Al-Takhreej According to Jurists and Usul Scholars
التخريج عند الفقهاء والأصوليين
Maison d'édition
مكتبة الرشد
Lieu d'édition
الرياض
Genres
التخريج
عند الفقهاء والأصوليين
(دراسة نظرية تطبيقية تأصيلية)
الدكتور
يعقوب بن عبد الوهاب الباحسين
الأستاذ المشارك بقسم أصول الفقه
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
مكتبة الرشد
الرياض
1 / 3
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله على كثير فضله وعظيم آلائه، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم رسله وأنبيائه.
وبعد:
فمنذ سنوات غير قليلة، بل منذ أن أقرت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تدريس موضوع (تخريج الفروع على الأصول) على طلبة الدراسات العليا، وأنا أقوم بتدريس هذه المادة، وحينما بدأت لم يكن هناك منهج محدد، ولا معالم معينة لهذا الموضوع، وقد قمت بالاتصال بجهات عدة، وبذلت جهودًا شخصية لدى عدد من أساتذة الجامعات الإسلامية، وطلبة الدراسات العليا فيها، ممن كان لهم سبق زمني في إقرار تدريس هذه المادة، فلم أظفر من ذلك بطائل، ولا وجدت ما يشفي الغليل، لكني وجدت أنّ منهج الدراسات العليا في جامعة أم القرى، اشتمل على أمرين:
الأمر الأول: كان يضم تمهيدًا في التعريف بعلم تخريج الفروع على الأصول، وأهميته، ونشأته وتطوره ومصادره والتعريف بها، وعلاقة هذا العلم بعلم الأصول، والفرق بينه وبين علمي الأشباه والنظائر والفروق.
كما ضم البحث عن أسباب الاختلاف في الفروع.
والأمر الثاني: كان قسمًا تطبيقيًا يتضمن دراسة عدد من الموضوعات، منها ما هو قواعد مختلف فيها، ومنها ما هي أدلة مختلف فيها.
ولم أردت أن أعرف طبيعة ما درس في موضوعات الأمر الأول، لم
1 / 5
أجد هناك مادة مدروسة تحدد العلم، وتبين نطاقه ومشتملاته، ولهذا فقد اتخذت من تصوراتي منطلقًا لبيان أبعاد هذا الموضوع. وكانت هذه التصورات في بداية الأمر، محدودة، تقتصر على تخريج الفروع على الأصول، متخذة من منهج الزنجاني، وتصوراته مثالًا يحتذى، غير أني لاحت عند ممارستي تدريس هذا العلم، والنظر في جوانبه المختلفة، أن نطاق التخريج أوسع من ذلك، وتكشفت لي خلال سنوات التدريس قضايا كثيرة، اضطررت معها إلى تغيير خطتي التدريسية، وإلى تنويع التخريج بحسب نتائجه وأصوله التي استند إليها، فتميزت لديّ ثلاثة أنواع من التخريج، هي:
الأول: تخريج الأصول من الفروع، وهو الأساس في تأسيس أصول فقه الأئمة الذين لم يدونوا أصولًا، ولم ينصوا على قواعدهم في الاستنباط، أو نصوا على قسم منها، ولم ينقل عنهم شيء بشأن قسمها الآخر.
الثاني: تخريج الفروع على الأصول، وهو النمط الظاهر في كتاب تخريج الفروع على الأصول للزنجاني، وما أشبهه من الكتب التي نحت هذا المنحى.
الثالث: تخريج الفروع على الفروع، وهو النوع الذي حظي بعناية الفقهاء والأصوليين أكثر من غيره، سواء كان في الكتب المفردة عن الافتاء، أو في الكتب الأصولية في مباحث الاجتهاد والتقليد، أو في مواضع منثورة من كتب الفقهاء.
ولم أجد دراسة نظرية تؤصل علم التخريج، وتبين لنا حدوده ومعالمه، ولكني أشيد بما نشره الزميل د/ عياض بن نامي السلمي في بحثه المنشور في مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (١)، بعنوان: ٠تحرير المقال فيما تصح نسبته للمجتهد من أقوال) ولكنه لم يبحث إلا في النوع الثالث من
_________
(١) العدد ٧ سنة ١٤١٣هـ/١٩٩٢م.
1 / 6
التخريج، مقتصرًا على بحث صحة نسبة الأقوال المخرجة إلى الأئمة، دون أن يوضح معالم هذا العلم، ولكنه كان لبنة قيمة في هذا المجال.
وقد أدى هذا التصور للتخريج أن أجري طائفة من التغييرات على ما كنت أعده من محاضرات بهذا الشأن، وعدلت فيما كنت أطرحه من آراء، فأصبحت أنظر إلى التخريج على أنه أنواع من العلوم، يشملها جنس واحد هو التخريج.
