن الجارود، عزا الحديث من رواية يحيى بن سعيد هذه للستة وغيرهم، وليس عندهم زيادة التسبيح. ونبه على ذلك صديقنا الفاضل أبو إسحاق الحويني في كتابه القيم: "غوث المكدود في تخريج منتقى ابن الجارود "، وقد أهدى إلي الجزء الأول منه، جزاه الله خيرا).
وقال ﵀ في " الصحيحة" (رقم ٣٩٥٣): (هذا، ولقد كان من دواعي
1 / 18
تخريج حديث الترجمة بهذا التحقيق الذي رأيته: أن أخانا الفاضل (أبا إسحاق الحويني) سئل في فصله الخاص الذي تنشره له مجلة (التوحيد) الغراء في كل عدد من أعدادها، فسئل- حفظه الله وزاده علمًا وفضلًا- عن هذا الحديث في العدد (الثالث- ربيع أول- ١٤١٩)؟ فضعفه، وبين ذلك ملتزمًا علم الحديث وما قاله العلماء في رواة إسناده، فأحسن في ذلك أحسن البيان، جزاه الله خيرًا، لكني كنت أود وأتمنى له أن يُتْبِعَ ذلك ببيان أن الحديث بأطرافه الثلاثة صحيح؛ حتى لا يتوهمن أحد من قراء فصله أن الحديث ضعيف مطلقًا سندًا ومتنًا، كما يشعر بذلك سكوته عن البيان المشار إليه. أقول هذا؛ مع أنني أعترف له بالفضل في هذا العلم، وبأنه يفعل هذا الذي تمنيته له في كثير من الأحاديث التي يتكلم على أسانيدها، ويبين ضعفها، فيتبع ذلك ببيان الشواهد التي تقوي الحديث، لكن الأمر- كما قيل-: كفى المرء نبلًا أن تعد معايبه).
وقال ﵀ في الصحيحة أيضًا (٢/ ٧٢٠) أثناء ردِّه على أحد المتهجمين على التصحيح والتضعيف قال: " وبسط القول في بيان عوار كلامه في تضعيفه إياها كلها يحتاج إلى تأليف كتاب خاص، وذلك مما لا يتسع له وقتي، فعسى أن يقوم بذلك بعض إخواننا الأقوياء في هذا العلم كالأخ علي الحلبي، وسمير الزهيري، وأبي إسحاق الحويني ونحوهم جزاهم الله خيرا).
وهذا يدُلُّنا أنَّ الشيخ الألباني ﵀ كان لديه بعض مصنَّفات شيخنا التي تحتوي على بعض التعقبات التي تعقَّبها شيخنا عليه ﵀ ومع ذلك لم يُنكر الشيخ ذلك بل مدح الشيخ - كما ترى - في أكثر من موضع، وأيضًا فقد تعقَّب الشيخ الألباني شيخَنا في موضعين وقفتُ عليهما في " الصحيحة ":
أحدهما: في (٧/ ٧٤٥) حيث قال - رحمةُ الله عليه -: (تنبيه: عزا الأخ الفاضل أبو إسحاق الحويني في تعليقه على "مسند سعد ابن أبي وقاص "
1 / 19
(٢٤٠/ ١٥٩) حديث عبد الله بن جابر لابن أبي عاصم في الآحاد"! وهذا وهم، وإنما عنده حديث عبد الملك بن عمير فقط كما سبق).
ثانيهما: في (٧/ ٩٣٧ - ٩٣٨) قال: (... وإن مما يؤكد الجمع المذكور؛ أن من المعلوم أن سعدًا- ﵁ قد خلّف جمعًا من الذكور، ولم يخلف إلا بنتًا واحدة، وهي عائشة هذه، فإذا قال بعض الرواة: (أم عمرو بنت سعد)، فهي (عائشة) يقينًا؛ كما هو ظاهر جلي؛ والحمد لله.
ولقد رأيت أخانا الفاضل (أبا إسحاق الحويني) قد دندن حول هذا الجمع في
تعليقه على " مسند سعد بن أبي وقاص "، فقال (٢١٦) - بعد أن ساق ما في "العلل "-:"قلت: رواية معن هنا توافق رواية الخصيب بن ناصح، ولعل "أم عمرو" كنية "عائشة بنت سعد"، فتلتقي الروايتان، والله أعلم ".
ولكنه جزم بضعف إسناده كما ضعفه في أحاديث ثلاثة قبله، بدعوى أن (عبيدة بنت نابل) مجهولة الحال، تابعًا في ذلك قول ابن حجر المتقدم: "مقبولة"! أو مستأنسًا به؛ فإنه بمعناه، والصواب ما تقدم بيانه أنها صدوقة. وإن مما يؤيد ذلك؛ أن الحافظ قال في "الفتح " (٤/ ١٠٠) - في حديث آخر من طريقها-:"رجاله ثقات ".
ونقله الأخ الفاضل عنه (ص ٢١٤). فهذا- مع ما قدمته من البيان- يلقي
في النفس الاطمئنان لصحة حديثها. والله أعلم).
فأنت ترى أن الشيخ الألباني ﵀ ذكر في " صحيحته " أنه اطلع على تخريج شيخنا لـ " مسند سعد بن أبي وقاص " للحافظ البزَّار، وكذا " غوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود " وكان الشيخ الحويني أرسل للشيخ كتابه " بذل الإحسان " وكذا " تنبيه الهاجد " الجزء الأول، وكل هذه الكتب تحتوي على تعقُّبات على الشيخ الألباني، وترى هنا بعض الأحاديث التي خالف فيها الشيخ شيخه استخرجتُها من هذه الكتب.
فهذا التَخرُّج وهذا الانتفاع بكتب الشيخ الألباني ﵀، لم يمنعه من
1 / 20