286

التيسير في التفسير

التيسير في التفسير

Enquêteur

ماهر أديب حبوش وآخرون

Maison d'édition

دار اللباب للدراسات وتحقيق التراث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1440 AH

Lieu d'édition

أسطنبول

Genres

Tafsir
ليس عنده فيكونُ طلبه استهزاءً به، إذ مَن طلَب إلى آخرَ ما يَعلم أنه ليس عنده فهو هازئٌ به.
ولأن الذي يطلب إمَّا أن يكونَ للَّه أن لا يُعطيَه مع التكليف، فيَبْطُل قولهم؛ إذ (^١) لا يجوز أن يكلِّف وعنده ما به الصلاحُ في الدِّين فلا يعطي، أو ليس له أنْ لا يعطيَ، فكأنه قال: اللهم لا تَجُرْ، ومَن هذا علمُه بربِّه فالإسلامُ أولى به (^٢).
ثم قولُه (^٣): ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ وإن أُضمر فيه الأمرُ بالقول في أولِ السورة كذلك، فإنَّ الأول مغايَبةٌ وهذا مخاطَبةٌ، وكذلك قوله: ﴿اهْدِنَا﴾، فكيف جمع بينهما؟
وجوابه: أنه سائغٌ (^٤) في كلام العرب، وواردٌ في القرآن:
قال اللَّه تعالى: ﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾ [الإنسان: ٢١]، ثم قال: ﴿إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً﴾ [الإنسان: ٢٢].
وقال: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ﴾ [مريم: ٦٨]، ثم قال: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ [مريم: ٧١].
وقال تعالى: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا﴾ [الأحزاب: ٥٠] ثم قال: ﴿خَالِصَةً لَكَ﴾ [الأحزاب: ٥٠].
وهذا كلُّه مغايَبةٌ ثم مخاطَبةٌ.

(^١) في النسخ: "أنه"، والمثبت من "التأويلات".
(^٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٣٦٢ - ٣٦٥)، وفي نقل المؤلف شيء من الاختصار والتصرف.
(^٣) في (ر): "وقوله"، بدل: "ثم قوله".
(^٤) في (ف): "شائع".

1 / 141