ومن الملاحظ أن الأنواع الثلاثة من التخريج التي ذكرتها آنفًا تمثل نوعين متعاكسين من التخريج، أحدهما يتجه إلى تخريج القواعد والضوابط الكلية من الفروع والجزئيات، وثانيهما يتجه، على العكس من ذلك، إلى تخريج الفروع والجزئيات، إما ببنائها على القواعد الكلية، أو ببنائها على جزئيات مثلها.
ولما استقر ذلك عندي، بدا لي أن أضيف إليه أمرًا ذا صلة بالتخريج، هو صفات المجتهد وشروط العلماء الذين يقومون به، ومنزلتهم بين طبقات الفقهاء، ومراتب الأقوال التي يخرجونها، وتسميتها وصفاتها.
وتحت إلحاح الكثيرين من أخواني الأساتذة والعلماء، ومن أبنائي طلبة الدراسات العليا، رأيت إخراج ما تجمع لدي من معلومات عن هذا العلم، مع ثقتي بأنه في حاجة إلى زيادة تنقيح، وربما إلى إضافة ما يمكن أن يدخل في نطاقه. على أنه مهما يكن من أمر، فقد بذلت جهدًا غير قليل في تأصيل هذا العلم، وإقامته على سوقه، وربما كانت هذه أول دراسة تأصيلية نظرية تطبيقية له. ولهذا فإن الباحث في حاجة إلى معرفة وجهات نظر العلماء وملحوظاتهم، من أجل تقويم هذا البحث وتلافي ما فيه من هنات.
وقد رتبت هذا البحث على تمهيد وبابين وخاتمة.
التمهيد: في تعريف التخريج لغة واصطلاحًا وبيان أنواعه.
الباب الأول: في أنواع التخريج، ويشتمل على ثلاثة فصول:-
1 / 7
الفصل الأول: في تخريج الأصول من الفروع.
الفصل الثاني: في تخريج الفروع على الأصول.
الفصل الثالث: في تخريج الفروع على الفروع.
الباب الثاني: ويشتمل على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: في مراتب المخرجين بين طبقات الفقهاء.
الفصل الثاني: في شروط وصفات علماء التخريج.
الفصل الثالث: في أنواع الأحكام المخرجة وصفاتها.
والخاتمة: في ذكر أحكام بعض الوقائع المعاصرة المخرجة على أصول وفروع الأئمة.
هذا والله أسأل أن يسدد على طريق الحق خطاي، وأن يلهمني، في ما أذهب إليه، الصواب .. وأن يريني الحق حقًا ويرزقني اتباعه، وأن يريني الباطل باطلًا ويرزقني اجتنابه.
وصلى الله على نبينا محمد ...
1 / 8
تمهيد
في تعريف التخريج وبيان أنواعه
معناه في اللغة: قال ابن فارس: الخاء والراء والجيم أصلان.
قال: وقد يمكن الجمع فيهما:
فالأول: النفاذ عن الشيء.
والثاني: اختلاف لونين (١).
ويبدو من خلال تتبع معاني المادة في المعاجم أن المعنى الأول هو الأكثر استعمالًا، فالخروج عن الشيء هو النفاذ عنه وتجاوزه، ومنه خراج الأرض وهو غلتها.
ويبدو أن هذا المعنى هو الأقرب لما نحن فيه، فالتخريج مصدر للفعل خرج المضعف، وهوي فيد التعدية بأن لا يكون الخروج ذاتيًا، بل من خارج عنه، ومثله أخرج الشيء واستخرجه فإنهما بمعنى استنبطه، وطلب إليه أن يخرج (٢).
ويقال أيضًا خرج فلانًا في العلم أو الصناعة دربه وعلمه، والمصدر تخريج (٣).
معناه في الاصطلاح:
وقد استعمل لفظ (التخريج) في طائفة من العلوم، فأصبحت
_________
(١) معجم مقاييس اللغة.
(٢) راجع: لسان العرب، والقاموس المحيط في مادة (خرج) باب الجيم فصل الخاء.
(٣) المعجم الوسيط (مادة خرج) ص ٢٢٤.
1 / 9
استعمالاته عندهم تعني مصطلحًا خاصًا، كما هو الشأن عند علماء الحديث، وعلماء الفقه والأصول، وسنذكر فيما يأتي معناه عندهم:
١ - معناه عند المحدثين:
أطلق المحدثون التخريج على ذكر المؤلف الحديث بإسناده في كتابه (١). ومنه قولهم: هذا الحديث خرجه أو أخرجه فلان بمعنى واحد هو ما ذكرناه.
وذكر بعضهم أنه عند المحدثين (إيراد الحديث من طريق أو طرق أخر تشهد بصحته، ولابد من موافقتها له لفظًا ومعنى) (٢).
