370

La Clairvoyance dans les Principes de la Jurisprudence

التبصرة في أصول الفقه

Enquêteur

محمد حسن هيتو

Maison d'édition

دار الفكر

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1403 AH

Lieu d'édition

دمشق

وَأما عَائِشَة فقد خالفها أَبُو هُرَيْرَة فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنه قَالَ فِي هَذِه الْقَضِيَّة قولي فِيهَا مثل قَول ابْن أخي ابي سَلمَة فأقره على الْخلاف
وعَلى أَنه لَيْسَ فِي قَوْلهَا مَا يدل على أَنه لَا يعْتد بِخِلَافِهِ وَيجوز أَن يكون قد رفع صَوته على ابْن عَبَّاس وَادّعى مَنْزِلَته وَطلب مساواته فأنكرت عَائِشَة عَلَيْهِ ذَلِك
وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِأَن الصَّحَابَة أعلم بِالْأَحْكَامِ من التَّابِعين فَإِنَّهُم شاهدوا الْوَحْي والتنزيل وَعرفُوا الْمَقَاصِد والأغراض فَكَانُوا مَعَ التَّابِعين بِمَنْزِلَة الْعلمَاء مَعَ الْعَامَّة
وَالْجَوَاب هُوَ أَنا لَا نسلم أَنهم أعلم بِالْأَحْكَامِ وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن أنسا كَانَ يحِيل بالمسائل على الْحسن الْبَصْرِيّ
وَابْن عمر كَانَ يحِيل بالمسائل على ابْن الْمسيب
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه قَالَ فِي سعيد هُوَ وَالله أحد الْمُفْتِينَ
وَلِهَذَا قَالَ النَّبِي ﵇ رحم الله امْرأ سمع مَقَالَتي فوعاها ثمَّ أَدَّاهَا كَمَا سمع فَرب حَامِل فقه غير فَقِيه الْخَبَر
وَمَا ذَكرُوهُ من التَّرْجِيح لَا يمْنَع من مُسَاوَاة التَّابِعين لَهُم فِي الِاجْتِهَاد
أَلا ترى أَن من طَالَتْ صحبته من أكَابِر الصَّحَابَة وعلمائها لَهُم من المزية بطول الصُّحْبَة وَقُوَّة الآنسة بكرم النَّبِي ﵇ مَا لَيْسَ لصغارها ومتأخريها ثمَّ الْجَمِيع فِي الِاجْتِهَاد وَاحِد فَبَطل مَا قَالُوهُ
وَلِأَن هَذَا التَّرْجِيح إِنَّمَا كَانَ يَصح أَن لَو كَانَت الْأَحْكَام كلهَا مَأْخُوذَة من المسموع من رَسُول الله ﵇ فَأَما إِذا كَانَ فِيهَا مَا يُؤْخَذ من الْكتاب وَمَا يُؤْخَذ من الْأُصُول وَمَا يُؤْخَذ من رَسُول الله ﷺ لم يكن لمن شهد النَّبِي ﷺ مزية على غَيره

1 / 386