La Lettre Arshiya
الرسالة العرشية
Maison d'édition
المطبعة السلفية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1399 AH
Lieu d'édition
القاهرة
Genres
Croyances et sectes
حَيْثُ أَمْكَنَ مِنْ الْأَرْضِ ثُمَّ يَصْعَدُ؛ لِأَنَّهُ أَيُّ مَكَانٍ ذَهَبٍ إلَيْهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَكَانِهِ أَوْ هُوَ دُونَهُ، وَكَانَ الْفَلَكُ فَوْقَهُ، فَيَكُونُ ذَهَابُهُ إلَى الْجِهَاتِ الْخَمْسِ تَطْوِيلًا وَتَعَبًا مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ أَنْ يُخَاطِبَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فَإِنَّهُ لَا يُخَاطِبُهُ إلَّا مِنْ الْجِهَةِ الْعُلْيَا، مَعَ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ قَدْ تُشْرِقُ وَقَدْ تَغْرُبُ، فَتَنْحَرِفُ عَنْ سَمْتِ الرَّأْسِ، فَكَيْفَ بِمَنْ هُوَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ دَائِمًا لَا يَأْفُلُ وَلَا يَغِيبُ ﷾؟
وَكَمَا أَنَّ الْحَرَكَةَ كَحَرَكَةِ الْحَجَرِ تَطْلُبُ مَرْكَزَهَا بِأَقْصَرِ طَرِيقٍ وَهُوَ الْخَطُّ الْمُسْتَقِيمُ فَالطَّلَبُ الْإِرَادِيُّ الَّذِي يَقُومُ بِقُلُوبِ الْعِبَادِ كَيْفَ يَعْدِلُ عَنْ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ الْقَرِيبِ، إلَى طَرِيقٍ مُنْحَرِفٍ طَوِيلٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى فَطَرَ عِبَادَهُ عَلَى الصِّحَّةِ وَالِاسْتِقَامَةِ، إلَّا مَنْ اجْتَالَتْهُ الشَّيَاطِينُ فَأَخْرَجَتْهُ عَنْ فِطْرَتِهِ الَّتِي فُطِرَ عَلَيْهَا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ إذَا قَصَدَ السُّفْلَ بِلَا عُلُوٍّ كَانَ يَنْتَهِي قَصْدُهُ إلَى الْمَرْكَزِ وَإِنْ قَصَدَهُ أَمَامَهُ أَوْ وَرَاءَهُ أَوْ يَمِينَهُ أَوْ يَسَارَهُ، مِنْ غَيْرِ قَصْدِ الْعُلُوِّ، كَانَ مُنْتَهَى قَصْدِهِ أَجْزَاءَ الْهَوَاءِ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ قَصْدِ الْعُلُوِّ ضَرُورَةً، سَوَاءٌ قَصَدَ مَعَ ذَلِكَ هَذِهِ الْجِهَاتِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْهَا.
وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ قَالَ: أَقْصِدُهُ مِنْ الْيَمِينِ مَعَ الْعُلُوِّ، أَوْ مِنْ السُّفْلِ مَعَ الْعُلُوِّ، كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَقُولُ: أُرِيدُ أَنْ أَحُجَّ مِنْ الْمَغْرِبِ، فَأَذْهَبُ إلَى خُرَاسَانَ، ثُمَّ أَذْهَبُ إلَى مَكَّةَ، بَلْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَقُولُ: أَصْعَدُ إلَى الْأَفْلَاكِ، فَأَنْزِلُ فِي الْأَرْضِ،
1 / 25