وحده بعضهم بأنه "عزو الحديث إلى مصدره أو مصادره من كتب السنة المشرفة، وتتبع طرقه وأسانيده وحال رجاله وبيان درجته قوة وضعفًا" (٣).
وعلى هذا فالتخريج لا يقتصر على ذكر الأسانيد، بل لابد من بيان أمر رجال الحديث وقوة أسانيده، والحكم عليه قوة وضعفًا، وبيان صحته أو عدمها.
ولتخريج الأحاديث طرق متعددة، وفوائد كثيرة، لعل من أهمها جمع الطرق التي جاء الحديث منها، وجمع ألفاظ متن الحديث (٤).
_________
(١) قواعد التحديث في فنون مصطلح الحديث ص ٢١٩ لمحمد جمال الدين القاسمي.
(٢) القاموس الفقهي لغة واصطلاحًا ص ١١٤ لسعدي بن أبي حبيب.
(٣) تخريج أحاديث اللمع في أصول الفقه ص ١٠ لعبد الله بن محمد الصديقي الغماري، نقله عنه صبحي السامرائي في مقدمته لكتاب تخريج أحاديث مختصر المنهاج للحاف العراقي. كما ورد بمقدمة تحقيق كتاب الغماري المذكور.
وبهذا المعنى للتخريج عرفه د/ محمود الطحان، فقال في كتابه "أصول التخريج ودراسة الأسانيد" (هو الدلالة على موضع الحديث في مصادره الأصيلة التي أخرجته بسنده، ثم بيان مرتبته عند الحاجة).
(٤) طرق تخريج حديث رسول الله ﷺ ص ١٤، للدكتور/ أبو محمد عبد المهدي عبد القادر عبد الهادي.
هذا وللمحدثين طرق متنوعة لتخريج الحديث اشتهر منها خمسة. ولمعرفة ذلك ... =
1 / 10
كما أطلق المحدثون التخريج على الإشارة إلى كتابة الساقط من المتن في الحواشي وهو المسمى اللحق، أو التنبيه على شرح أو غلط أو اختلاف رواية أو نسخة أو غير ذلك (١). ولهم في بيان كيفية تخريج السقط ضوابط خاصة.
٢ - معناه عند الفقهاء والأصوليين:
وإذا تأملنا استعمالات الفقهاء والأصوليين، وجدنا أن مصطلح التخريج يدور في أكثر من نطاق، وأنهم لم يستعملوه بمعنى واحد، وإن كان بين هذه المعاني تقارب وتلاحم، فمن تلك الاستعمالات:
_________
(١) = ومعرفة الأمثلة والمراجع في هذا المجال، راجع:
أصول التخريج ودراسة الأسانيد للدكتور/ محمود الطحان ص ٣٥ - ١٣٣، ومفاتيح علوم الحديث وطرق تخريجه لمحمد عثمان الخشت ص ١٣١ - ١٥١.
() من المختار عند المحدثين في ذلك (أن يخط من موضع سقوطه من السطر خطا صاعدًا إلى فوق ثم يعطفه بين السطرين عطفة يسيرة إلى جهة الحاشية التي يكتب فيها اللحق، ويبدأ في الحاشية بكتابة اللحق مقابلًا للخط المنعطف وليكن ذلك في حاشيته ذات اليمين، وإن كانت تلي وسط الورقة، إن اتسعت له فليكتبه صاعدًا إلى أعلى الورقة لا نازلًا به إلى أسفل).
لاحظ في ذلك:
-التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح ص ٢١١ - ٢١٣ لعبد الرحيم بن الحسين العراقي [ت٨٠٦هـ] بتحقيق عبد الرحمن محمد عثمان.
وفتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي أيضًا ٣/ ٢٩ - ٣٢.
تفاصيل كيفية التخريج يمينًا وشمالًا وإلى الجهات الأخرى تلاحظ في فتح المغيث هذا.
وهناك ضوابط متعددة تتعلق بالكيفيات المتعددة بتعدد موضع اسقط، ومن رأي القاضي عياض أن لا يخرج لغير السقط خط، لئلا يدخل اللبس ويحسب من الأصل. فلذا توضع له علامة أخرى كالتضبيب، ولم يرتض الحافظ العراقي ذلك، ورأى أن تخريج السقط يوضع بين الكلمتين فلا يلتبس بغيره. (راجع: التقييد والإيضاح ص ٢١٣).
1 / 11
ما توصلوا إليه من أحكام، في المسائل الفقهية المنقولة عنهم، وذلك من خلال تتبع تلك الفروع الفقهية واستقرائها استقراء شاملًا يجعل المخرج يطمئن إلى ما توصل إليه، فيحكم بنسبة الأصل إلى ذلك الإمام.
