La Risala Tadmouriya

Ibn Taymiyya d. 728 AH
5

La Risala Tadmouriya

الرسالة التدمرية

Maison d'édition

المطبعة السلفية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1399 AH

Lieu d'édition

القاهرة

أَفْلَاكٍ، كَفَلَكِ التَّدْوِيرِ وَغَيْرِهِ. فَأَمَّا مَا كَانَ مَوْجُودًا فَوْقَ هَذَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَا يَسْتَدِلُّونَ بِهِ عَلَى ثُبُوتِهِ: فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ نَفْيَهُ وَلَا إثْبَاتَهُ بِطَرِيقِهِمْ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ حَرَكَةَ التَّاسِعِ مَبْدَأُ الْحَوَادِثِ خَطَأٌ، وَضَلَالٌ عَلَى أُصُولِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الثَّامِنَ لَهُ حَرَكَةٌ تَخُصُّهُ بِمَا فِيهِ مِنْ الثَّوَابِتِ، وَلِتِلْكَ الْحَرَكَةِ قُطْبَانِ غَيْرُ قُطْبَيْ التَّاسِعِ، وَكَذَلِكَ السَّابِعُ، السَّادِسُ. وَإِذَا كَانَ لِكُلِّ فَلَكٍ حَرَكَةٌ تَخُصُّهُ وَالْحَرَكَاتُ الْمُخْتَلِفَةُ هِيَ سَبَبُ الْأَشْكَالِ الْحَادِثَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْفَلَكِيَّةِ، وَتِلْكَ الْأَشْكَالُ سَبَبُ الْحَوَادِثِ السُّفْلِيَّةِ كَانَتْ حَرَكَةُ التَّاسِعِ جُزْءَ السَّبَبِ، كَحَرَكَةِ غَيْرِهِ. فَالْأَشْكَالُ الْحَادِثَةُ فِي الْفَلَكِ لِمُقَارَنَةِ الْكَوْكَبِ الْكَوْكَبَ، فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ. وَمُقَابَلَتُهُ لَهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفُ الْفَلَكِ، وَهُوَ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ دَرَجَةً. وَتَثْلِيثُهُ لَهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا ثُلُثُ الْفَلَكِ وَهُوَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً، وَتَرْبِيعُهُ لَهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا رُبُعُهُ تِسْعُونَ دَرَجَةً، وَتَسْدِيسُهُ لَهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا سُدُسُ الْفَلَكِ سِتُّونَ دَرَجَةً، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْكَالِ إنَّمَا حَدَثَتْ بِحَرَكَاتِ مُخْتَلِفَةٍ، وَكُلُّ حَرَكَةٍ لَيْسَتْ عَيْنَ الْأُخْرَى، إذْ حَرَكَةُ الثَّامِنِ الَّتِي تَخُصُّهُ لَيْسَتْ عَيْنَ حَرَكَةِ التَّاسِعِ، وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لَهُ فِي الْحَرَكَةِ الْكُلِّيَّةِ، كَالْإِنْسَانِ الْمُتَحَرِّكِ فِي السَّفِينَةِ إلَى خِلَافِ حَرَكَتِهَا. وَكَذَلِكَ حَرَكَةُ السَّابِعِ الَّتِي تَخُصُّهُ، لَيْسَتْ عَنْ التَّاسِعِ وَلَا عَنْ الثَّامِنِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَفْلَاكِ. فَإِنَّ حَرَكَةَ كُلِّ وَاحِدٍ الَّتِي تَخُصُّهُ لَيْسَتْ عَمَّا فَوْقَهُ مِنْ الْأَفْلَاكِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ مَبْدَأُ الْحَوَادِثِ كُلِّهَا مُجَرَّدَ حَرَكَةِ التَّاسِعِ!! كَمَا زَعَمَهُ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْعَرْشَ كَثِيفٌ وَالْفَلَكُ التَّاسِعُ عِنْدَهُمْ بَسِيطٌ مُتَشَابِهُ الْأَجْزَاءِ، لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَصْلًا، فَكَيْفَ يَكُونُ سَبَبًا لِأُمُورِ مُخْتَلِفَةٍ، لَا بِاعْتِبَارِ الْقَوَابِلِ وأسباب أخر؟ ولكن

1 / 6