118

Al-Sahih al-Mathur fi Alam al-Barzakh wal-Qubur

الصحيح المأثور في عالم البرزخ والقبور

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Genres

إِلَى ذَلِكَ" (١). فالدَّفن نهارًا يحضره كثير من النَّاس ويصلّون عليه، ولا يحضره في اللَّيْلِ إلا أفراد قليلون، فنهي النَّبِيِّ ﷺ عن الدَّفن ليلًا؛ لمظنّة قلَّة الحاضرين، فيفوته كثرة دعاء المسلمين المرغَّب فيه، وهذه الكثرة من مقاصد الشَّريعة، فهي أدعى لقبول شفاعتهم في الميّت. فلا حرج في تأخير الدَّفن لإعلام النّاس وتكثير المصلّين عليه، فليس هناك تضييق على المسلمين في مسألة الإسراع في الدَّفن أو الإبطاء به، فتأخير الدَّفن أو تعجيله يعود إلى مصلحة الميّت، فإذا كان في التَّأخير نفعٌ للميّت أُخِّر، كأن يشهد جنازته عدد كبير من المسلمين ليُشَفَّعوا فيه، وإن لم يكن هناك مصلحة تدعو إلى تأخيره قُدِّم إلى الدَّفن، والله أعلم. الصّحابيّ الّذي أَحْيَاهُ الله تعالى وكلمه مواجهة جِيءَ بوالد جابر (عَبْد الله بن عَمْرِو بْن حَرَام الأنصاريّ) ﵁ يَوْمَ أُحُدٍ قَدْ مُثِّلَ بِهِ، حَتَّى وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ الله ﷺ وَقَدْ سُجِّيَ ثَوْبًا، فجعل ابنه جابر يكشف الثّوب عن وجه أبيه ويبكي، فلمَّا رآه النَّبيُّ ﷺ مُنْكَسِرًا، بشَّره بأنّ الله تعالى أَحْيَا أَبَاه فكَلَّمَهُ كِفَاحًا مُوَاجَهَةً لَيْسَ بَيْنَهُمَا حجابٌ وَلَا رَسُولٌ، وهذه فَضِيلَة لم تُسْمَعْ لغيره من الشُّهَدَاءِ. عن جابر ﵁، قال: "لَقِيَنِي النَّبِيُّ ﷺ، فَقَالَ لِي: يَا جَابِرُ، مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، اسْتُشْهِدَ أَبِي وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا، فَقَالَ: أَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ الله بِهِ أَبَاكَ؟ قلت: بلى يا رسول الله، قَالَ: مَا كَلَّمَ الله أَحَدًا قَطُّ إلا من وراء

(١) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٢/ ٦٥١) كِتَابُ الْجَنَائِزِ.

1 / 119