ب) إطلاق التخريج على رد الخلافات الفقهية إلى القواعد الأصولية، على نمط ما في كتاب (تخريج الفروع على الأصول) للزنجاني، أو التمهيد في تخريج الفروع على الأصول) للأسنوي، أو (القواعد، والفوائد الأصولية والفقهية) لابن اللحام.
وهو بهذا المعنى يتصل اتصالًا واضحًا بالجدل وبأسباب اختلاف الفقهاء، إذ هو في حقيقته يتناول واحدًا من تلك الأسباب، وهو الاختلاف في القواعد الأصولية، وما ينبني على ذلك الاختلاف من اختلاف في الفروع الفقهية، سواء كانت في إطار مذهب معين، أو في إطار المذاهب المختلفة، وقد يتسع هذا المجال فيشمل من أسباب الاختلاف ما هو خلاف في الضوابط أو بعض القواعد الفقهية، كما هو الشأن في كتاب (تأسيس النظر) المنسوب إلى أبي زيد الدبوسي. وهذا هو ما اصطلح عليه بـ: (تخريج الفروع على الأصول).
ج) وقد يكون التخريج - وهذا هو غالب استعمال الفقهاء - بمعنى الاستنباط المقيد، أي بيان رأي الإمام في المسائل الجزئية التي لم يرد عنه فيها نص، عن طريق إلحاقها بما يشبهها من المسائل المروية عنه، أو بإدخالها تحت قاعدة من قواعده، والتخريج بهذا المعنى هو ما تكلم عنه الفقهاء والأصوليون في مباحث الاجتهاد والتقليد، وفي الكتب المتعلقة بأحكام الفتوى.
د) وقد يطلقون التخريج بمعنى التعليل، أو توجيه الآراء المنقولة عن الأئمة وبيان مآخذهم فيها، عن طريق استخراج واستنباط العلة وإضافة الحكم إليها (١). بحسب اجتهاد المخرج، وهو في حقيقته راجع إلى المعاني
_________
(١) شرح مختصر الروضة للطوفي ٣/ ٢٤٢ ولاحظ قول الآمدي في الرد على دليل =
1 / 12
السابقة، لأن تلك المعاني لا يتحقق أي منها دون التعليل والتوجيه، ومن هذا القبيل ما يسمى (تخريج المناط).
لكن الذي نهتم به من إطلاقات التخريج، هو ما يصلح أن يكون عنوانًا لعلم مستقل، نسعى لتأصيله، وبيان مقوماته، ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن التخريج يتنوع إلى الآتي:
١ - تخريج الأصول من الفروع.
٢ - تخريج الفروع على الأصول.
٣ - تخريج الفروع من الفروع.
ونظرًا إلى مثل هذا الاختلاف في معنى التخريج عند الفقهاء والأصوليين (١)، فإنه من الصعب أن نعطي عن نشأة التخريج بكل هذه المعاني تاريخًا واحدًا، أو أن نتحدث عنها بكلام واحد، ولهذا فإننا سنتحدث عن كل منها على انفراد، مبينين ما يتعلق بها نشأة وتاريخًا وأحكامًا.
_________
(١) = الخصم: (وما ذكروه فقد سبق تخريجه في مسألة تكليف ما لا يطاق) الأحكام ٤/ ١٨١، وهو يقصد بذلك تأويله وتوجيهه أو تعليله بما يجعله دليلًا معارضًا لرأيه. ومثل ذلك عنده، كثير.
() من الملاحظ أن هناك إطلاقات خاصة لبعض العلماء على التخريج، لم نذكرها في المتن لعدم عمومها بين العلماء. فقد كان ابن الحاجب ﵀ مثلًا يطلق التخريج على ما قابل الاتفاق، وعلى ما قابل المعروف، وعلى ما قابل المنصوص، وفي أحيان كان يسمى التخريج (الاستقراء).
(انظر: ص١٠٩ و١١٠ من كتاب كشف النقاب الحاجب من مصطلح ابن الحاجب لابن فرحون).
