فصل: فأمَّا غيرُ النَّبِيذِ من المائِعَات، [غيرِ الماء] (٣٥)، كالخَلِّ، والمَرَقِ، واللَّبَنِ، فلا خلافَ بين أهلِ العِلْم، فيما نعلم، أنه لا يجوز بها وُضوءٌ ولا غُسْلٌ، لأنَّ اللهَ تعالى أثْبَتَ الطُّهُورِيَّةَ للمَاءِ بقولِه تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ (٣٦)، وهذا لا يقَعُ عليه اسْمُ الماءِ.
ومنها، أنَّ المُضافَ لا تحصُل به الطَّهَارةُ، وهو على ثلاثةِ أضْرُب:
أحدها؛ ما لا تَحصُل به الطَّهارةُ رِوَايةً واحدة، وهو ثلاثة (٣٧) أنواع:
أحدها، ما اعْتُصِر من الطَّاهِرات، كماء الورد، وماء القَرَنْفُلِ، وما يَنِزُّ (٣٨) من عُروقِ الشَّجَرِ إذا قُطِعَتْ رَطْبةً.
الثاني، ما خالطَه طاهِرٌ فَغَيَّرَ اسْمَه، وغلَب علَى أجْزائِه، حتى صار صِبْغًا، أو حِبْرًا، أو خَلًّا، أو مَرَقًا، ونحو ذلك.
الثالث، ما طُبِخَ فيه طاهِرٌ فَتَغَيَّر به، كماء الباقِلَّا المَغْلِىّ.
فجميعُ هذه الأنواع لا يجوزُ الوُضُوءُ بها، ولا الغُسْل، لا نَعْلَم فيه خلافًا، إلَّا ما حُكِىَ عن ابن أبى لَيْلَى (٣٩) والأَصَمِّ (٤٠)، في الْمِيَاهِ الْمُعْتَصَرةِ، أنها طَهُورٌ يَرْتَفِع بها الْحَدَثُ، ويُزالُ بها النَّجَسُ.
ولأَصْحابِ الشَّافِعِيِّ وَجْهٌ في ماء الباقِلَّا المَغْلِىّ، وسائِرُ مَنْ بلَغنا قولُه مِن أهلِ العلم على خِلافِهم.
قال [أبو بكر] (٤١) بن المُنْذِر: أجْمَعَ كلُّ مَن نحْفَظُ قولَه مِن أهلِ العلم أن