35

La Risala Tadmouriya

الرسالة التدمرية

Maison d'édition

المطبعة السلفية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1399 AH

Lieu d'édition

القاهرة

فكأنما صافح اللَّهَ وَقَبَّلَ يَمِينِهِ " حَيْثُ ظَنُّوا أَنَّ هَذَا وَأَمْثَالَهُ يَحْتَاجُ إلَى التَّأْوِيلِ وَهَذَا غَلَطٌ مِنْهُمْ - لَوْ كَانَ هَذَا اللَّفْظُ ثَابِتًا عَنْ النَّبِيِّ ﷺ فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَجَرَ لَيْسَ هُوَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ إذْ قَالَ: ﴿هُوَ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ﴾ فَتَقْيِيدُهُ بِالْأَرْضِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ يَدُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَا يَكُونُ الْيَدَ الْحَقِيقِيَّةَ وَقَوْلُهُ ﴿فَمَنْ صَافَحَهُ وَقَبَّلَهُ فَكَأَنَّمَا صَافَحَ اللَّهَ وَقَبَّلَ يَمِينَهُ﴾ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مُصَافِحَهُ وَمُقَبِّلَهُ لَيْسَ مُصَافِحًا لِلَّهِ وَلَا مُقَبِّلًا لِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشَبَّهَ لَيْسَ هُوَ الْمُشَبَّهُ بِهِ، وَقَدْ أَتَى بِقَوْلِهِ: " فَكَأَنَّمَا "، وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي التَّشْبِيهِ، وَإِذَا كَانَ اللَّفْظُ صَرِيحًا فِي أَنَّهُ جُعِلَ بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ، لَا أَنَّهُ نَفْسُ الْيَمِينِ كَانَ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ حَقِيقَةُ الْيَمِينِ قَائِلًا لِلْكَذِبِ الْمُبِينِ. فَهَذَا كُلُّهُ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْعَرْشُ كُرِّيَّ الشَّكْلِ، سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْفَلَكُ التَّاسِعُ أَوْ غَيْرُ الْفَلَكِ التَّاسِعِ، قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ سَطْحَهُ هُوَ سَقْفُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَهُوَ الْعَالِي عَلَيْهَا مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِمَّا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَوْقَهُ، وَأَنَّ الْقَاصِدَ إلَى مَا فَوْقَ الْعَرْشِ بِهَذَا التَّقْدِيرِ إنَّمَا يُقْصَدُ إلَى الْعُلُوِّ، لَا يَجُوزُ فِي الْفِطْرَةِ وَلَا فِي الشِّرْعَةِ مَعَ تَمَامِ قَصْدِهِ أَنْ يُقْصَدَ جِهَةٌ أُخْرَى مِنْ جِهَاتِهِ السِّتِّ، بَلْ هُوَ أَيْضًا يَسْتَقْبِلُهُ بِوَجْهِهِ مَعَ كَوْنِهِ أَعْلَى مِنْهُ، كَمَا ضَرَبَهُ النَّبِيُّ ﷺ مَثَلًا مِنْ الْمَثَلِ بِالْقَمَرِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَبَيَّنَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا إذَا جَازَ فِي الْقَمَرِ وَهُوَ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فَالْخَالِقُ أَعْلَى وَأَعْظَمُ. وَأَمَّا إذَا قُدِّرَ أَنَّ الْعَرْشَ لَيْسَ كُرِّيَّ الشَّكْلِ، بَلْ هُوَ فَوْقَ الْعَالَمِ مِنْ

1 / 36