Al-Sunnah and Its Importance by Al-Siba’i, Islamic Office Edition
السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي
Maison d'édition
المكتب الإسلامي
Numéro d'édition
الثالثة
Année de publication
١٤٠٢ هـ - ١٩٨٢ م (بيروت)
Genres
النصين ذكر الخوارج بحال. على أنه سيأتي معك أن بعضهم حكم على هذا الحديث بالضعف فقط. وسنرى هناك تمام البحث فيه.
لقد حاولت أن أعثر على دليل علمي يؤيد نسبة الوضع إلى الخوارج، ولكني رأيت الأدلة العلمية على العكس، تنفي عنهم هذه التهمة، فقد كان الخوارج كما ذكرنا يُكَفِّرُونَ مرتكب الكبيرة أو مرتكب الذنوب مطلقًا، والكذب كبيرة فكيف إذا كان على رسول الله ﷺ؟ يقول المبرد: (١) «وَالخَوَارِجُ فِي جَمِيعِ أَصْنَافِهَا تَبَرَّأُ مِنَ الكَاذِبِ وَمِنْ ذَوِي المَعْصِيَةِ الظَّاهِرَةِ» وكانوا في جمهرتهم عُرَبًا أَقْحَاحًا فلم يكن وسطهم بالوسط الذي يقبل الدسائس من الزنادقة وَالشُعُوبِيِّينَ كما وقع ذلك للرافضة، وكانوا في العبادة على حظ عظيم شجعانًا صرحاءَ لا يجاملون ولا يلجؤون إلى التقية كما يفعل الشِّيعَةُ. وقوم هذه صفاتهم يبعد جِدًّا أن يقع منهم الكذب، ولو كانوا يَسْتَحِلَُونَ الكذب على رسول الله ﷺ لاستحلوا الكذب على من دونه من الخلفاء والأمراء والطغاة كَزِيَادٍ وَالحَجَّاجَ، وكل ما بين أيدينا من النصوص التاريخية يدل دلالة قاطعة على أنهم واجهوا الحكام والخلفاء والأمراء بمنتهى الصراحة والصدق فلماذا يكذبون بعد ذلك؟
على أني أعود فأقول: إن المهم عندنا أن نلمس دليلًا محسوسًا يدل على أنهم مِمَّنْ وضعوا الحديث، وهذا ما لم أعثر عليه حتى الآن، كيف وقد قال أبو داود: «لَيْسَ فِي أَهْلِ الأَهْوَاءِ أَصَحَّ حَدِيثًا مِنَ الخَوَارِجِ» ويقول ابن تيمية: «لَيْسَ فِي أَهْلِ الأَهْوَاءِ أَصْدَقَ وَلاَ أَعْدَلَ مِنَ الخَوَارِجِ» ويقول عنهم أيضًا: «لَيْسُوا مِمَّنْ يَتَعَمَّدُونَ الكَذِبَ بَلْ هُمْ مَعْرُوفُونَ بِالصِّدْقِ حَتَّىَ يُقَالَ: إِنَّ حَدِيثَهُمْ مِنْ أَصَحِّ الحَدِيثِ» (٢).
ثَانِيًا - الزَّنْدَقَةُ:
ونعني بها هنا كراهية الإسلام دينًا ودولة، فقد اكتسحت دولة الإسلام
(١) " الكامل في الأدب ": ٢/ ١٠٦. (٢) " منهاج السُنَّةِ ": ٣/ ٣١.
1 / 83