مجلس الشافعي ، فقال البويطي: أنا أحق به منك، وقال الآخر كذلك، فجاء الحميدي - وكان تلك الأيام بمصر - فقال: قال الشافعي: ليس أحد أحق بمجلسي من يوسف - يعني البويطي - وليس أحد من أصحابي أعلم منه".

فقال له: إبن عبد الحكم: كذبت. قال له: كذبت أنت وأبوك وأمك.

وغضب إبن عبد الحكم، وجلس البويطي في مجلس الشافعي، وجلس إبن عبد الحكم في الطاق الثالث ولم يلبث أن ترك المذهب الشافعي، وعاد إلى مذهب مالك مذهب أبيه، ثم انتهت به الحال إلى أن صنف كتاباً سماه "الرد على الشافعي فيما خالف فيه الكتاب والسُنة" ولئن كان له أن يرد على من شاء إذا رأى أنه أخطأ، ما كان له أن يسمي كتابه هذه التسمية القبيحة، والشافعي أستاذه، ومنه تعلم القياس والحجة والدليل ومجادلة المخالفين.

أعلمه الرماية كل يوم

فلما اشتد ساعده رماني

وكم علمته نظم القوافي

فلما قال قافية هجاني

ولقد نالته بعد هذا التصنيف محنة صعبة في دعوته إلى القول بخلق القرآن، ولم تدعه إلا بشر عظيم.

ولكم كان الشافعي حكيماً باستخلافه البويطي، فقد تخرجت على يديه أئمة تفرقوا في البلاد، ونشروا علم الشافعي في الآفاق.