63

Les Principes Lumineux de Jurisprudence

القواعد النورانية الفقهية

Chercheur

د أحمد بن محمد الخليل

Maison d'édition

دار ابن الجوزي

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1422 AH

فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ أَمَرَ بِالسَّكِينَةِ حَالَ الذَّهَابِ إِلَى الصَّلَاةِ وَنَهَى عَنِ السَّعْيِ الَّذِي هُوَ إِسْرَاعٌ فِي ذَلِكَ؛ لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِلصَّلَاةِ فَالصَّلَاةُ أَحَقُّ أَنْ يُؤْمَرَ فِيهَا بِالسَّكِينَةِ وَيُنْهَى فِيهَا عَنِ الِاسْتِعْجَالِ.
فَعُلِمَ أَنَّ الرَّاكِعَ وَالسَّاجِدَ مَأْمُورٌ بِالسَّكِينَةِ مَنْهِيٌّ عَنِ الِاسْتِعْجَالِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى، لَا سِيَّمَا وَقَدْ أَمَرَهُ بِالسَّكِينَةِ بَعْدَ سَمَاعِ الْإِقَامَةِ الَّذِي يُوجِبُ عَلَيْهِ الذَّهَابَ إِلَيْهَا، وَنَهَاهُ أَنْ يَشْتَغِلَ عَنْهَا بِصَلَاةِ تَطَوُّعٍ وَإِنْ أَفْضَى ذَلِكَ إِلَى فَوَاتِ بَعْضِ الصَّلَاةِ، فَأَمَرَهُ بِالسَّكِينَةِ وَأَنْ يُصَلِّيَ مَا فَاتَهُ مُنْفَرِدًا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ مُقَدَّمًا عَلَى الْإِسْرَاعِ إِلَيْهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي شِدَّةَ النَّهْيِ عَنِ الِاسْتِعْجَالِ إِلَيْهَا، فَكَيْفَ فِيهَا؟
يُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا رَوَى أبو داود عَنْ أبي ثمامة الحناط عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَلَا يُشَبِّكَنَّ يَدَيْهِ فَإِنَّهُ فِي صَلَاةٍ» " فَقَدْ نَهَاهُ ﷺ فِي مَشْيِهِ إِلَى الصَّلَاةِ عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الْكَلَامِ وَالْعَمَلِ لَهُ مُنْفَرِدًا، فَكَيْفَ يَكُونُ حَالُ الْمُصَلِّي نَفْسِهِ فِي ذَلِكَ الْمَشْيِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؟ فَإِذَا كَانَ مَنْهِيًّا عَنِ السُّرْعَةِ وَالْعَجَلَةِ فِي الْمَشْيِ، مَأْمُورًا بِالسَّكِينَةِ وَإِنْ فَاتَهُ بَعْضُ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يُصَلِّيَ قَاضِيًا لَهُ، فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِالسَّكِينَةِ فِيهَا.
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ ﷿ أَمَرَ فِي كِتَابِهِ بِالسَّكِينَةِ وَالْقَصْدِ فِي الْحَرَكَةِ وَالْمَشْيِ مُطْلَقًا فَقَالَ: ﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ﴾ [لقمان: ١٩] [لُقْمَانَ: ١٩]، وَقَالَ تَعَالَى:

1 / 83