390

La Clairvoyance dans les Principes de la Jurisprudence

التبصرة في أصول الفقه

Enquêteur

محمد حسن هيتو

Maison d'édition

دار الفكر

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1403 AH

Lieu d'édition

دمشق

من هُوَ أعلم مِنْهُ يَقْتَضِي أَن يكون هُوَ عَالما وَهَذَا لَا يُوجد فِي حق الْعَاميّ
فَإِن قيل لَو كَانَ هَذَا كالعقليات لما جَازَ تَقْلِيد الْعَاميّ فِيهَا كَمَا لَا يجوز فِي العقليات
قُلْنَا إِنَّمَا اسْتَوَى الْعَاميّ والعالم فِي العقليات لِأَنَّهُمَا متساويان فِي آلَة الِاجْتِهَاد فِيهَا وَطلب الدَّلِيل عَلَيْهَا وَفِي الشرعيات الْعَالم مَعَه آلَة الِاجْتِهَاد والعامي لَيْسَ مَعَه ذَلِك فَافْتَرقَا
فَإِن قيل طَرِيق العقليات الْقطع وَالْيَقِين فَلَا يجوز الرُّجُوع فِيهَا إِلَى اجْتِهَاد الْغَيْر وَلَيْسَ كَذَلِك هَاهُنَا فَإِن الشرعيات طريقها الظَّن وَظن الأعلم أقوى فَجَاز الرُّجُوع إِلَيْهِ يدلك عَلَيْهِ أَنه يجوز أَن يُقَلّد فِي الشرعيات مَا يَقْتَضِي الظَّن من خبر الْوَاحِد وَالْقِيَاس وَلَا يجوز مثل ذَلِك فِي العقليات
قُلْنَا لَا نسلم أَن ظن الأعلم أقوى بل ظن نَفسه أقوى لِأَنَّهُ على علم وإحاطة من ظَنّه وَلَيْسَ على إحاطة من ظن الأعلم فَلَا يجوز أَن يكون مَا لم يحط بِهِ علمه أقوى مِمَّا أحَاط بِهِ علمه ووقف عَلَيْهِ
وَلِأَنَّهُ لَا خلاف أَنه يجوز لَهُ ترك قَول الأعلم بِاجْتِهَادِهِ وَمن جَازَ لَهُ ترك قَوْله بِاجْتِهَادِهِ لم يجز لَهُ ترك اجْتِهَاده لقَوْله كالمجتهد فِي الْقبْلَة وَعَكسه قَول الله تَعَالَى وَقَول الرَّسُول
وَاحْتَجُّوا بقوله تَعَالَى ﴿فاسألوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ﴾ وَهَذَا قبل أَن يجْتَهد لَا يعلم حكم الْحَادِثَة فَجَاز لَهُ أَن يسْأَل
قُلْنَا المُرَاد بِالْآيَةِ الْعَامَّة يدل عَلَيْهِ أَنه أوجب السُّؤَال وَالَّذِي يجب عَلَيْهِ السُّؤَال هُوَ الْعَاميّ وَأما الْعَالم فَلَا يجب عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاع أَن يسْأَل لِأَن لَهُ أَن يجْتَهد لنَفسِهِ فَيعْمل بِاجْتِهَادِهِ وَلَا يسْأَل أهل الذّكر
وَلِأَنَّهُ أَمر بسؤال أهل الذّكر وَهَذَا يَقْتَضِي أَن يكون الْمُخَاطب بالسؤال غير أهل الذّكر فَيجب أَن تكون الْآيَة خَاصَّة فِي الْعَامَّة فَلم يكن فِيهَا حجَّة

1 / 406