70

Al-Chafii: Sa vie et son époque – Ses opinions et sa jurisprudence

الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه

Maison d'édition

دار الفكر العربي

Édition

الثانية

Année de publication

1398 AH

أخرى، والشيعة كانوا فرقاً متباينة، ومنهم من شد في آرائه حتى خرج بها عن الإسلام، إن كان قد دخل فيه. إذ منهم من كانوا دخلاء في الإسلام أظهروا الدخول فيه، لإفساده على أهله، فلا يهمهم أن يقوم عمود هذا الدين، إنما مهمتهم أن ينقضوا أساسه، لتستعيد ملتهم القديمة قوتها وسلطانها أو على الأقل ليثأروا لها ممن أزالوا شوكتها، أو يعيش المسلمون في ظلام الفتن الطخياء، فيطفئوا نور الله.

ولقد صاحب هذا (على أنه نتيجة له) أن قلت الحريجة الدينية عند بعض الناس، فكثر التحدث الكاذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى لقد أفزع الأمر المؤمنين، وأخذوا الأهبة للقضاء على هذه الموضوعات وكشفها، ففكر عمر بن عبد العزيز في تدوين السنة الصحيحة، ودراستها وتحرى الصادق من بين الأحاديث المروية.

(ثانيهما) أن المدينة قد نقص سلطانها العلمي، فقد كانت في عهد الصحابة خصوصاً في عهد عمر الذي يعد العهد الذهبي للاجتهاد الفقهي عش العلماء والفقهاء من الصحابة، لا يخرجون منها إلا وهم متصلون اتصالاً علمياً بها، يتراسلون في المسائل التي تحدث، لأن سنة عمر كانت تقضي باحتجاز الصحابة من قريش داخل ربوع الحجاز لا يعدوه كبراؤهم فلا يتجاوز الحرتين كبار المهاجرين والأنصار إلا بإذن منه، وهو عليهم رقيب، فلما قضى عمر، وخرجوا إلى الأقاليم صار لكل طائفة منهم مدرسة فقهية تروى عنه، وتسلك طريقه، فلما جاء عصر التابعين وهم تلاميذ أولئك الفقهاء الذين بقوا في المدينة أو نزحوا عنها، صار لكل مصر فقهاء فتباعدت الأنظار بتباعد الأمصار واختلافها، إذ كل مأخوذ بعرف إقليمه، والمسائل التي ابتلى بها ذلك الإقليم، ثم هو بعد ذلك متبع طريقة الصحابي الذي نزل بذلك الإقليم، وناقل أحاديثه التي رواها، وانتشرت بينهم عنه، فظهرت بسبب ذلك ألوان مختلفة من الفكر الفقهي، وكل يتحرى فيما يفتي به أن يكون تحت ظل الدين يستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية.

70