التلويح في كشف حقائق التنقيح

Saad al-Din al-Taftazani d. 792 AH
87

التلويح في كشف حقائق التنقيح

التلويح في كشف حقائق التنقيح

Maison d'édition

مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بالأزهر

Numéro d'édition

١٣٧٧ هـ

Année de publication

١٩٥٧ م

Lieu d'édition

مصر

فَصَارَ فِي السَّبَبِ كَالنَّسْخِ، وَفِي الْحُكْمِ كَالِاسْتِثْنَاءِ فَإِذَا جَهِلَ أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ لِشَبَهِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَإِذَا عَلِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصِحُّ لِشَبَهِ النَّسْخِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا شَبَهُ الِاسْتِثْنَاءِ حَتَّى يَفْسُدَ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ بِخِلَافِ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ إذَا بَيَّنَ حِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَيَانُ مُنَاسَبَتِهَا التَّخْصِيصُ أَنَّ التَّخْصِيصَ يُشَابِهُ النَّسْخَ بِصِيغَتِهِ، وَالِاسْتِثْنَاءَ بِحُكْمِهِ، وَهُنَا الْعَبْدُ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ دَاخِلٌ فِي الْإِيجَابِ لَا الْحُكْمِ عَلَى مَا عُرِفَ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْإِيجَابِ يَكُونُ رَدُّهُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ تَبْدِيلًا فَيَكُونُ كَالنَّسْخِ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْحُكْمِ يَكُونُ رَدُّهُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ بَيَانَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فَيَكُونُ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَإِذَا كَانَ لَهُ شَبَهَانِ يَكُونُ ــ [التلويح] عَلَى الْعَبْدَيْنِ لَا فِي الْحُكْمِ لِمَا عَرَفْت فِي مَوْضِعِهِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ يَمْنَعُ الْمِلْكَ عَنْ الثُّبُوتِ لَا السَّبَبَ عَنْ الِانْعِقَادِ عَلَى مَا سَيَجِيءُ تَحْقِيقُهُ فِي فَصْلِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ. (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ) لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِيَارِ وَالثَّمَنُ كِلَاهُمَا مَعْلُومَيْنِ، أَوْ مَحَلُّ الْخِيَارِ مَعْلُومًا وَالثَّمَنُ مَجْهُولًا، أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ كِلَاهُمَا مَجْهُولَيْنِ. مِثَالُ الْأَوَّلِ بَاعَ سَالِمًا وَغَانِمًا بِأَلْفَيْنِ كُلًّا مِنْهُمَا بِأَلْفٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ فِي سَالِمٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِثَالُ الثَّانِي: بَاعَهُمَا بِأَلْفَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي سَالِمٍ. مِثَالُ الثَّالِثِ بَاعَهُمَا بِأَلْفَيْنِ كُلًّا مِنْهُمَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا. مِثَالُ الرَّابِعِ بَاعَهُمَا بِأَلْفَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِثَمَنِ كُلِّ وَاحِدٍ وَلَا لِمَا فِيهِ الْخِيَارُ فَرِعَايَةُ شَبَهِ النَّسْخِ أَعْنِي: كَوْنَ مَحَلِّ الْخِيَارِ دَاخِلًا فِي الْإِيجَابِ تَقْتَضِي صِحَّةَ الْبَيْعِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْعَبْدَيْنِ بِالنَّظَرِ إلَى الْإِيجَابِ مَبِيعٌ بَيْعًا وَاحِدًا، فَلَا يَكُونُ بَيْعًا بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً بَلْ بَقَاءً، وَرِعَايَةُ شَبَهِ الِاسْتِثْنَاءِ أَعْنِي: كَوْنَ مَحَلِّ الْخِيَارِ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْحُكْمِ تَقْتَضِي فَسَادَ الْبَيْعِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ فِي الْأُولَى مَعَ جَهَالَةِ الثَّمَنِ فِي الثَّانِيَةِ، وَجَهَالَةِ الْمَبِيعِ فِي الثَّالِثَةِ، وَجَهَالَتِهِمَا فِي الرَّابِعَةِ فَلِرِعَايَةِ الشَّبَهَيْنِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ أَعْنِي: صَحَّ فِي الْأُولَى رِعَايَةً لِشَبَهِ النَّسْخِ، وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْبَوَاقِي رِعَايَةً لِشَبَهِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَوَجْهُ الِاخْتِصَاصِ أَنَّ مَعْلُومِيَّةَ مَحَلِّ الْخِيَارِ، وَالثَّمَنِ تُرَجِّحُ جَانِبَ الصِّحَّةِ فَيُلَائِمُ شَبَهَ النَّسْخِ الْمُقْتَضِي لِلصِّحَّةِ، وَجَهَالَةُ مَحَلِّ الْخِيَارِ أَوْ الثَّمَنِ أَوْ كِلَيْهِمَا تُرَجِّحُ جَانِبَ الْفَسَادِ فَيُلَائِمُ شَبَهَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّوَرِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ. أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ شَبَهَ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْضًا يُوجِبُ صِحَّتَهَا لِكَوْنِهِ اسْتِثْنَاءً مَعْلُومًا. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ شَبَهَ النَّسْخِ يُوجِبُ لُزُومَ الْعَقْدِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ الثَّمَنِ طَارِئَةٌ، وَشَبَهَ الِاسْتِثْنَاءِ يُوجِبُ فَسَادَهُ فَلَا يَثْبُتُ الْجَوَازُ بِالشَّكِّ. وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَيْنِ فَلِأَنَّ شَبَهَ الِاسْتِثْنَاءِ يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ، وَشَبَهَ النَّسْخِ يُوجِبُ انْعِقَادَهُ فِي الْعَبْدَيْنِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِالشَّكِّ، وَفِيهِ

1 / 88