1 / 13
الباب الأول
في أنواع التخريج
الفصل الأول: تخريج الأصول من الفروع
الفصل الثاني: تخريج الفروع على الأصول
الفصل الثالث: تخريج الفروع من الفروع
1 / 15
الفصل الأول
تخريج الأصول من الفروع
تمهيد في:
تعريفه وبيان موضوعه ومباحثه والعلوم التي استمد منها وفائدته
المبحث الأول: نشأته وتطوره
المبحث الثاني: أمثلة لبعض الأصول المخرجة
المبحث الثالث: حكم نسبة الأصول المخرجة إلى الأئمة
1 / 17
تعريفه – وبيان موضوعه ومباحثه
والعلوم التي استمد منها وفائدته
تعريفه:
ذكرنا أن من أنواع التخريج التوصل إلى أصول الأئمة وقواعدهم من خلال استقراء وتتبع الفروع الفقهية المروية عنهم، واكتشاف عللها وما بينها من علاقات وقلنا إنه من الممكن أن نطلق على ذلك (تخريج الأصول من الفروع)، وفي الحق إن التخريج بالمعنى المذكور (١) ليس علمًا محددًا، ولكن ثمرته هي أصول الفقه وقواعده الكلية، كما أنه ليس علم أصول الفقه نفسه، لأن ثمرة الشيء خارجة عن حقيقته وماهيته، وإذا أردنا أن نضع تعريفًا تقريبًا له، قلنا: إنه (العلم الذي يكشف عن أصول وقواعد الأئمة من خلال فروعهم الفقهية وتعليلاتهم للأحكام).
فقولنا: (العلم) كالجنس يشمل المعرف وغيره.
وقولنا: (الذي يكشف عن أصول ...) قيد أخرج ما ليس كذلك،
_________
(١) في موسوعة الفقه الإسلامي الصادرة عن جمعية الدراسات الإسلامية بإشراف الشيخ محمد أبو زهرة- ﵀ – (إن علماء التخريج ومجتهديهم هم الذين يستخلصون القواعد التي كان يلتزمها الأئمة السابقون، ويجمعون الضوابط الفقهية التي تتكون من علل الأقيسة التي استخرجها العلماء) ١/ ٥٩. نقل ذلك محمد هشام الأيوبي في كتابه (الاجتهاد ومقتضيات العصر) ص ١٣٣ وكلام الموسوعة يقصر التخريج على أحد أنواعه، وهو تخريج الأصول من الفروع، وسبق أنبينا أنه أعم من ذلك.
1 / 19
كالفقه الذي يكشف عن الأحكام الفرعية العملية، والأصول التي هي القواعد نفسها والتي تعد ثمرة ونتيجة لهذا التخريج.
وقولنا: (من خلال تتبع فروعهم ..) قيد ثان أخرج الأصول المصرح بها من قبل الأئمة أنفسهم، لأنها لا تعد أصولًا مخرجة، وإنما هي من المنصوص عليه من قبلهم.
موضوعه (١):
إن بيان موضوع كل علم، يُعد المميز له عن سائر العلوم، كما أن تعيينه وتميزه عن غيره يُعد من الوسائل الهامة التي توضح مجالات العلوم. ويقصدون بموضوع العلم ما يبحث في ذلك العلم عن عوارضه الذاتية، كبدن الإنسان لعلم الطب. فإنه يبحث فيه عن أحواله من حيث الصحة والمرض، وكالكلمة لعلم النحو، فنه يبحث فيه عن أحوالها من حيث الإعراب والبناء ... إلخ) (٢).
والعوارض الذاتية هي الخارجة عن الشيء الذي يحمل عليه، وكونها ذاتية يعني أن منشأها الذات (٣)، بأن كانت تلحق الشيء لذاته أو تلحقه لجزئه، أو تلحقه بواسطة أمر آخر خارج عنه مساوٍ له.
وفائدة التقييد يكون الأعراض ذاتية الاحتراز عن الأعراض الغريبة، هي العارضة للشيء لأمر خارج عنه، أعم منه أو أخص منه أو مباين له (٤).
ومعنى البحث عن العوارض الذاتية للموضوع حملها عليه وإثباتها له كقولنا: الكتاب يثبت به الحكم، أو حملها على أنواعه، كقولنا: العام يفيد
_________
(١) لاحظ في تفصيل معنى (الموضوع) في الاصطلاح كتاب (أصول الفقه – الحد والموضوع والغاية) للمؤلف ص ٧.
(٢) تحرير القواعد المنطقية ص ١٧، ١٨، المنطق الصوري والرياضي ص٦.
(٣) تيسير التحرير ١/ ١٨، إرشاد الفحول ص ٢، التلويح ١/ ٢٢.
(٤) لاحظ أنواع العوارض عند المناطقة في بحثنا: أصول الفقه الحد والموضوع والغاية هامش ٤ ص ٨.
1 / 20
القطع، أو على أنواع أعراضه الذاتية كقولنا: العام الذي خُص منه البعض يفيد الظن (١).
ومن خلال هذا البيان لمعنى الموضوع، ومن التعريف السالف لهذا العلم، ندرك أن موضوعه هو نصوص الأئمة المجتهدين، وأفعالهم وتقريراتهم، من حيث دلالتها على المعاني الرابطة فيما بينها، وما يجمعها من علاقات، وعلى الأسباب الباعثة للأئمة على الأخذ بما اخذوا به من آراء.
