ومن لم تبلغه الدعوة فلا يجوز له قتاله، الا بعد الانذار والتعريف بما يتضمنه الدعوة مما قدمنا ذكره، فاذا علم ما ذكرناه ولم يقبل ذلك قوتلوا وقتلوا، فان كانوا من أهل الجزية وأجابوا إلى دفعها لم يقاتلوا ولم يقتلوا وقبل ذلك منهم، وتركوا على ما هم عليه من دينهم، فان لم يكونوا من أهل الجزية فعل بهم من القتل وغيره ما قدمناه
«باب الأمان وأحكامه»
الأمان جائز في شريعة الإسلام، لقوله سبحانه وتعالى لرسوله (صلى الله عليه وآله) «وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله» (1) الاية، ولأنه (صلى الله عليه وآله) فعل ذلك عام الحديبية، ولأنه (صلى الله عليه وآله) أيضا أمضاه لأم هاني بنت ابى طالب في فتح مكة لما أجارت رجلا، فقال «عليه وآله السلام أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت».
فإن كان العاقد للأمان الإمام (ع) جاز ان يعقده لجميع المشركين في سائر الأماكن والأقاليم كلها، لأن إليه النظر في جميع أمور الدنيا والدين ومصالح الإسلام والمسلمين كافة. وان عقد واحد من خلفائه وولاته على صقع من الأصقاع أو إقليم من الأقاليم، جاز له مع من (2) يليه من المشركين، ولا يتجاوز ذلك الى غيره الى ما يلي جهة لم يجعل اليه النظر فيها ولا تدبير مصالحها وسياستها.
فان كان العاقد واحدا من المسلمين، جاز له ذلك من الواحد والعشرة، ولا يجوز فعله لذلك مع جميع أهل بلد أو صقع، لأنه ليس له النظر في ذلك، فاذا كان ذلك جائزا للواحد من المسلمين، لا يخلو من ان يكون هذا الواحد كامل العقل أو غير كامل العقل، فان كان كامل العقل لم يخل من ان يكون رجلا أو أمرية، فإن كان رجلا لم يخل من ان يكون حرا أو عبدا، فان كان عبدا جاز له ذلك على خلاف فيه، وان كان حرا جاز له ذلك بلا خلاف فيه، وان كانت امرأة، جاز لها ذلك لما ذكرناها من فعل «أم هاني».
Page 305