34

التحرير في شرح مسلم

Enquêteur

إبراهيم أيت باخة

Maison d'édition

دار أسفار

Édition

الأولى

Année de publication

1442 AH

Lieu d'édition

الكويت

إِذْ لَيْسَ فِي كَلَامِ العَرَبِ فَاعِيلَ، فَأَمَّا آرَى فَلَيْسَ بِفَاعِيلِ، بَل هُوَ عِندَ جَمَاعَةٍ: فَاعُول، وَعِندَ بَعضِهِم: فَاعَلَى، وَعِندَ بَعضِهِمِ: فَاعَى بِالنُّقْصَانِ، وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ إِنَّ آمِينَ - يَعْنِي المَقصُورَة - لَمْ يَجِئْ عَنِ العَرَب، وَالبَيتُ الَّذِي يُنشَدُ: آمِينَ فَزَادَ اللهُ مَا بَينَنَا بُعداً؛ لَا يَصِحُّ عَلَى هَذَا الوَجْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ: فَآمِينَ زَادَ اللهُ مَا بَينَنَا بُعداً، قال: وَكَثِيرٌ مِنَ العَامَّةِ يُشَدِّدُونَ المِيمَ مِنْهَا، وَهُوَ خَطَأٌ لَا وَجْهَ لَهُ، هَذَا آخِرُ كَلَام صَاحِبِ التَّحرِيرِ)(١).

والتنبيه على أخطاء العامة من أسلوب الابن، فثبت بهذا؛ أن الإمام أبا عبد الله قد بلغ من شرح مسلم كتاب الصلاة، وربما أبعد منه، وهذا ملمح في غاية الأهمية، فإن فيه إشارة إلى تقديم مسلم على البخاري في الشرح والإملاء والحفاوة أيضا، وهو ما سار عليه أبوه بعدُ من التعظيم، فكان يُملي شرح مسلمٍ عند قبر ولده(٢)، لما علم من مكانته عنده واحتفائه به، ولما فرغ منه أظهر الفرح بذلك، ودعا الناس كما أشرنا إليه قبل.

ولعل الباعث على إيثاره شرح مسلم، هو حاجة الناس إليه، فإنه لم يكن محلَّ عناية الشُّرَّاح من قبل، بخلاف صحيح البخاري؛ فقد سبق إليه الإمام الخطابي (٣٨٨ هـ)، في أعلام الحديث، ولم يكن من جاء بعده بأقدر على معارضته، وهو سبب كافٍ لفتور العزائم عن مثله.

لذلك قال عبد الغافر الفارسي؛ مبينا قيمة شرح الإمام الخطابي، وكفايته عن غيره: (قَد سَبَقَ غَيْرَهُ فِي تَصَانِيفِهِ فِي عُلُومِ الحَدِيثِ، وَزَادَ عَلَى المُتَقَدِّمِينَ، وَأَتْعَبَ مَن بَعدَهُ مِنَ اللَّاحِقِينَ، لِمُفُورِ مَعرِفَتِهِ بِما يَتَعَلَّقُ بِهَا إِسْنَاداً وَمَتْناً، وَتَمَام

(١) تهذيب الأسماء واللغات: ٣/١٣.

(٢) تذكرة الحفاظ: ٤/٥١.

34