364

La Clairvoyance dans les Principes de la Jurisprudence

التبصرة في أصول الفقه

Enquêteur

محمد حسن هيتو

Maison d'édition

دار الفكر

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1403 AH

Lieu d'édition

دمشق

قُلْنَا وَفِي مَسْأَلَتنَا مَتى جَوَّزنَا أَن يتَغَيَّر مَا اخْتلفُوا فِيهِ بِالْإِجْمَاع أدّى إِلَى إبِْطَال الْإِجْمَاع فَإِنَّهُم أَجمعُوا على تسويغ الِاجْتِهَاد وَجَوَاز تَقْلِيد الْفَرِيقَيْنِ وَهَذَا الْإِجْمَاع يبطل مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يجوز
وَلِأَن كل وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ كالأحياء البَاقِينَ فِي كل عصر وَلِهَذَا تحفظ أَقْوَالهم وتنقل ويحتج لَهُم وَعَلَيْهِم فَإِذا كَانُوا بِمَنْزِلَة الْأَحْيَاء وَجب أَن لَا ينْعَقد الْإِجْمَاع مَعَ اخْتلَافهمْ
فَإِن قيل لَو كَانُوا كالأحياء لوَجَبَ أَن لَا ينْعَقد الْإِجْمَاع بعد مَوْتهمْ فِي شَيْء من الْحَوَادِث لِأَنَّهُ لَا تعرف فِيهِ أَقْوَالهم ولوجب أَن يجوز تقليدهم كَمَا يجوز تَقْلِيد الْأَحْيَاء
قيل هم كالأحياء فِيمَا أفتوا بِهِ فَأَما فِيمَا لم يفتوا بِهِ وَحدث بعدهمْ فَلَا وَهَذَا كَمَا نقُول أَنهم أَجمعُوا على قَول وَاحِد ثمَّ مَاتُوا عمل بأقوالهم بعد الْمَوْت وَوَجَب الْمصير إِلَيْهِ كَمَا لَو كَانُوا أَحيَاء فأفتوا بذلك لم يجْعَلُوا كالأحياء فِيمَا يحدث بعدهمْ من الْحَوَادِث فَكَذَلِك فِيمَا اخْتلفُوا فِيهِ مثله
وَلِأَن هَذَا الحكم كَانَ يسوغ فِيهِ الِاجْتِهَاد وَلَا يجوز نقض الحكم على من حكم بِهِ من الْعَصْر الأول فَإِذا صَحَّ الْإِجْمَاع بعد ذَلِك صَار مِمَّا لَا يسوغ فِيهِ الِاجْتِهَاد وَوَجَب نقض الحكم على من حكم بِهِ بِخِلَاف الْإِجْمَاع وَهَذَا نقض بعد انْقِطَاع الْوَحْي فَذَلِك لَا يجوز
وَلِأَنَّهُ اخْتِلَاف حصل من الصَّحَابَة ﵃ فَلَا يَزُول ذَلِك بِإِجْمَاع التَّابِعين كَمَا لَو اخْتلفت الصَّحَابَة على قَوْلَيْنِ وَأجْمع التابعون على قَول ثَالِث
وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ إِجْمَاع التَّابِعين على أحد الْقَوْلَيْنِ يسْقط مَا تقدم من الْخلاف

1 / 380