مباحثه ومسائله (٢):
ومباحثه ومسائله هي معرفة الأحوال العارضة لموضوعه هذا، أي البحث في الأحوال العارضة لنصوص وأفعال الأئمة، لأن المباحث والمسائل ذات صلة وثيقة بموضوع العلم نفسه، على ما هو معلوم في مصطلحاتهم.
استمداده:
والمعين الذي يستمد منه هذا العلم مادته، هو نصوص وأفعال وتقريرات الأئمة، والدراية بعلوم العربية، وبالقرآن الكريم، والحديث الشريف.
وبعد نشأة أصول الفقه وتدوينه، أصبح علم الأصول من أفراد ما يستمد منه المخرج مادته أيضًا، بغية معرفة رأي الإمام في أمثال تلك القواعد التي لم يرد عنه نص بشأنها.
فائدته وغايته (٣):
ينظر كثير من الباحثين إلى المصالح المترتبة على الشيء باعتبارين:
_________
(١) التلويح ١/ ٢٢.
(٢) مسائل كل عام هي المطالب التي يبرهن عليها في العلم، ويكون الغرض من ذلك العلم معرفتها (التعريفات ص ٢٢٥)، كمسائل العبادات، والمعاملات ونحوها للفقه، ومسائل الأمر والنهي والعام والخاص والإجماع والقياس ونحوها لأصول الفقه (البحر المحيط ١/ ٧٣).
(٣) راجع: أصول الفقه الحد والموضوع والغاية. للمؤلف ص ١٢٥ - ١٢٨.
1 / 21
الاعتبار الأول: من حيث ابتداء التفكير في الشيء وهو المسمى عندهم بالعلة الغائية التي هي الباعث على الفعل وطلبه.
والاعتبار الثاني: من حيث النهاية، وهي آخر العمل، أو ثمرة الفعل ونتيجته، وهي المسماة عندهم بالفائدة (١).
وقد أخذ بهذا التفريق طائفة من العلماء، منهم صديق بن حسن القنوجي (ت ١٣٠٧هـ) (٢) في كتابه أبجد العلوم. إذ قال عن علم أصول الفقه أن (الغرض منه تحصيل ملكة استنباط الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها الأربعة، أعني الكتاب والسنة والإجماع والقياس. وفائدته استنباط تلك الأحكام على وجه الصحة) (٣)، فهو قد فرق بين الغرض أو الباعث على الشيء وبين الفائدة التي هي الثمرة المترتبة عليه.
وبناء على هذا التوضيح لمعنى الفائدة والغاية، فإن غاية هذا العلم الأساسية، هي الكشف عن قواعد وأصول الأئمة التي بنوا عليها أحكامهم.
وأما فائدته فإنه يلتقي مع أصول الفقه في بعض فوائده المترتبة عليه، كما تتحقق منه فوائد أخر.
_________
(١) البحر المحيط ١/ ٢٨. والغاية في اصطلاحهم ما لأجله وجود الشيء (التعريفات للجرجاني ص ١٦٦).
(٢) هو أبو الطيب محمد صديق بن حسن بن علي بن لطف الله الحسيني البخاري القنوجي. المعروف بصديق حسن خان بهادر القنوجي. نشأ بقنوج وأخذ العلم عن كبار العلماء في الهند، ثم ارتحل إلى دلهي وبهوبال ومنها إلى الحجاز. وحج وأخذ عن علماء اليمن، ثم عاد إلى بهوبال وتزوج بملكة إقليم الدكن، شاه جهان، فحسن حاله ماليًا، واستقر في بهوبال حتى توفي سنة ١٣٠٧هـ.
من مؤلفاته: البلغة في أصول الفقه. والإقليد لأدلة الاجتهاد والتقليد، وحصول المأمول من علم الأصول، والروضة الندية شرح الدرر البهية للشوكاني، وأبجد العلوم وهو من أوسع كتبه. راجع في ترجمته: الأعلام ٦/ ١٦٧، الفتح المبين ٣/ ١٦٠ن مقدمة أبجد العلوم لعبد الجبار زكار، معجم المطبوعات العربية ٢/ ١٢٠٢.
(٣) أبجد العلوم ٢/ ٧٠ و٧١.
1 / 22
ومن الممكن أن نلحظ بعض هذه الفوائد فيما يأتي:
١ - إن كشف هذا العلم عن قواعد الأئمة يمكن العالم من ترجيح الأقوال واختيار أقواها، عن طريق قوة القاعدة ومتانتها.
٢ - إن هذا العلم يساعد على معرفة العلاقات القائمة بين الفروع الفقهية، مما يمكن الباحث في ذلك من التعليل والفهم السليم، وضبط الفروع المروية عن الأئمة بأصولها.
