الطَّهُورُ مُتَعَدِّيًا لم يكنْ ذلك جَوابًا للقومِ، حيث سألوه عن التَّعَدِّى، إذ ليس كلُّ طاهرٍ مُطَهِّرًا، وما ذكروه لا يَسْتَقيم؛ لأنَّ العربَ فرَّقتْ بين الفاعِل والفَعُول، فقالت: قاعد لمن وُجِدَ منه القُعود، وقَعُود لمن يتكرَّر منه ذلك، فَينْبَغِى أنْ يُفَرَّق بينهما ها هنا، وليس إلَّا مِن حيثُ التَّعَدِّى واللُّزُومُ.
١ - مسألة؛ قال أبو القاسم، ﵀: (وَالطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ الْمُطْلَقِ الَّذِى لَا يُضَافُ إِلَى اسْمِ شَىْءٍ غَيْرِهِ: مِثْلُ مَاءِ الْبَاقِلَّا، وَمَاءِ الْوَرْدِ، وَمَاءِ الحِمَّصِ، ومَاءِ الزَّعْفَرَانِ، وَما أشْبَهَهُ، مِمَّا لَا يُزَايِلُ اسْمُهُ اسْمَ الْمَاءِ في وَقْتٍ)
قوله: "والطهارة" مبتدأٌ خبرُه محذوف، تقديرُه: والطهارةُ مُباحةٌ، أو جائزة، [أو حاصِلَةٌ] (١)، ونحو ذلك، والألفُ واللَّام للاسْتِغْراق، فكأنَّه قال: وكلُّ طهارةٍ جائزةٌ بكلِّ ماءٍ طاهِرٍ مُطْلَقٍ، والطاهِرُ: ما ليس بنَجِسٍ. والمُطْلَقُ: ما ليس بمُضَافٍ إلى شيءٍ غيرِه. وهو معنى قوله "لا يُضافُ إلى اسْمِ شيءٍ غيرِه". وإنما ذكَره صِفَةً له وتَبْيينًا، ثم مَثَّلَ الإِضافَة، فقال: "مثلُ ماءِ البَاقِلَّا، وماءِ الورد، وماءِ الحِمَّصِ، وماءِ الزَّعْفَران، وما أشْبَهه".
وقوله: "ممَّا لا يُزايلُ اسمُه اسْمَ الماءِ في وقتٍ"، صفةٌ للشئِ الذي يُضافُ إليه الماءُ، ومعناه: لا يفارِقُ اسمُه اسْمَ الماء. والْمُزَايَلَةُ: المُفارَقة؛ قال اللهُ تعالى: ﴿لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ﴾ (٢)، وقال أبو طالِبٍ (٣):