156

Al-Sahih al-Mathur fi Alam al-Barzakh wal-Qubur

الصحيح المأثور في عالم البرزخ والقبور

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Genres

هذا والإجماع منعقد على عدالة الصَّحابة، ولم يندّ عن ذلك إلّا من لا يُعَدُّ خلافه خلافًا، ولم يعترض إلَّا من ليس له قدم راسخة في العلم أو باع في الفهم، ولا نترك كلام الله تعالى وكلامَ النَّبيِّ ﷺ في عدالة الصَّحابة لقول أحد، أيًّا كان هذا الأحد، وأين في النَّاس من يرتقي مرتقاهم، أو يبلغ ذراهم؟ !
أحاديث توهم أَنَّ مَنْ بكاه أهله أو نِيحَ عَلَيْه عُذِّبَ بَعْدَ مَوْتِهِ
فإن قال قائل: ولكنَّ النَّبيَّ ﷺ، قال: "إِنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ" (١)، وقال ﷺ: "إِنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ" (٢)، وقال ﷺ: "إِنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ" (٣)، فكيف يرخِّص عمر ﵁ بالبكاء؟ !
فالجواب: هَذِهِ الرِّوَايَاتُ مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ وَابْنِهِ عَبْدِ الله ﵄، وهي ممّا استدركته عائشة ﵂ على الصَّحابة، وَاحْتَجَّتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ... (١٦٤)﴾ [الأنعام].
ذُكِرَ لَهَا ﵂ أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ ﵄، يَقُولُ: إِنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: "يَغْفِرُ اللهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ، وَلَكِنَّهُ نَسِيَ أَوْ أَخْطَأَ، إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ الله ﷺ عَلَى يَهُودِيَّةٍ يُبْكَى عَلَيْهَا، فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ، لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ: يَرْحَمُ اللهُ عُمَرَ، لَا وَالله مَا حَدَّثَ رَسُولُ الله ﷺ إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ

(١) البخاريّ "صحيح البخاريّ" (ج ٢/ص ٧٩/رقم ١٢٨٦) كِتَابُ الجَنَائِزِ.
(٢) المرجع السّابق.
(٣) المرجع السّابق.

1 / 157