Al-Sahih al-Mathur fi Alam al-Barzakh wal-Qubur
الصحيح المأثور في عالم البرزخ والقبور
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
Genres
الشّهيد يغفر له كلّ ذنب إلا الدّين
يَتَجَاوَزُ الله ﷻ عَمَّنْ قُتِلَ في سبيله خَطَايَاهُ كلّها إِلَّا الدَّيْنَ، قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: "يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ" (١). ذلك أنّ الدَّين من حقوق العباد، وحقوق العباد مَبْنَاهَا على المُشَاحَّةِ، أمّا حقوق الله تعالى فمَبْنِيَّة عَلَى المُسَاهَلَةِ، قال تعالى: ﴿فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (١٩٥)﴾ [آل عمران].
قَالَ رَجُلٌ: "يَا رَسُولَ الله، أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ الله، تُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله ﷺ: نَعَمْ، إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ الله، وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: كَيْفَ قُلْتَ؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ الله أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله ﷺ: نَعَمْ، وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ، إِلَّا الدَّيْنَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ ﵇ قَالَ لِي ذَلِكَ" (٢).
فالشَّهادة لا تكفّر حُقُوق الآدَمِيِّينَ وكذلك سائر الأعمال الصّالحة، فلا بدّ من إبْرَاءِ الذِّمَّةِ وأداء الدَّين والتَّوبة النَّصوح، أو أن تكون مسامحة.
مَن يؤدّي الله تعالى عنه دينه
لكن إذا كان المسلم يُرِيدُ قَضَاءَ دَيْنِهِ وفي نَفْسِهِ الوَفَاء، ومَاتَ قَبْلَ أن يَفِيَ بِهِ، وَلَمْ يُوَفَّ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا، وَفَّاهُ اللهُ تعالى عَنْه، وأرضى خصماءَه، ولَا تَبِعَةَ عَلَيْهِ
(١) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٣/ص ١٥٠٢) كِتَابُ الْإِمَارَةِ. (٢) المرجع السّابق.
1 / 121