La Mise en Garde et la Réponse aux Gens des Passions et des Innovations
التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع
Chercheur
محمد زاهد الكوثري
Maison d'édition
المكتبة الأزهرية للتراث
Lieu d'édition
القاهرة
مكون وَلَا مدير وَأَن هَذَا الْخلق بِمَنْزِلَة النَّبَات فِي الفيافي والقفار يَمُوت سنة شَيْء وَيحيى سنة شَيْء وينبت شَيْء وَأَنَّهَا تغلب عَلَيْهَا الطبائع الْأَرْبَعَة فِي أبدانها فَإِذا غلبت إِحْدَاهُنَّ قتلته لِأَنَّهُ يَمُوت الصَّغِير وَيحيى الْكَبِير وَإِن أَبَاهُ خلقه وَخلق الْأَب أَبوهُ لَا يعْرفُونَ آدم وَإِن آدم لَهُ آبَاء تَعَالَى الله عَمَّا يَقُولُونَ
وَمِنْهُم المانوية يَزْعمُونَ أَن إِلَهَيْنِ وخالقين خَالق للخير والنور والضياء وخالق للشر والظلمة وَالْبَلَاء نزهو الله وَزَعَمُوا أَنه لم يخلق الظلمَة وَالْبَلَاء والهوام وَالسِّبَاع فَجعلُوا مَعَه لما نزهوه شَرِيكا خلق هَذِه الْأَشْيَاء وَزَعَمُوا أَن الله تَعَالَى خلق الرّوح الْجَارِي فِي الْجَسَد فَقَالُوا أَلا ترى الرّوح إِذا فَارق الْجَسَد أنتن وَأَن الْخَالِق الآخر عِنْدهم خلق الْجَسَد وَالله لَا يخلق نَتنًا وَلَا قذرا فَجعلُوا لِلْخلقِ كلهم خالقين تَعَالَى الله عَمَّا يَقُولُونَ علوا كَبِيرا وَإِنَّمَا سموا مانية لِأَن رجلا كَانَ يُقَال لَهُ ماني زَعَمُوا أَنه نَبِيّهم وَكَانَ فِي زمن الأكاسرة فَقتله بَعضهم وَقد قَالَ الله ﷿ فِي كِتَابه ﴿مَا اتخذ الله من ولد وَمَا كَانَ مَعَه من إِلَه إِذا لذهب كل إِلَه بِمَا خلق ولعلا بَعضهم على بعض سُبْحَانَ الله عَمَّا يصفونَ﴾ فهذان شَاهِدَانِ
وَمِنْهُم المزدكية وهم صنف من الزَّنَادِقَة وَذَلِكَ أَنهم زَعَمُوا أَن الدُّنْيَا خلقهَا الله خلقا وَاحِدًا وَخلق لَهَا خلقا وَاحِدًا وَهُوَ آدم جعلهَا لَهُ يَأْكُل من طعامها وَيشْرب من شرابها ويتلذذ بلذائذها وينكح نساءها فَلَمَّا مَاتَ آدم جعلهَا مِيرَاثا بَين وَلَده بِالسَّوِيَّةِ لَيْسَ لأحد فضل فِي مَال وَلَا أهل فَمن قدر على مَا فِي أَيدي النَّاس وَتَنَاول نِسَاءَهُمْ بِسَرِقَة أَو خِيَانَة أَو مكر أَو خلابة أَو بِمَعْنى من الْمعَانِي فَهُوَ لَهُ مُبَاح سَائِغ وفضول مَا فِي أَيدي ذَوي الْفضل محرم عَلَيْهِم حَتَّى يصير بِالسَّوِيَّةِ بَين الْعباد سَوَاء وَإِنَّمَا سموا مزدكية لِأَنَّهُ ظهر فِي زمن الأكاسرة رجل يُقَال لَهُ مزدك فَقَالَ هَذِه الْمقَالة
1 / 92