٣ - تمكن نتيجته العالم من تخريج المسائل والفروع غير المنصوص عليها، وفق تلك القواعد المخرجة أو أن يجد لها وجهًا أولى.
٤ - كما تمكن نتيجته من معرفة أسباب اختلاف الفقهاء. وقد يقال: إن هذا العلم لم تعد له فائدة بعد أن استقر علم أصول الفقه، ودونت قواعده، وعرفت آراء العلماء واختلافاتهم بشأنها. وهو قول لا يخلو من وجاهة، ولكنه لا يمثل الحقيقة كلها، وإنما يمثل جانبًا منها.
إنما الأمر الذي نفتقده في كتب الأصول، هو نسبة الآراء إلى أصحابها؛ لأن غالب ما يذكر في هذه الكتب هو نسب الآراء إلى المذاهب، دون أن يعين صاحب الرأي بعينه، وهذه الآراء خليط من آراء الإمام نفسه، ومن آراء تلاميذه، ومن آراء المخرجين الذين جاؤوا فيما بعد.
كما نفتقد في هذه الكتب السند الذي بنيت عليه القواعد التي لم يرد تصريح من الإمام بشأنها، الأمر الذي لا يساعد على تصحيح نسبة هذه القواعد إلى الإمام، وقد يكشف البحث المستفيض والاستقراء الجيد عن رأي يخالف ما نسب إليه.
وفي العلم الذي نحن بصدده إثراء لعلم الأصول بالأمثلة الجزئية وتعزيز له بالجوانب التطبيقية العملية.
1 / 23
المبحث الأول
نشأته وتطوره
يبدو أن التخريج بالمعنى السابق ظهر حين نشأة المذاهب، وبروز ظاهرة الاتباع ثم التقليد، فمنذ ظهرت رسالة الإمام الشافعي ﵀ (ت: ٢٠٤هـ) (١) أصبح البحث عن الأدلة والقواعد الأصولية يؤرق تلاميذ المذاهب الأخرى، سعيًا على الكشف عما عند أئمتهم من قواعد في استنباطاتهم الفقهية، وإلى إبراز المبررات التي دعتهم إلى مخالفة غيرهم في أحكامهم وتدوين ذلك في رسائل أو كتب، كانت نواة التأليف الأصولي في المذاهب المختلفة.
على أننا ننبه إلى أن تخريج أصول وقواعد المذاهب لم يتزامن مع أصول وقواعد الأئمة المجتهدين نفسها، لأن القواعد المذكورة لابد أن
_________
(١) هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع القرشي المطلبي، أحد أئمة المذاهب الإسلامية السنية الأربعة، ولد بغزة في فلسطين، على ما هو الصحيح والمشهور من الآراء، سنة ١٥٠هـ وحمل إلى مكة وعمره سنتان. فنشأ فيها وحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، وموطأ مالك وهو ابن عشر، وتفقه على مسلم بن خالد الزنجي فقيه مكة. لازم الإمام مالكًا، ثم قدم بغداد مرتين، وحدث بها، واجتمع إليه علماؤها وأخذوا عنه، ثم خرج إلى مصر، وأقام فيها حتى اختاره الله إلى جواره سنة ٢٠٤هـ، ودفن في مقابرها.
من آثاره: الرسالة في الأصول، واختلاف الحديث، والمبسوط في الفقه برواية الربيع بن سليمان والزعفراني، وأحكام القرآن، والأم.
راجع في ترجمته: وفيات العيان ٣/ ٣٠٥، معجم الأدباء ١٧/ ٢٨١، طبقات الشافعية للأسنوي ١/ ١١، شذرات الذهب ٢/ ٩ - ١٠، الفتح المبين ١/ ١٢٧ وما بعدها، معجم المؤلفين ٩/ ٣٢ وسائر الكتب الخاصة المؤلفة في ترجمته.
1 / 24
تكون أقدم من الفروع الفقهية؛ إذ من المستبعد أن نتصور أن الأئمة قد اجتهدوا دون أن تكون معالم طريقهم واضحة لهمن وعرفوا ما يستدل وما لا يستدل به، وما هي المناهج الاستنباطية المعتد بها.
غير أنه لما لم يرد عن أغلبهم التصريح بأصولهم التي اعتدوا بها عند الاجتهاد- كما هو الشأن في رسالة الإمام الشافعي – قام التلاميذ والأتباع باستنباط تلك الأصول من الفروع. وقد كانت تلك الأصول في البداية متناثرة، ولم يقم بها شخص واحد، بل كانت جهود علماء كثيرين.
وبعد ذلك انتظمت في كتب أصولية مذهبية، متدرجة في التنظيم والتنسيق والترتيب بحسب التدرج الزمني.
