Al-Sunnah and Its Importance by Al-Siba’i, Islamic Office Edition
السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي
Maison d'édition
المكتب الإسلامي
Numéro d'édition
الثالثة
Année de publication
١٤٠٢ هـ - ١٩٨٢ م (بيروت)
Genres
يَذْهَبُوا إلَى قَوْلٍ وَلاَ مَذْهَبٍ عِلْمِيٍّ إلاَّ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهِ، وَإِذْنُهُ يُعْرَفُ بِدَلاَلَةِ مَا جَاءَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ أُذِنَ فِيهِ» (١).
من هذا كله كان لاَ بُدَّ للصحابة من الرجوع إلى الرسول ﷺ، يُفَسِّرُ لهم أحكام القرآن وَيُبَيِّنُ لهم مشكلاته، ويحكم بينهم في المنازعات ويحل بينهم الخصومات، وكان الصحابة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ - يلتزمون حدود أمره ونهيه، وَيَتَّبِعُونَهُ في أعماله وعباداته ومعاملاته - إلا ما علموا منه أنه خاص به - فكانوا يأخذون منه أحكام الصلاة وأركانها وهيئاتها نزولًا عند أمره ﷺ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (٢) ويأخذون عنه مناسك الحج وشعائره امتثالًا لأمره أيضًا «خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ» (٣) وقد يغضب إذا علم أن بعض صحابته لَمْ يَتَأَسَّ به فيما يفعله، كما روى مالك في " الموطأ " عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنِ رَجُلا مِنَ الصَّحَابَةِ أَرْسَلَ امْرَأَتَهُ تَسْأَلُ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَنْ حُكْمِ تَقْبِيْلِ الصَّائِمِ لِزَوْجَتِهِ، فَأَخْبَرَتْهَا أُمُّ سَلَمَةَ ﵂ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ»، فَرَجَعَتْ إِلَىَ زَوْجِهَا فَأَخْبَرَتْهُ، فَقَالَ: " لَسْتُ مِثْلَ رَسُولِ اللهِ، يُحِلُّ اللهُ لِرَسُولِهِ مَا يَشَاءُ "، فَبَلَغَ قَولُهُ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَغَضِبَ وَقَالَ: «إِنِّي أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِهِ» (٤) وكما غضب حين أمر الصحابة بالحلق والإحلال من الإحرام في صلح الحديبية فلم يفعلوا، إذ شق ذلك عليهم حتى بادر بنفسه فتحلل فابتدروا يقتدون به.
وقد بلغ من اقتدائهم به أَنْ كانوا يفعلون ما يفعل ويتركون ما يترك، دُونَ أن يعلموا لذلك سببًا أو يسألوه عن عِلَّتِهِ وَحِكْمَتِهِ، فقد أخرج " البخاري " عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄، قال: اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ،
_________
(١) " إعلام الموقعين ": ١/ ٥٨
(٢) أخرجه " البخاري " عن مالك بن الحويرث.
(٣) أخرجه " مسلم " عن جابر.
(٤) أخرجه " مسلم " عن عمر بن أبي سلمة وأخرجه الشافعي أيضًا في " الرسالة ": ص ٤٠٤ مرسلا عن عطاء.
1 / 53