La Biographie du Prophète par Ibn Hicham
السيرة النبوية لابن هشام
Enquêteur
طه عبد الرؤوف سعد
Maison d'édition
شركة الطباعة الفنية المتحدة
Genres
Biographie du Prophète
الْجِبَالِ، وَقَدْ أَصَابَ لَهُ الْمَلِكُ مِائَتَيْ بَعِيرٍ، فاستأذن عَلَيْهِ، وَانْفَعْهُ عِنْدَهُ بِمَا اسْتَطَعْتَ، فَقَالَ: أَفْعَلُ.
فَكَلَّمَ أنَيْس أبرهةَ، فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ: هَذَا سَيِّدُ قُرَيْشٍ بِبَابِكَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ، وَهُوَ صَاحِبُ عِيرِ مَكَّةَ، وَهُوَ يُطعم النَّاسَ فِي السَّهْلِ، وَالْوُحُوشَ فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ، فأذنْ لَهُ عليك فيكلمْك في حاجته، قال: فأذن له أبرهة.
الِإبل لي والبيت له رب يحميه: قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أوسمَ الناسِ وَأَجْمَلَهُمْ وَأَعْظَمَهُمْ فَلَمَّا رَآهُ أَبْرَهَةُ أجلَّه وَأَعْظَمَهُ وَأَكْرَمَهُ عَنْ أَنْ يُجْلِسَهُ تحتَه، وَكَرِهَ أَنْ تَرَاهُ الحبشةُ يَجْلِسُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِ مُلْكِهِ، فَنَزَلَ أبرهةُ عَنْ سَرِيرِهِ، فَجَلَسَ عَلَى بِسَاطِهِ، وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَيْهِ إلَى جَنْبِهِ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ: حَاجَتُكَ؟ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ التُّرْجُمَانُ. فَقَالَ: حَاجَتِي أَنْ يَرُدَّ عليَّ الْمَلِكُ مِائَتَيْ بعير أصابها لي، فلما قال به ذَلِكَ، قَالَ أبرهةُ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ: قَدْ كنت أعجبتني حين رأيتُك، ثم زهدتُ فِيكَ حِينَ كَلَّمْتنِي، أَتُكَلِّمُنِي فِي مِائَتَيْ بَعِيرٍ أصبتُها لَكَ، وَتَتْرُكُ بَيْتًا هُوَ دينُك ودينُ آبائك قد جئتُ لهدمه، لَا تُكَلِّمْنِي فِيهِ؟! قَالَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: إنِّي أَنَا رَبُّ الْإِبِلِ وَإِنَّ لِلْبَيْتِ رَبًّا سَيَمْنَعُهُ، قَالَ: مَا كَانَ لِيَمْتَنِعَ مِنِّي، قَالَ: أنت وذاك.
الوفد المرافق لعبد المطلب: وَكَانَ -فِيمَا يزعمُ بعضُ أَهْلِ الْعِلْمِ- قَدْ ذَهَبَ مَعَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إلَى أَبْرَهَةَ، حِينَ بعث إليه حباطة، يَعْمَر بنُ نُفاثة بْنِ عَدِيِّ بْنِ الدُّئل بْنِ بَكْرِ بْنِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ -وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ بَنِي بَكْرٍ- وخُوَيلد بْنُ وَاثِلَةَ الْهُذَلِيُّ -وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ هُذَيْلٍ- فَعَرَضُوا عَلَى أَبْرَهَةَ ثلثَ أموالِ تِهَامَةَ، عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُمْ، وَلَا يَهْدِمَ الْبَيْتَ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَكَانَ ذَلِكَ، أَمْ لَا. فردَّ أبرهةُ عَلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الِإبلَ الَّتِي أَصَابَ لَهُ.
قريش تستنصر الله على أَبْرَهَةَ: فَلَمَّا انْصَرَفُوا عَنْهُ، انْصَرَفَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إلَى قُرَيْشٍ، فَأَخْبَرَهُمْ الْخَبَرَ، وَأَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مكة، والتحرُّز١ في شَعَفِ الجبال٢ والشِّعاب٣
١ التحرر: التمنع.
٢ شعف الجبال: رءوسها.
٣ الشعاب: المواضع الخفية بين الجبال.
1 / 44