إن هذا المنهج الاستقرائي هو الظاهرة الطبيعية في نشأة كثير من العلوم، سواء كانت في اللغة أو غيرها، وهو الطريق السليم إلى اكتشاف الروابط والأسس بين قضايا العلوم المتناثرة والجزئية.
ويرى كثير من الباحثين أن أصول الفقه الحنفي قامت على هذا الأساس (١).
بل إن طائفة من أصول بعض الأئمة كانت كذلك (٢). قال الدهلوي (٣):
(واعلم أني وجدت أكثرهم يزعمون أن بناء الخلاف بين أبي
_________
(١) تاريخ التشريع الإسلامي للخضري ص ٣٣٠. الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن الحجوي ١/ ٣٥٤، مقدمة ابن خلدون ص ٨١٦.
(٢) الفكر الاسمي ١/ ٣٥٥.
(٣) هو: أحمد بن عبد الرحيم الفاروقي الدهلوي من مدينة دلهي الهندية الملقب شاء ولي الله. من علماء الهند البارزين خلال القرن الثاني عشر الهجري. كان حنفي المذهب، مطلعًا مساهمًا في كثير من العلوم، توفي سنة ١١٧٦هـ.
من مؤلفاته: حجة الله البالغة، والإنصاف في أسباب الخلاف، وعقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد، وتأويل الأحاديث، وإزالة الخفاء عن خلافة الخلفاء.
راجع في ترجمته: أبجد العلوم ٣/ ٢٤١ن والأعلام للزركلي ١/ ١٤٩ن وكتاب آراء الإمام ولي الله الدهلوي في تاريخ التشريع الإسلامي لسلمان الندوي.
1 / 25
حنيفة (١) والشافعي- رحمهما الله- على هذه الأصول المذكورة في كتاب اليزدوي (٢)، ونحوه، وغنما الحق أن أكثرها مخرجة على قولهم.
وعندي أن المسالة القائلة بأن الخاص مبين ولا يلحقه البيان، وأن الزيادة نسخ وأن العام قطعي كالخاص، وأن لا ترجيح بكثرة الرواة، وأنه لا يجب العمل بحديث غير الفقيه، إذا انسد باب الرأي، وأن لا عبرة، بمفهوم الشرط أو الوصف أصلًا، وأن موجب الأمر هو الوجوب ألبتة، وأمثال ذلك أصول مخرجة على كلام الأئمة، وأنه لا تصح رواية عن أبي حنيفة وصاحبيه) (٣).
وفي أصول السرخسي (٤) ما يشهد لذلك، فقد ذكر عن محمد – رحمه
_________
(١) أبو حنيفة: هو النعمان بن ثابت الكوفي التيمي بالولاء، أحد أئمة المذاهب الفقهية السنية الأربعة. ولد في الكوفة سنة ٨٠هـ، ونشأ فيها وتلقى علمه على حمد بن أبي سليمان. أراده عمر بن هبيرة على القضاء في الكوفة فامتنع وأراده المنصور العباسين بعد ذلك على القضاء ببغداد فلم يوافق، فحبس وكانت وفاته ببغداد سنة ١٥٠هـ.
من آثاره: الفقه الأكبر في الكلام، والمسند في الحديث، والرد على القدرية والمخارج في الفقه.
راجع في ترجمته: طبقات الفقهاء للشيرازي ص ٨٦، الفهرست ص ٢٨٤، أخبار أبي حنيفة وأصحابه للصيمري ص١ - ١٤١، شذرات الذهب ١/ ٢٧٧، الفتح المبين ١/ ١٠١، وما بعدها معجم المؤلفين ١٣/ ١٠٤، وغير ذلك ومنها الكتب الخاصة للترجمة لأبي حنيفة.
(٢) هو: أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم بن الحسين البزدوي المعروف بفخر الإسلام، من كبار فقهاء الحنفية وأصولييهم ومحدثيهم ومفسريهم بما وراء النهر. سكن سمرقند وفيها توفي سنة (٤٨٢هـ). والبزدوي نسبة إلى بزدة وهي قلعة قريبة من نسف.
من مؤلفاته: المبسوط وشرح الجامع الكبير في فروع الفقه الحنفي، وشرح الجامع الصحيح، وكنز الوصول إلى معرفة الأصول في أصول الفقه.
راجع ترجمته في: الجواهر المضيئة ٢/ ٥٩٤، مفتاح السادة ٢/ ٥٣، هدية العارفين ١/ ٦٩٣، الأعلام ٤/ ٣٢٨ ومعجم المؤلفين ٧/ ١٩٢.
(٣) الإنصاف في بيان أسباب الخلاف ص ٨٨ و٨٩، والحجة البالغة ١/ ١٦٠ لولي الله الدهلوي نفسه.
(٤) هو: أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي الملقب بشمس الأئمة، متكلم ... =
1 / 26