Al-Muhaddith al-Fasil bayn al-Rawi wal-Wa'i
المحدث الفاصل بين الراوي والواعي
Chercheur
د. محمد عجاج الخطيب
Maison d'édition
دار الفكر
Numéro d'édition
الثالثة
Année de publication
1404 AH
Lieu d'édition
بيروت
Genres
Science du hadith
مِنْ كَلَامٍ لَهُ: نَبَغُوا فَعَابُوا النَّاظِرِينَ الْمُمَيِّزِينَ وَبَدَّعُوهُمْ، وإِلَى الرّأْيِ وَالْكَلَامِ فَنَسَبُوهُمْ، وَجَعَلُوا الْعِلْمَ الْوَاجِبَ طَلَبَهُ، الدَّوَرَانَ وَالْجَوَلَانَ فِي الْبُلْدَانِ، لِالْتِمَاسِ خَبَرٍ لَا يُفِيدُ طَائِلًا، وَأَثَرٍ لَا يُورَثُ نَفْعًا فَأَسْهَرُوا لَيْلَهُمْ، وَأَظْمَأُوا نَهَارَهُمْ، وَأَتْعَبُوا مَطِيَّهُمْ، وَاغْتَرَبُوا عَنْ بِلَادِهِمْ، وَضَيَّعُوا مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ خُلَفَائِهِمْ، وَعَقُّوا الْآبَاءَ وَالْأُمَّهَاتِ، فَتَعَجَّلُوا الْمَأْثَمَ بِتَضْيِيعِ الْوَاجِبِ وَالْحُقُوقِ، وَحَرَمُوا أَنْفُسَهُمُ التَّلَذُّذَ بِمُعَاشَرَةِ الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ، وَطَابَتْ أَنْفُسُهُمْ لَهَا فَحُرِمُوا لَذَّةَ الدُّنْيَا، وَاسْتَوْجَبُوا الْعِقَابَ فِي الْآخِرَةِ، فَهُمْ حَيَارَى كَالْأَنْعَامِ، إِنْ سُئِلُوا عَنْ مَسْأَلَةٍ، قَالُوا: هَلْ حَدَثَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى تَقُولَ فِيهَا؟ فَإِنْ قِيلَ لَهُمْ: هِيَ نَازِلَةٌ قَالُوا: مَا نَحْفَظُ فِيهَا شَيْئًا، فَإِنْ سُئِلُوا عَنِ السُّنَنِ، يَقُولُ خَطِيبُهُمْ: مَا تَحْفَظُونَ فِيمَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، وَفِي أَسْلَمَ سَالَمَهَا اللَّهُ وَفِي قَوْلِهِ أَمَّا بَعْدُ وَقَالَ الْمُعَارِضُ لِصَاحِبِ هَذَا الْكَلَامِ: تَهَيَّبُوا كَدَّ الطَّلَبِ وَمُعَالَجَةِ السَّفَرِ، وَبُعِلُوا بِحِفْظِ الْآثَارِ، وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ، وَاخْتَلَفَ عَلَيْهِمْ طَرَائِقُ الْأَسَانِيدِ، وَوُجُوهُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، فَآثَرُوا الدِّعَةَ، وَاسْتَلَذُّوا الرَّاحَةَ، وَعَادُوا مَا جَهِلُوا، وَعَلَى الْمَطَامِعِ تَأَلَّفُوا، وَفِي الْمَآثِمِ وَالْحُطَامِ تَنَافَسُوا، وَتَبَاهُوا فِي الطَّيَالِسِ وَالْقَلَانِسِ، وَلَازَمُوا أَفْنِيَةَ الْمُلُوكِ، وَأَبْوَابَ السَّلَاطِينِ، وَنَصَبُوا الْمَصَايِدَ لِأَمْوَالِ الْأَيْتَامِ، وَالْإِغَارَةِ عَلَى الْوقُوفِ وَالْأَوْسَاخِ وَاقْتَصَرُوا عَلَى ابْتِيَاعِ صُحُفٍ دَرَسُوهَا، وَاسْتَعَدُّوا الشَّغَبَ عَلَيْهَا، فَإِنْ
1 / 217