Le Siraj Munir
السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير
Maison d'édition
مطبعة بولاق (الأميرية)
Numéro d'édition
الأولى
Lieu d'édition
القاهرة
Genres
ويحافظون عليها في مواقيتها بحدودها وأركانها وهاتها يقال: قام بالأمر وأقامه إذا أتى به يعطي حقوقه لأنّ الحقيق بالمدح من راعى حدودها الظاهرة من الفرائض والسنن وحقوقها الباطنة كالخشوع والإقبال على الله تعالى لا المصلون الذين هم عن صلاتهم ساهون، ولذلك ذكر في سياق المدح ﴿والمقيمين الصلاة﴾ (النساء، ١٦٢) وفي معرض الذمّ ﴿فويل للمصلين﴾ (الماعون، ٤) والمراد بها الصلوات الخمس ذكر بلفظ الوحدان كقوله تعالى: ﴿فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق﴾ (البقرة، ٢١٣) يعني: الكتب، والصلاة في اللغة: الدعاء، قال الله تعالى: ﴿وصل عليهم﴾ (التوبة، ١٠٣) أي: ادع لهم، وفي الشرع إسم لأفعال وأقوال مخصوصة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم. وقرأ ورش بتغليظ اللام في الصلاة حيث جاء ﴿ومما رزقناهم﴾ أي: أعطيناهم ﴿ينفقون﴾ يخرجون المال في طاعة الله فرضًا كان أو نفلًا، ومن فسره بالزكاة ذكر أفضل أنواعه والأصل فيه أو خصصه بها لاقترانها بالصلاة لأنهما يذكران معًا في القرآن ويحتمل أن يراد به الانفاق مما منحهم الله من النعم الظاهرة والباطنة، ويؤيده ما رواه الطبرانيّ في «الأوسط» مرفوعًا: «مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به كمثل الذي يكنز الكنز فلا ينفق منه» وإلى هذا ذهب من قال: ومما خصصناهم به من أنوار المعرفة يفيضون. والرزق بالكسر في اللغة: الحظ، قال الله تعالى: ﴿وتجعلون رزقكم﴾ - أي: حظكم ونصيبكم - من القرآن أنكم تكذبون (النحل، ٧٥) وأمّا بالفتح فهو مصدر بمعنى إعطاء الحظ كما أنه بالكسر يكون مصدرًا أيضًا كما قيل به في قوله تعالى: ﴿ومن رزقناه منا رزقًا حسنًا﴾ () وفي
العرف اسم لكل ما ينتفع به حتى الولد والرقيق، والمعتزلة لما استحالوا من الله أن يمكن من الحرام لأنه تعالى منع من الانتفاع به وأمر بالزجر عنه، قالوا: الرزق لا يتناول الحرام ألا ترى أنه تعالى أسند الرزق ههنا إلى نفسه إيذانًا بأنهم ينفقون الحلال الصرف الطيب وأن إنفاق الحرام لا يوجب المدح وذم المشركين على تحريم بعض ما رزقهم الله تعالى بقوله تعالى: ﴿قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالًا﴾ (يونس، ٥٩) وأجاب أهل السنة عما ذكر بأن الإسناد التعظيم والتحريض على الإنفاق والذم بتحريم ما لم يحرم واختصاص ما رزقهم بالحلال للقرينة وتمسكوا لشمول الرزق له بما رواه ابن ماجة وغيره من حديث صفوان بن أمية قال: كنا عند رسول الله ﷺ فجاءه عمرو بن قرّة فقال: يا رسول الله إن الله قد كتب عليّ الشقوة فلا أراني أرزق إلا من دفّي بكفي فأذن لي في الغناء من غير فاحشة فقال: لا آذن لك ولا كرامة، كذبت أي عدوّ الله لقد رزقك الله حلالًا طيبًا فاخترت ما حرّم الله عليك من رزقه مكان ما أحلّ الله لك من حلاله» وبأنه لو لم يكن رزقًا لم يكن المتغذي به طول عمره مرزوقًا وليس كذلك لقوله تعالى: ﴿وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها﴾ (هود، ٦) .
تنبيه: تقديم رزقناهم على ينفقون للاهتمام به وللمحافظة على رؤوس الآي وإدخال من التبعيضية عليه للكف عن الإسراف المنهي عنه في حق من لم يصبر على الإضاقة وإلا فليس بإسراف فقد تصدّق أبو بكر ﵁ بجميع ماله ولم ينكر عليه النبيّ ﷺ
وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أولئك عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وأولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ]
﴿والذين يؤمنون بما أنزل إليك﴾ أي القرآن بأسره والشريعة عن آخرها، وإنما عبر عنه بلفظ المضيّ وإن كان بعضه مترقبًا تغليبًا للموجود على ما لم يوجد فيكون
1 / 18